الفصل ال٢٢

2.9K 72 6
                                    

تنظر إليه من خلف نظراتها الشمسية تراقبه عن كثب تتأمل تجهمه وغضبه وابتعاده عن الجميع بعد أن أنهوا تناولهم للطعام ليتحرك بملامح جامدة ووجه متجهم وغضب يطل من عينيه ليرمقها بنظرة شعرت بها أنه يتوعدها فترتعد رغم عنها لتنظر إلى سبب غضبه الصادح من كل خلية في جسده - فستانها الصيفي- الذي ترتدي فتزدرد لعابها وهي تسب أميرة التي انتقته لها بعدما أخبرتها بتعنته معها، لقد رفضت أول الأمر واعترضت لأنه مكشوف أكثر من الحد المسموح به ولكن أميرة أصرت عليها أن ترتديه ، لتهتف لاحقا بانبهار وهي تراه عليها : رائع
بينما هي شهقت بصدمة لتعلن اعتراضها على صدره المكشوف فتعالج أميرة الأمر وهي تضيق حمالتيه الرفيعتين من الخلف فترفع صدره الساقط قليلا لتخفي كامل نهديها ولكن ظل نحرها بأكمله عاريا وأول ظهرها من الخلف مكشوفين بالكامل فأسدلت خصلاتها لتخفي قليلا من ظهرها وتمتمت بالشكر لله لأن جزئه السفلي يغطي ساقيها بالكامل لتخطو إلى الخارج ببطء فانقلبت ملامحه حينما وقع نظره فوقها ، سحبت نفسا عميقا وهي تتذكر صدمته الجلية التي سكنت عيناه لتنقلب في لحظة إلى غضب وغيرة ظهرت في اهتزاز حدقتيه لكن سرعان ما تجهم وجهه وأشاح به بعيدا عنها ليتجاهلها تماما حتى اعتزل الجلسة بأكملها وابتعد عن الجميع ، زفرت بقوة وهي تتأمل وقفته البعيدة يشد جسده باستقامة يضع كفيه بداخل جيبي شورته الكاكي يستقبل هواء البحر بصدره العريض الظاهر من بين حافتي قميصه الأبيض المفتوح على مصرعيه ، مستمتعا برائحة اليود التي تهب عليه من موجات البحر المتتالية و شاردا في الأفق الصاف من أمامه وكأنه التجئ إلى البحر برياحه الهادئة الباردة ليهدأ من حرقة ضيقه وفورة غضبه منها .
ابتسمت رغم عنها وعقلها يذكرها بكلمات أميرة إذا غضب فهو يغار ، ومعنى غيرته أنه يهتم بأكثر من كونه صديق كما يلمح إليها في كل مرة يتحدثا بها سويا .
انتبهت إلى نداء عمتها التي أشارت إليها بالاقتراب لتناولها إيمان طبقين من أطباق الحلوى التي أعدتها زوجة عمها هامسة بحنو : أحدهم لك والآخر لأسعد الذي يعتزلنا بعيدا ، لا أعلم ما باله وما الذي أغضبه؟ ألقتها وهي تنظر إلى فستانها بطرف عينها لتتبع بهدوء - كما لا أعلم ما الذي حدث لترتدي هذا الفستان الجريء رغم أنها ليست عادتك .
اخفضت عيناها بحرج فزفرت إيمان بقوة وتابعت : الظهيرة تطلين علينا بشورت قصير والآن هذا الفستان المكشوف ، هل أذابت الشمس عقلك أم ماذا ؟!
ردت بتلعثم : جامب سوت يا عمتي .
عبست إيمان لترمقها بحدة : هل هذا ما يهمك ، أشاحت إليها بكفها -اذهبي وتحدثي مع هذا الغاضب وراضيه إذا كنت سبب غضبه وحكمي عقلك قليلا لتجبريه على البوح بدلا من الصمت الذي يغلفكما سويا .
تخضبت وجنتيها بحمرة خجل وابتسمت بتوتر وأومأت بالإيجاب قبل أن تتحرك باتجاهه فعليا ، رمقتها إيمان بنظرات مترقبة لما سيحدث معهما تبتسم بشقاوة وهي تراقب أسعد الذي التفت بمفاجأة ارتسمت على ملامحه بوضوح حينما أستمع إلى اسمه بصوت ابنة أخيها التي اقتربت منه وهي تبتسم برقة تمتاز بها ، دهشته تحولت إلى غضب وهو يستدير ثانية فيبعد نظره عن جنى التي اقتربت أكثر منه تحمل طبقي طعام تشير إليه بأحدهما وتهتف برقة : هذا نصيبك من الحلوى ، عمتي ترسله لك .
رمقها قليلا قبل أن يتناول الطبق بحدة ظهرت في حركته مهمهما بالشكر ازدرت لعابها ببطء قبل أن تهمس إليه سائلة : هل أنت غاضب ؟
رد بجفاء : مما ؟
أجابته بعفوية وهي ترفع نظارتها الشمسية فتبعد خصلاتها للخلف بعيدا عن صفحة وجهها : مني .
رفع حاجبه ليرمقها قليلا قبل أن يسأل بصوت خشن : لماذا؟ هل ترين أنك فعلت شيئا ما يغضبني ؟
أجابت بمراوغة تعمدتها : بالعكس أنا أبدلت ملابسي التي لم ترق لك .
هدر بحدة : نعم أبدلتها لترتدين هذا الفستان الذي لا أجد له وصفا مناسبا لحالته .
ارتعدت بخفة أمام غضبه الهادر لتجيب بتلعثم وهي تهرب بعينيها من نظراته الحانقة : ما باله فستاني ؟
أطبق فكيه فانتفضت بسبب صرير أسنانه الذي ظهر واضحا ليسألها بحدة : هل ترينه مناسبا يا جنى ؟ هل ترين أن من الطبيعي أن يكون صدرك وظهرك مكشوفين هكذا ؟!
شدت صدر الفستان لترفعه قليلا لتغمغم ووجهها يحتقن بقوة : صدري ليس مكشوف .
هدر بحدة : ماذا تفعلين ؟ هل جذبك إليه سيخفي ما ظهر ورآه كل الموجودين .
رجفا جفنيها وهي تشعر بالندم لاستماعها إلى ابنة عمها ولكنها أجابت بعناد : لن ينظر لي أحدا ، إنهم أهلي .
ارتفعا حاجبيه لتسكن الصدمة حدقتيه قبل أن يزمجر بغضب : لا والله ، أصمتِ من الأفضل لك يا جنى .
تبرمت بطفولية : أنت تريد الغضب مني دون سبب ، لقد استمعت إلى نصيحتك وأبدلت ملابسي لشيء آخر لتغضب أيضاً .
هزت كتفيها بدلال طفولي عفوي : لا أدرى ماذا أفعل حتى لا تغضب .
تعلقت عيناه رغم عنه بكتفيها الهشين لتهب رائحتها فتملئ أنفاسه لينغلق حلقه فيجيبها بصوت أبح : أبدلي الفستان لأحد ملابسك المعتادة يا جنى ، فليس من حقك أن تظهري للجميع ما يجب أن تخفيه .
رفعت نظرها لتتعلق بحدقتيه الوامضتين فتسأله بصوت أظهر رجاءها : هل هذه نصيحتك كصديق ؟
افتر ثغره عن بسمة شرسة ليجيبها متسائلا : أليس هذا ما تريدينه يا جنى ؟ أن أكون صديقك المقرب .
تمتمت بندم : هل هناك صفة أخرى غير الصداقة تقوى على جمعنا سويا ؟
لانت ملامحه لتشرق عيناه بضحكة ماكرة ليجيب : هناك الكثير .
ردت سريعا : مثل ؟
اسبل جفنيه لتلتوي شفتيه بابتسامة جانبية فتتورد بعفوية : فكري قليلا ستجدين الكثير من الصفات ، التي تعجبك فيهم أخبريني عنها وأنا سألتزم بها .
همست بخفوت : هل لديك اقتراحات ؟
هز رأسه بحركة صغيرة تعبر عن نفيه : بل فكري بنفسك وتوصلي للإجابات وسأنتظر ردك يا جنى
رمشت بعينيها كثيرا لتهمهم بتلعثم : سأذهب وأبدل ملابسي .
ألقتها وتحركت عائدة ليراقبها بعينيه تتجه نحو شاليه عمها ليعبس بضيق وهو يفكر أن وجودها في الشاليه مع أبن عمها وزوج ابنة عمها غير لائق ليعتلي التفكير ملامحه وهو يفكر أنه سيقنعها بالمبيت مع زوجة أبيها أفضل من شاليه عمها ، شاليه زوجة أبيها القريب جدا من الشاليه الذي تسكنه أسرته .
***
مالت إليه قليلا لتهمس بجوار أذنه بعد أن انبهته بنقرة خفيفة من سبابتها على ساعده القريب منها : هل هذا هو؟
نظر إليها بتساؤل عمن تتحدث فأشارت بإيماءة خفيفة من رأسها نحو أسعد الواقف أمام جنى يتحدث إليها مظهره عادي ولكن وجه ابنته المحتقن يعلن عن الحديث الغير عادي بينهما ، فأومأ برأسه إيجابا لتهمهم بحبور : أنه رائع ، أتبعت سريعا - لماذا ترفضه؟
اعتدل لينظر إليها من طرف عينه مرددا : رائع ؟!
توردت رغم عنها لتهمس باتزان : قصدت أنه شاب مثالي يناسبها فلماذا ترفضه ؟أكملت برزانة - أعتقد أيضا أنها تحبه .
ابتسم أحمد برزانة : نعم تحبه وهو الآخر يحبها .
نظرت إليه بدهشة فأكمل بجدية وصوت منخفض : إنه يصغرها بعامين أو ثلاث على الأكثر .
رفعت حاجبيها بتعجب لتسأله بجدية : هل هذا سبب رفض ابنتك ؟
هز كتفيه : على ما أعتقد هي لم تصرح يوما ولكني أعتقد ذلك .
هزت رأسها باستهجان : إنها مخطئة شاب مثله لا يترك وخاصة أنه يريدها .
عبس قليلا ليسألها : هل أعجبك لهذه الدرجة ؟! نظرت إليه بعدم فهم فأكمل بمشاكسة - لدرجة أن تغازلي الولد أمامي وعلنا .
تضرجت وجنتيها بالأحمر القاني لتهمهم : بالطبع لا ، إنه بعمر أولادي فقط أخبرك برأيي فيه .
ضحك بخفة : يا سلام ، رأيك فيه أنه رائع .
نظرت إليه بضيق لتهمس بجدية : انظر إليه وأخبرني ، ألا تجده رائعا أنت الآخر ؟
جلجلت ضحكته رغم عنه لتعض شفتها السفلية بحرج وتنظر إليه بعتب قبل أن تنظر من حولها : توقف يا أحمد من فضلك .
سيطر على ضحكاته ليهمس لها : أنت جبارة يا آنسة لمياء تريدينني اوافقك الرأي واغازل الولد بدوري
ابتسمت رغم عنها وهي تلتقط نظراته المشاكسة : بل أريدك أن تشهد بالحقيقة ، أليس الفتى رائعا وابنتك مخطئة فيم تفعله ؟
اقترب برأسه منها : أنت هي الرائعة يا لوما ،أتبع وعيناه تنبض بالحياة - وأنت محقة في كل حرف نطقته .
أخفضت عيناها بحياء تملكها ليهمس بصوت اجش : أعتقد أن علينا تحديد موعد الزفاف ، فمازن يكاد يطير فرحا لأجل ارتباطي بك وجنى تقبلت الأمر كما أردت وتتجه إلى ما أريده منها .
تحاشت النظر إليه لتهمهم : ولكن
قبض على كفها بحنان ليلامس أصابعها القصيرة برقة : أريدك بجوارها وهي تتحضر للعرس يا لميا، ستحتاجك أعرف هذا جيدا مهما كان يدور من حولها الجميع عمتها .. زوجتي عمها وحتى حماتها التي احتضنتها كثيرا من قبل ستبحث عن أمها ، وحينها ستتجه نحوك جنى ذات قلب طيب وستلجئ إليك وأنا أريدك بجوارها.
ابتسمت لتلامس كفها بإبهامها تضغط عليه بلطف : لك ما تريد يا أحمد .
ومضت عينا بارتياح غمره ليبتسم برزانة ، يتمسك بكفها يضمه في راحته بحنو ويضغط عليه بشكر وامتنان دفعا الإبتسامة إلى شفتيها لتراقب جنى العائدة نحوهم تخطو إلى الداخل في خطوات سريعة أثارت انتباهها ، لتنهض واقفة تستأذنه أنها تريد الذهاب إلى دورة المياه لتنادي جنى تستوقفها قبل أن تهمس إليها حينما اقتربت منها ببطء : هلا صحبتني لدورة المياه ؟
أومأت جنى برأسها لتهمهم إليها : تفضلي ، تعالي هناك واحدة ملحقة بغرفتي .
ابتسمت لميا وهي ترافقها للداخل تبتسم برقة وتثرثر إليها في حديث عادي استجابت إليه جنى بعفوية ورقة والفة جمعت بينهما .
***
تستلقى على أريكة من أرائك البحر المتناثرة على طول امتداد الشاطئ الخاص بشاليهات آل الجمال ، إنها تحب المكان هنا ، فهو هادئ .. جميل .. والبحر به صاف ، كم تعشق البحر والسباحة فيه ، ابتسمت وهي تتكأ للخلف تنظر للشمس التي قاربت على المغيب فتتجه نحو مبيتها في أخر البحار ، تسقط فتعانق أمواجه بشراراتها اللاهبة ليختفي وهجها في مياهه الباردة .
تنفست بعمق وهي تشعر بالراحة تخيم عليها قبل أن يظهر في محيطها يقف أمامها بأول البحر فتداعب الأمواج قدميه وتغرق أول ساقيه بدفعات متتالية ، يتحدث إلى أخيها الذي يثرثر بمرح وبلغة انجليزية مع الشقراء الفاتنة المنجذبة إلى حديث عادل بلهفة وعيناها تومض بإثارة ناتجة عن قصص أخيها التي لا تنتهي ، حديث ثلاثي نشأ أمامها وعلى مسمع منها فجذب انتباهها إلى الأخرى التي تريد السباحة وخاصة أنها لم تذهب للشاطئ بصحبة عاصم كما وعدها الأخير ، فتطلب من عمار أن يصحبها إلى هناك فيرفض بهدوء وهو يتحاشى الحديث معها كما يبدو لها ، فتتدلل الأخرى وتطلب منه أن يصحبها إلى السباحة هنا في البحر بعد أن استفهمت منه عن صلاحية الشاطئ للسباحة من عدمها فأكد عادل أن البحر هنا رائع وهو يخلع قميصه القطني عن عنقه لتضحك الأخرى وتهتف بحبور أنها سترافقه في السابحة ، توقف عادل لوهلة بعد أن غمر نصفه السفلي بالمياه ليهتف بعمار وبعربية لاجئا إليها حتى لا تفهم كاترينا حديثه : تعال يا عمار لا تتركني بمفردي ، اتبع بمرح - البحر عال اليوم .
قهقه عمار ضاحكا ليهتف به : احترم نفسك يا عادل .
أجاب عادل : لأني أريد احترام نفسي أطلب منك أن تأتي معي يا عمار ، ف....
صمت أخيها وعيناه تقع على الأخرى التي برزت أمامهم برداء سباحتها ذو القطعتين بلون أسود منقط ببقع بيضاء كبيرة ، فيعاود عادل الخروج بخطوات سريعة للخارج ليقف خلف عمار هاتفا بجدية : أخبرها بهذا الأمر .
ضحكات عمار المتعالية أجبرتها على الابتسام وخاصة حينما هتف بعادل : لماذا يا أسد يا قاهر المحيطات ؟
رد عادل بتفكه : نعم المحيطات وليس حوريات البحر .
ضج المكان من حولها بضحكاته التي اهتز اليها جسده من أمامها ليلكزه عادل بخفة : أرني أنت قوتك يا كازانوفا .
زفر بقوة ليهمس بجدية : لا أريد .
ارتفع حاجبي عادل بتعجب قبل أن يصدح صوت كاترينا التي نزلت بالفعل إلى المياه لتدعوهم إلى النزول قبل ان تبدأ برشهم بالمياه فيهتف عمار بجدية : توقفي يا كاتي .
لم تستمع إليه لتدفع المياه بقوة نحوه فتغرقه مياه البحر ليتأفف وهو يعود بخطواته للخارج قليلا : أخبرتك أن تتوقفي .
القاها بحزم هذه المرة قبل أن يخلع قميصه القطني المبتل مستقبلا أخر أشعة الشمس على جذعه ، رجف جفنيها وهي تنظر إلى ظهره العاري الواضح أمامها تحت ضوء الشمس فتتأمل تلك البقع البنية المتناثرة عليه بوضوح والتي كانت تميز بشرته في سنوات مراهقته الأولى ، ابتسمت بخجل من نفسها وهي تتذكر ولعها الماضي بالنظر إلى وجهه وتلك البقع تملاه فهي كانت تعشقها رغم تعرضه بسببها لمضايقات كثيرة من أصدقائه وخاصة ابنة عمه التي كانت تثير غيظه حينما تسخر من كونه ولدا وجهه مزين بالنمش كالفتيات فيتشاحنا دوما ، كادت ضحكتها أن تنفلت منها وهي تستعيد تلك المرة التي هزأت به نوران أمام الجميع وهي تصيح بميوعة " ياكي ما هذه البقع بلونها المقرف ألا تستطيع ازالتها يا عمار ؟! " حينها آثر الصمت وهو يرمقها بغضب لتتبع نوران بسخرية حقيقية وهي تتحرك بعيدا عنهم " لم أرى ولدا من قبل لديه نمش "
حينها توقفت وملامحها تتزين بحرج حينما قابلتها عينا خالتها الصارمة على الدوام والتي رمقتها بحدة سائلة بجدية : هل يضايقك النمش يا نوران هانم ؟!
تلعثمت نوران وهمهمت بخفوت : لا أنا أتعجب من كونه شيء خاص بالفتيات وهو ليس بفتاه
رفعت ياسمين حاجبها بالاعتراض لتهمهم بجدية : إذًا اسمعي يا ابنة الوزير ، لأنها ليست المرة الأولى التي تضايقين فيها عمار وليست المرة الأولى التي تضايقينه بذاك الأمر ، فاحذري أن أستمع إليك تسخرين منه أو من النمش الذي يزين وجهه لأني حينها سأعاقبك ، حينها ارتعدت نوران بخوف لتتابع ياسمين وهي تربت على كتفها بحزم : فليس من اللائق أن تسخري من خلقة الله لعبادة ، وما تفعلينه الآن يعد تنمر ، وأنت تدريكن معنى التنمر أليس كذلك ؟
حينها تخضب وجه نوران بحمرة الحرج لتهز رأسها بالإيجاب فتبتسم ياسمين برقة محببة تلجئ إليها بعض الأوقات لتتابع : ثم أن عمار ورث هذا النمش مني ، ولا أعتقد أن شكلي يثير استياء حضرتك
احتقنت ملامح نوران واخفضت رأسها لتهزها نافية فتتبع ياسمين بمشاكسة : أعلم أني جميلة وحتى إن لم تري هذا يا ابنة فاطمة فأنا واثقة بنفسي ، ولتعلمي أن عمار سيغدو ولدا رائعا وستتهافت عليه الفتيات ، عبست نوران بغير رضا لتتابع ياسمين بجدية - لذا ابتعدي عنه وتوقفي عن مضايقته حتى لا أخبر فاطمة .
تسللت التسلية إلى ثغرها وهي تتذكر زهوه في الأيام التي تلتها توقفت حينها نوران عن مضايقته والسخرية منه وعلى مدار سنوات تلتها إلى أن بلغ شبابه واختفى النمش من وجهه نهائيا .
رمشت بعينيها كثيرا وهي تزدرد لعابها بحرج استعادته مع تلك الذكرى التي تخجل منها حينما سألته ببراءة إحدى المرات وهي معه : هل لازال لديك نمش يا عمار ؟
حينها تغضن جبينه بغضب وهمس بحدة : لماذا تسألين ؟
يومها خجلت أن تخبره عن ولعها ببقعه البنية التي كانت تزين بشرته فتهمهم بلا شيء فيبدل الأمر الذي أثار انزعاجه ، رفعت عينيها إليه ثانية لتجد إجابة سؤالها تنتشر بكثرة على جسده العار أمامها ، كحت بحرج وهي تخفض عينيها من جديد لتنتفض على همسة نادر الذي استلقى بالمقعد مجاورا لها : هل يغويك الطبيب ؟
شهقت بخجل وتذمرت : هل جننت يا نادر ؟ إنه يقف مجاورا لأخي .
رفع حاجبه وهمس ساخرا :حقا ؟! وهل وقوفه جنب أخيك لا يجعله يغويك ، ثم أخيك منشغلا بهذه الشقراء التي تتراشق معه المياه كالأطفال ، ضحكت بخفة فاتبع بحنق - لا أفهم ما الذي يوقفه أمامك ليتخلص من ملابسه ألا يكفيه الشاطئ بأكمله ليأتي أمامك ويقرر السباحة
ضحكت برقة : أنت ذو تفكير ملتوي يا نادر .
رفع عينيه لها : بل أنا شاب أعلم ما يفعلونه بنو جنسي .
نظرت له بطرف عينها لتهمس بخفوت : وهل تتوقع أني سأتأثر برؤيته ؟
ابتسم بحنو ليقترب منها ناظرا إلى عينيها: أو لم يحدث ، ألم تتأثري به برؤيته .. بوجوده .. بعودته ؟
تهدجت أنفاسها لتهمهم : لن أكذب واقول أني لم أتأثر ، بل كل دقيقة تمر علي وهو بالجوار تؤثر في ، كل مرة يحوم فيها حولي .. يعتذر مني .. يتوسل صفحي أتأثر ، قلبي يضعف من تواجده وروحي تتعلق به ولكن عقلي لا يهدأ ولا يتناسى ، وكرامتي تأبى التقبل لذا أخبرك بهدوء أنه مهما فعل لن أضعف ، لأني لن أغفر لنفسي إذا ضعفت واستجبت إليه .
أومأ برأسه متفهما وعينيه تنضح فخرا : اسمعي يا يمنى ، أنت أختي التي أعشق فأنت مثال لكل شيء أحبه ، أنا أرى فيك الأم .. الأخت .. الحبيبة .. الصديقة ، وأحسد هذا الأحمق على عشقك إليه، والذي أعلم جيدا أنه لن ينتهي .. لن يندثر .. ولن يفنى ، تنفس بعمق ليهمس إليها - لذا سأهديك نصيحة فكري بها جيدا حاولي أن تتقبلي ، تنسي وتتناسي ، لا تحي في دائرة صراع لا تستطيعين الخروج منها ، لا تقعي في خطأ إيناس وتعلمي درسك جيدا ، القلب يتحكم في كل شيء ومهما أنكرت على نفسك شعورك نحوه لن تستطيعي الخلاص من مشاعرك اتجاهه .
اخفضت عينيها ليهتف بمرح : إذًا أخبريني هل رؤيته عاريا مسلية ؟
ضحكت رغم عنها وشاكسته بملامح وجهها لترتفع ضحكاته قبل أن تلمع عيناه بتسلية حينما التقت نظراته بنظرات عمار الذي التفت اليهما يتأمل ضحكاتهما ، فتتحاشى النظر إليه بينما هز نادر رأسه إليه في التحية الذي ردها عمار بابتسامة مقتضبة فيهمهم نادر بخفوت : إنه يتميز غيظا يا موني .
انطلقت ضحكاتها بصخب لتهتف بخفوت : أرى أنك مستمتع .
اهتز جسده بسعادة وهو يتابع ضحكاته : لم أشعر باستمتاع هكذا من قبل ، فأنا مغتاظ من هذا الأحمق بطريقة لا تدريكها ، اقتربت برأسها منه لتطرقها في رأسه بخفة - أنت منحاز لي فقط ليس أكثر .
تأوه بخفوت ليدعك جبهته ويتبرم : أخبرتك من قبل أن تتوقفي عن طرق رأسك برأسي فأنا أصاب بالصداع من رأسك الصلب مثل الحجر هذا .
نفضت خصلاتها لترفعها في ذيل فرس قبل أن تنهض : رافقني فأنا أريد السير قليلا .
لوى شفتيه بمكر : لا أريد ، اذهبي بمفردك .
عبست بعدم فهم لتنظر إليه قليلا قبل أن تتسع عيناها بعدم تصديق : تريديني أن أذهب بمفردي ليتبعني ويتحدث معي .
أومأ رأسه بهدوء : نعم ، أفعلها بكامل ارادتي ، فهو يتوق للحديث معك وأنت تتوقين لتخلصين بقية ثأرك منه ، وأنا أتوق لأن أرى وجهه محتقن ذنبا ، همت بالرد ليشير بكفه إليها - هيا اذهبي ، صحبتك السلامة .
هزت رأسها وهي تضحك بخفة لتتحرك بالفعل على حدود الشاطئ فيراقبها عمار قليلا قبل أن يشد خطواته متبعا إياها بخطوات هادئة ليبتسم نادر بمكر قبل أن يقابل نظرات عادل الماكرة ليهتف إليه : تعال يا فنان استمتع معي بالمياه .
أشار إليه بالنفي : لا شكرا أنا رجل أخاف على صحتي ولدي حفل على الاستعداد له ولا أريد أن أصاب بالبرد أو الزكام .
هتف عادل بلهجة مسرحية : أوغاد ، تعالت ضحكات نادر ليشير إليه وهو ينهض واقفا - استمتع يا صديق .
***
توقفت لتلتفت إليه حينما ناداها لتنظر إليه بتساؤل فيسأل بجدية : لن تسبحي أليس كذلك ؟
عبست بعدم فهم لتجيبه بتساؤل : لا أفهم أنت تسأل أم تستفسر ؟
زفر بقوة : لا هذا ولا ذاك ، أنا أطلب منك عدم السباحة .
رفعت حاجبيها بتعجب لتسأله : ولماذا تطلب مني أن لا أسبح ؟!
زم شفتيه قبل أن ينطق بهدوء : إذا أردت السباحة افعلي ولكن ليس هنا ، ليس بالشاطئ.
رمقته قليلا وهمت بالحديث قبل أن يقاطعها مجيء الأخرى تركض بمرح ، ترتدي قميصه القطني الذي خلعه منذ قليل فوق رداء السباحة فيخفي جزعها وأول ساقيها تهتف بمرح وبلغة إنجليزية تعمدت أن تستخدمها : انظر ارتديت قميصك ، تحركت بأنوثة وأتبعت - أليس جميلا علي؟
أشاح ببصره بعيدا ليهمهم : كاتي إن لم تدركي أنا أتحدث هنا .
رمقت يمنى باستعلاء : آها نعم أرى ذلك ، أتبعت وهي تضيق عينيها تنظر إلى يمنى بتفحص - أنا أتذكرك ولكن قليلا ، فأنت اختلفت للغاية عن آخر مرة كنت فيها بمصر ،
ضيقت عيناها لتهمهم : المرة الماضية كنت ترتدين الجينز وخصلاتك قصيرة كالأولاد .
ابتسمت يمنى برقة : لا شيء يظل على حاله .
هزت كتفيها بلا مبالاة لتلتفت إلى عمار تجذبه من ساعده : تعال وأسبح معي ، أتبعت بغمزة من عينها - ألم تشتاق للسباحة معي ؟
همهم بجدية : توقفي يا كاتي فأنا لا أريد السباحة الآن .
لوت شفتيها بإحباط : حسنا على راحتك ، سأبحث عن عاصم لنسبح سويا .
تنهد بقوة : اسبحي بمفردك يا كاترينا أو عودي إلى الشاليه وأبدلي ملابسك فالشمس غربت والطقس سيصبح باردا في الليل .
زمت شفتيها بطريقة مغوية لتقترب منه ثانية : ما بالك يا عمار غاصب هكذا ؟ كنت بخير حينما زرتك بلندن قريبا ، ماذا حدث لك ؟
ارتجفا جفنيه ليرمق يمنى سريعا فتختنق أنفاسه وهو يلتقط جمود ملامحها .. نظراتها المبهمة .. ثباتها في وقفتها القريبة التي لم تحاول أن تغيرها بل ظلت بموضعها كتمثال رخامي صنع الآن أجاب كاترينا بجدية : أنا بخير، لا تشغلي رأسك بي
هزت كتفيها : حسنا على راحتك .
شدت خطواتها للابتعاد ليلتفت إلى يمنى التي سألته : هل تريد شيئا أخر يا عمار ؟
نظر إليها بعدم فهم : ألا تريدين معرفة سبب زيارتها لي بلندن ؟
ضحكت بخفة : لماذا ؟! أتبعت حينما نظر إليها بصدمة - الأمر ليس هام وأنت ليس من المفترض عليك أن تقص لي أي شيء يخصك
تمتم : ولكن ..
قاطعته بإشارة من يدها لتهتف بالإنجليزية ونبرة ساخرة : اهدأ يا رجل ، فالأمر حقا ليس هاما .
همس : ولكن هام بالنسبة لي هام أن أخبرك .. أشرح لك .. أقص لك أنها كانت مجرد زيارة عادية ليست كما تظنين .
مطت شفتيها : وماذا ظننت ؟ عبس بغضب لاح على ملامحه لتتابع بهدوء - أن تكون جمعتكما علاقة من أي نوع ، ولماذا أظن هكذا ؟ هل بسبب علاقتكما في الماضي ؟
هدر سريعا : كنا صغار ولم نفقه حقيقة مشاعرنا حينها جيدا وأنا تركتها
قاطعته بهدوء : تركتها قبل أن تكون معي أعلم .
سحبت نفسا عميقا لتتحدث بهدوء : لم أظن أن هناك ما يجمعك بها يا عمار وليست هي شخصيا أنا موقنة أنه لم تجمعك أي علاقة من أي نوع بأي فتاة أخرى غيرها
تهللت ملامحه بفرحة ليهتف سريعا : نعم ، فعلا أنا لم .. والله لم يحدث أنا ..
ابتسمت بثقة : أنت لا تستطيع الفكاك يا ابن الخالة ، أنا اعلم أنت مقيد بي ولن تقو على الخلاص .
رفعت رأسها بشموخ : لذا أنا واثقة من كونك لم تقترب من أي فتاة أخرى بعدي وأنك ستظل مملوكا لي للأبد ، فانت لن تجد من تساوي ظل قدمي
ابتسم وعيناه تتوهج بفخر موجها نحوها : أعشق ثقتك . اقترب خطوة منها لترفع رأسها قليلا لتنظر إلى عمق عينيه التي توهجت باخضرار أحاط بعسل عينيه ليهمهم متابعا - وأدركها جيدا لأني أماثلك ثقة ويقين .
تمتمت بشقاوة لمعت على ثغرها وعيناها تغيم بتلاعب : بل هناك فارق كبير يا عمار .
لمع التساؤل بعينيه فأجابت : أنت واثق وتسعى للرجوع ، وأنا واثقة ولكني زاهدة في القرب .
انتشت عيناها بانتصار حينما سكنت الصدمة عمق حدقتيه فانطفأ اخضرار حدقتيه ليلمع ثغرها بابتسامة متشفية فتهتف بطبيعية : حينما أتيت المرة الأولى لي تعترف بحبك يا عمار تناسيت أنا كل شيء .. نسيت علاقاتك .. صداقتك .. وتعليقات صديقاتك على ابنة الخالة المتعلقة بك وهي التي لا تنتمي لفئة الإناث ، لم أحاسبك يوما على حرف نُطق في حقي خطأ ولم تدفع ثمن كرامة أهدرتها حينما كنت تصادق هذه وتدلل تلك ، لم أسألك عن شيء ولم أنتظر أن تفصح عن شيء ، بل أهديتك أغلى ما أمتلك روحي ، فتعايشت عليها .. امتصِت رحيقها .. واقتت عليها كلها لآخر قطرة بها ثم تركتني أُنازع الموت وهربت ، والآن عدت لتجدني أضج بحياة وروح جديدة أكثر تألقا .. صخبا .. وتضج بالحياة ، فتبذل كل شيء لتعود لي وتدفع كل ما تملك لتمتلك روحي ثانية ،
صمتت قليلا لتهز رأسها بتفكير : حسنا ، لم لا ولكن ما المقابل هذه المرة ؟
القتها وهي تنظر لعمق عينيه فتصلبت ملامحه ليهمس بصوت محشرج : ماذا تريدين ؟
هزت رأسها بإيماءة طفيفة : فكر أنت وحينما تصل للجواب أخبرني واعلم أنك إلى أن تصل لإجابتك عليك تحمل دفع حسابك القديم قبل الجديد ، فأنت ذو حساب عسير يا ابن الخالة .
همت بالابتعاد ليهمس باسمها : انتظري ، توقفت لتنظر إليه بطرف عينها فيتابع - أنا أمنحك قلبي لتصفحي .
ابتسامة ساخرة جعلت شامتها تتوهج أمام نظراته التي ذبلت في انتظار لتجيب هازئة : ستمنحني شيء سبق وامتلكته يا عمار ، اتبعت بدلال - فكر خارج الصندوق يا طبيب المجانين وحينما تتوصل للإجابة أخبرني .
اتبعت وهي تشير بأصابعها إليه : عمت مساء يا دكتور .
***
__ فقط استمعي لي يا نوران ، عقدت ساعديها أمام صدرها لتشيح بوجهها بعيدا عنه ليتابع برجاء خاص - ليس هناك سبب لكل ما تفعلينه أنت الآن .
نظرت إليه بحدة : حقا ؟
اهتز جسدها بتوتر فأجاب سريعا : نعم ، فأنا لا أرى سببا لغضبك الآن .
اطبقت فكيها بقوة لتهمهم بحدة ومن بين أسنانها : حقا لا ترى سببا لغضبي ، انظر إلى أفعالك مع ابنة عمتك وأنت تعلم سبب غضبي
زم شفتيه بحنق : لم أفعل شيئا .
تحركت نحوه لتواجهه بغضب أضاء عينيها وهي تشير بسبابتها : بل فعلت ، طلبت منك أن نذهب للسباحة بمفردنا وأنت صممت على صحبة البقية وازدت الأمر بأنك وافقت أن تأتي معنا .
أتبعت بثورة : أنت تضعني بنفس مكانة الآخرين .
هدر بحدة : لم أفعل ، أنت من تشعرين ذلك ، ثم لا أرى ما يسيء في أن تصحبنا كاترين ،
رفعت حاجبيها والاعتراض يعتلي ملامحها ليتابع - ثم الأمر انتهى فنحن لم نذهب من الأساس .
هدرت بعصبية : لأننا تأخرنا بسبب قدوم ابنة عمتك فانشغلت بها .
أجاب سريعا : لا لم انشغل بها بل انشغلت بوصولها ،
ومضت عينيها بغضب : حسنا يا عاصم ، أنت ترى أنك لم تخطأ وأن أفعال ابنة عمتك طبيعية .
زم شفتيه بحنق : نعم أنا لم اخطأ فالطبيعي أن انشغل بوصول ابنة عمتي التي لم تفعل شيء لتحتدي علي هكذا .
جمدت ملامحها وهي تشعر بالغضب يتملكها لينفخ بضيق ويقترب منها هامسا بلطف : اهدئي يا نوران الامر حقا لا يستحق ، كاتي ابنة عمتي وفقط فأهدأي .
رفعت عيناها إليه وسالت بجدية : وأنا ؟
اهتزت حدقتيه ليهمهم : لم أفهم .
تمتمت من بين اسنانها : كاتي ابنة عمتك وفقط ، وأنا ؟ ما موقعي إليك ؟
لانت ملامحه ليهمس بخفوت وعيناه تلمع بتوق : أنت زوجتي .
رمشت عينيها وهي تبتعد عنه بعفوية أثارت ابتسامته ليكمل بعبث : على اعتبار ما سيكون
تمتمت بخفوت وهي تقع أسر نظراته الشغوف بها : زوجتك فقط .
ليجيب بمشاكسة : ابنة عمي وزوجتي ومدللتي وكل شيء .
همت بالحديث ليقاطعهما صوت كاترينا تناديه فالتفت نحوها لتتسع عيناه بصدمه وهو ينظر إليها ترتدي قميص أخيه القطني والذي بالكاد يخفي أول ساقيها وبسبب لونه الفاتح وانعكاس ضوء الشمس عليها فيظهر جسدها العار سوى من رداء السباحة غامق اللون ، اشاح ببصره بعيدا لتقترب منه وهي تهتف بكلمات كثيرة بلغة ايطالية سريعة تشير إلى علاقتي عنق الجزء العلوي من رداء السباحة من الخلف : هلا ربطته لي يا عاصم ، فقد انفلت دون أن أدري
هم بأن يزجرها بقوة ليصدح صوت نوران التي استنتجت معنى الحديث من حركتها القريبة لتصيح بالعربية : ناعم ، قبل أن تتبع بحدة وبإنجليزية سليمة : ماذا تريدين لم أفهم ؟!
نظرت إليها كاترينا ببرود لتهمهم عم تريد ردا عليها لتلتفت نوران إليه بغضب نضح من عينيها هاتفة بعربية : أقسم بالله يا عاصم إذا اقتربت منها لن أتحدث اليك ثانية .
ابتعد تلقائيا وهو يرفع كفيه بمعنى أنا بعيد لتجذبها نوران من علاقتي الرداء تربطهما لها في حدة وهي تغمغم بكلمات كثيرة قبل أن تبتسم في وجهها بغل تربت على كتفها بقوة : هاك أنا ربطتهما إليك ، اتبعت بشر اعتلى ملامحها - حمد لله على سلامتك يا حبيبتي .
جذبتها من ساعدها وسألتها بالإنجليزية : تريدين السباحة أليس كذلك ؟!
هزت كاترينا رأسها نافية قبل أن تثرثر عن كونها انتهت فعليا من السباحة لتدفعها نوران بطريق الشاليه بأخر تعقل تمسكت به وجذبتها معها فابتعدتا عن أنظاره المتراقصة بمرح غريب داعب أوتاره ليكتم ضحكته وهو يراقب خطواتها العائدة وزمجرتها الغاضبة لتهتف به : أفهم ابنة عمتك قواعدنا من الأفضل لك ولها.
أومأ برأسه في تفهم لتتبع بعصبية : وإياك وأن تذهب إلى الشاليه الآن يا عاصم ، أسمعت .
ابتسم رغم عنه ليهمهم : من عيناي أنت تؤمري يا مدللة ، اتريدين شيئا آخر ؟
أشاحت بوجهها بعيدا لتكتف ساعديها قبل أن تهتف بغل : نعم ، انتبه إليها لتتبع بدلال فطري - لا تتحدث معي فأنا غاضبة منك .
تعالت ضحكاته رغم عنه لتضرب الأرض بقدميها وهي تهرع بخطواتها بعيدا فيناديها بصوت هادئ وهو يتبعها بخطوات متلاحقة ليهمهم إليها : انتظري يا نوران لا تجبريني على الركض خلفك .
التفتت إليه نصف التفاته لتهز كتفها برفض وهي تسرع بخطواتها نحو شاليه أبيها ليزمجر هذه المرة بحدة : انتظري يا نوران ، لا تدلفي إلى الشاليه من فضلك .
لم تعره اهتمامًا وهي تدلف إلى غرفتها من زجاج الشرفة وتغلقه خلفها ليقف هو بالخارج يدق بقبضته في حده طفيفة لتنظر إليه من خلال الزجاج بتحدي قبل أن تغلق الستائر أمام وجهه فيزفر بقوة متمتما بسبة خافتة ليداعب هاتفه متصلا بها وهو يستدير ناويا المغادرة قبل أن يتوقف وعيناه تلتقط عمه الواقف خارج حدود الحديقة الخاصة بشرفتها ناظرا إليه بتساؤل وهو يضع كفيه في جيبي بنطلونه منتظرا أن يأتي اليه بهدوء .
عض عاصم شدقه من الداخل قبل أن يمر بجوار عمه في خطوات هادئة ليهتف بلامبالاة : عمت مساء يا عماه .
رمقه وائل بثبات وعيناه تحتد بغضب سطع بنظراته التي رافقته إلى أن غادر قبل أن يعود بنظره إلى شرفة ابنته المغلقة وعيناه تتوهج بتفكير وجبروت اعتلى هامته.
***
وقفت أمام صوان الملابس تنظر بحيرة إلى ما أتت به معها من ملابسها لتزم شفتيها بتفكير قاطعه صوت الأخرى التي خرجت من دورة المياه تسأل باهتمام : ما بالك يا حبيبتي ؟
ابتسمت جنى بتوتر قبل أن تجيب بعفوية : أبحث عن شيء أخر أرتديه يكن مناسبا ولكن ليس اعتياديا .
ابتسمت لميا برقة : جيد أنك ستبدلين فستانك ، أتبعت بخفوت - فهو مكشوف قليلا .
نظرت إليها جنى لتتابع سريعا : أنا لا أفرض وجهة نظري عليك ولكن أبدي رأيي فقط .
توردت جنى لتخفض رأسها مهمهمه بحرج : بل أنت معك حق ، لذا أنا أريد ابداله ، ولكني لا أريد ارتداء شيء اعتيادي ، رمشت كثيرا قبل أن تتابع - أريد أن أكون استثنائية اليوم .
أجابت لمياء بتعجب : أنت بالفعل استثنائية يا حبيبتي ، بل أنت رائعة .
ابتسمت جنى برقة وهي تتورد بخجل فاقتربت منها لمياء لتربت على ظهرها بحنو : هلا سمحت لي بمساعدتك ؟
تمتمت جنى بسرعة : بالطبع ، فأنا بالفعل أطلب رأيك .
ابتسمت لمياء بحنان واشرقت عيناها بسعادة لتجيبها برقة : حسنا تعالي نستعرض سويا ما لديك هنا.
ابتسمت جنى وأومأت برأسها وهي تبتسم بحماس لتفتح صوان ملابسها على مصرعيه وهي تثرثر إلى لمياء بكلمات كثيرة تفيد ما تريد لتبتسم لمياء وهي تنظر إلى الشابة بروح طفلة تنشد المساعدة منها فتربت على كتفها وتبدأ معها في انتقاء ما تريد .
***
جلسة دائرية كبيرة تضم الجميع ، كل المتواجدين يلتفون في دائرة يفصلهم عن بعض الطاولات الصغيرة الموضوع فوقها أطباق الحلوى .. والفاكهة .. ومقرمشات .. وتسالي متنوعة ، يضج المكان بضحكاتهم واحاديثهم ومع انضمام الصغار العائدين من الشاطئ زاد الصخب وامتلاء المكان بضجيج محبب للنفس من مناقشات وأحاديث يشترك فيها الجميع أو حكايات تقص من الكبار فيتذكرون ماضي ينقلونه لأبنائهم او أحداث مضحكة يذكرها الصغار ويشاكسون بعضهم بذكرها .
طلت عليهم بابتسامة واسعة وصوت مرح تهتف بتحية المساء وبلغتها الأم ليعم الصمت على الجميع وخاصة مع اتساع أعين الشباب لرؤيتها بفستان صيفي قصير للغاية فبالكاد يخفي أخر ساقيها يضيء بلون وردي لامع بصدر مكشوف وظهر غير موجود ، ليهتف أدهم بعفوية : هل أسقطت السماء قمرها اليوم علينا ؟! أتبع وهو يقترب منها بتلقائية هاتفا بالإنجليزية وعيناه تضيء بالشقاوة - هل ضللت طريقك يا جميلة ؟
تأفف عاصم ليهدر فيه بجدية : احترم نفسك يا أدهم .
التفت إليه أدهم نصف التفاته : وهل فعلت شيئا ؟
أشار إليها وليد بالاقتراب هاتفا : تعالي يا كاتي ، ارتفع حاجبي أدهم لتلمع عينيه بفطنه قبل أن يسأل - ابنة عمتكم الإيطالية ؟
أومأ عمار إليه بالإيجاب ليكمل أدهم بصياح : أليست هي من ..؟؟
رمقه عمار بحدة ليبتلع أدهم حديثه قبل أن يصيح ثانية وهو يقترب منها : الن تعرفها علينا يا عماه؟
توقفت لترفع نظرها إليه حينما توقف أمامها ليمد يده إليها : أدهم ابن عم عمار .
صافحته برقة ليغمز إليها بعينه : بخدمتك أي وقت يا سنيورة .
ضحكت برقة ليجذبها بخفة نحوه قبل أن يهمس إليها : تعالي لأعرفك على البقية .
همت بالذهاب معه ليقبض وليد على ذراعها يرفع عينيه إلى ابن أخيه يزجره بنظراته قبل أن يهمس إلى كاترينا : تعالي يا كاتي أريد الحديث معك .
عبست بعدم فهم لتشير إلى أدهم هاتفة بالإيطالية : سأتعرف على البقية وات إليك يا ديدو .
ليهز وليد رأسه نافيا قبل أن يهمهم إليها بجدية : قبل أن تفعلي أي شيء من فضلك ابدلي فستانك لشيء أخر الفستان غير لائق بالمرة .
عبست بتعجب لتنظر إلى نفسها بدهشة قبل أن تغمغم بكلمات غير راضية وهي تندفع مغادرة ثانية ليلوي أدهم شفتيه : لماذا أطرت الصاروخ يا عماه ؟
ضربه وليد على كتفه بقوة : تأدب يا ولد هل تغازل ابنة أختي وأنا واقف إلى جوارك ؟
نظر إليه أدهم بدهشة ليهتف ببراءة اتقنها : اغازل ابنة اختك ؟! أنا غازلتها .. أنا ؟!
هز كتفيه : هل حينما أقر بالواقع يعد الأمر مغازلة يا عماه ؟ أتبع وهو يقترب من وليد يركن بمرفقه على كتف عمه سائلا بجدية - كن صادقا يا عماه أليست ابنة أختك صاروخ عابر للقارات ؟
كتم الأخرين ضحكاتهم ليهدر وائل بحنق : تأدب يا أدهم .
التفت الى أبيه ليصيح بجدية : أنتظر يا بابا أريد لعمي أن يجيب ، التفت إلى عمه من جديد - أحب يا عمي وكن صادقا من فضلك ، صاروخ أم لا ؟
ابتسم وليد رغم عنه ليضربه بقبضته في بطنه بلطف : حتى إن كانت لا تقل عليها كذلك
تأوه أدهم وهو ينحني ممسكا مكان ضربة وليد ليقبض وليد على تلابيبه يهزه بقوة : وإياك والاقتراب منها سمعت ؟
تهدلا كتفي أدهم ليهمس بإحباط : أنا مظلوم في هذه العائلة ظلم بيّن .
دفعه وليد بقوة قليلة ليتماسك بسرعة فلا يقع أرضا قبل أن يهدر بجدية : أنا لا أمزح أنا حذرتك وانتهى الأمر ، إذا رأيتك بجانبها لا تلم إلا نفسك .
زم أدهم شفتيه قبل أن يمأ بالإيجاب : أمرك يا عماه .
هدر وائل بجدية : اتركه يا وليد وتعال أنا أريدك .
اقترب وليد ليجلس بجوار وائل الذي هدر بحدة : أين ستبيت هذه الفتاة أخبرني ؟
رفع وليد حاجبيه : في الشاليه الخاص بي طبعا .
__ يا سلام ، صاح وائل بغضب لينظر إليه وليد بعدم فهم فاكمل وائل بعصبية - وزوج الخيل ولديك ستبيت بينهما في المنتصف أم بجوار أحدهما ؟
كتم وليد ضحكته ليغمغم : احترم نفس معاليك يا سيادة الوزير ، ستبيت في غرفة منفصلة تخصها .
هز وائل رأسه ليساله بجدية : وأنت ستجلس أمام باب غرفتها تحرسها كعادل إمام في التجربة الدنماركية أم ماذا ستفعل ؟
قهقه وليد ضاحكا قبل أن يجيب : الأمر لا يستحق يا وائل ، أنا اثق في ولدي .
لوى وائل شفتيه : وأنا الآخر أثق في ولديك ، ولديك هذان يحتاجان صاعق كهربائي ليعدل لهم تفكيرهم ، إنهما لا يستحقان لقب زوجي الخيل ، فهما دكري بط بلدي لا صوت لهما .
ضحك وليد ليشاركه وائل الضحك قبل أن يرمقه وليد بطرف عينه ليغمغم بسخرية : أليس أفضل من أن يتحرشا بكل ما يقابلهما من تاء تأنيث يا وائل ؟
هز رأسه نافيا : لا ليس أفضل .
صمت وليد قليلا ليسأله بخفوت : إذًا أنت تفضل أن يتحرشا بكل مؤنث يقابلهما عن أن يلتزمان الأدب.
نظر إليه وائل ليغمغم بحدة : توقف يا وليد ولا تثير غضبي هل تتوقع أني لا افهم تصرفاتك جيدا ، أتبع بعصبية - وأني لا أعرف أنك أتيت بهذه الفتاة لتعرفني أنه مرغوب من الشرق والغرب أيضاً .
ضحك وليد بخفة : ما لنا والغرب ؟ نحن طامعان في الشرق ، أتبع بعنجهية - ثم إن عروس عاصم جاهزة فقط هو يشير باصبعه .
نظر إليه وائل هازئا : فعلا ، وتلك الشقراء التي تشبه الباربي .
ابتسم وليد بمكر : ألا تعلم أن عاصم لا يفضل الشقراوات مثل عمه ؟ فهناك برونزية خطفت قلبه .
غمغم وائل بحدة : لا تستفزني يا وليد ،هذه البرونزية لن يطولها
زم وليد شفتيه قليلا قبل أن يسأله : إذًا ما أخبرني به حقيقيا ، فأنت رفضت طلبه كما قص لي .
تنهد وائل بقوة : نعم فعلت ، عبس وليد بغضب لاح على ملامحه ليكمل وائل بجدية - لم يجب يا وليد ، لم يخبرني ، بل تلعثم وأخبرني عن أنه يريد الزواج ليقر سنة الله في الأرض .
أغمض وليد عينيه ليغمغم : غبي ، هز وائل رأسه موافقا ليكمل وليد بتفكه ساخر - شبيه عمه ، اتذكر تلك الأيام التي كنت تردد هنا وهناك " أنا لا أحب فاطمة ، أنا فقط أخاف عليها وأراعيها فهي زوجتي "
أطبق وائل فكيه ليهدر بعصبية : يا الله ، هل كلما تحدثت مع أحد ذكرني بالماضي ، أتبع وهو ينظر إلى أخيه - نعم أتذكر وأتذكر جيدا ما فعلته .
صمت قليلا قبل أن يهمس باختناق : لذا لا أريد أن تعاني ابنتي مما عانته والدتها ، هل كتب عليها المعاناة أم أنه ذنبي يخلصه الله منها ؟
لانت ملامح وليد ليربت على ركبته : لا يا أخي الأمر ليس كذلك ، وعاصم يشبهك فعليا ولكن لن يفعل في نوران ما فعلته أنت بفاطمة ، لأن نوران ليست فاطمة وهو ليس أنت .
أشاح وائل برأسه بعيدا ليبتسم وليد بحنان ليكزه في ركبته بخفة : فقط امنحني موافقة مبدئية ليستطيع الولد التصرف بطبيعية ولا يكن متشنجا مثلما يفعل الآن .
مط وائل شفتيه برفض ليهمهم : حسنا ولكن هذا يعيدنا للأمر الآخر الذي سألتك فيه ، أين ستقضي الفتاة ليلتها ، فأنا لا يروق لي أن تبيت في الشاليه وبه ولداك .
هز وليد رأسه موافقا : وأنا معك ، ماذا تقترح ؟
أشار براسه مغمغما ببرود : انفيهم في العلية .
ارتفع حاجبي وليد ليغمغم بمكر : لماذا أشعر أن كاترينا حجة فقط وأنك تريد ابعادهم لأجل سبب أخر ؟
تمتم وائل بجدية : ابنة أختك أمانه ولكني لست واثقا فيها يا وليد ، أخاف أن يحدث شيئا يتطور ليصبح كارثة لا نستطيع التعامل معها ، ليكمل برزانة - ونعم أنا لدي سبب أخر لأبعدهم وخاصة مع وصول البقية غدا .
هز وليد رأسه متفهما : حسنا افعل ما تريد وأبلغهم به وهم سيمتثلون لأوامرك كالعادة ، ليتبع وليد بجدية - ولكن لا تثير حفيظة زوج ابنتك وتضعه معهم ، بل خصص له مكان منفردا برفقة زوجته .
عبس وائل ليرمقه وليد مغمغما باسم أخيه ليهز وائل رأسه بتفهم : أحمد سيظل بغرفته مع أميرة .
أبتسم وليد بارتياح ليسأله وائل بجدية : إذًا أخبرني عن سبب قدوم ابنة أختك ؟
أجاب وليد بهدوء : أتت لأجل العمل بالطبع ، رمقه وائل بطرف عينه مستنكرا فاتبع وليد - أنت تعلم أنها وريثة عائلة ماركوس وأتت لاندماج اقتصادي ، أبيها أخبرني أنه أرسلها لنا بعرض مغري وسيتبعها غدا أو بعد غد وفد من عنده .
تطلع إليه وائل قليلا قبل أن يهتف بحدة: هل أنت أحمق يا وليد ؟ أبيها بعث بها لأجل العمل فقط ، أنه أرسلها خصيصا بمفردها لتدعم الاندماج الاقتصادي باندماج عائلي ، الفتاة أتت لأجل عاصم ولا تخفي رغبتها أو تخبئها بل صرحت بها في أفعالها وأقوالها .
هز وليد رأسه نافيا : لا لم تأت لأجل عاصم ، هي فقط منفتحة في الحركات والتعابير لاختلاف تربيتها ونشأتها عنا ، فكاترينا تعلم جيدا أنها لن تستطيع الاقتراب من عاصم وعاصم لن ينظر إليها اكثر من أخت أو حتى صديقة
رمقه وائل بتساؤل ليغمغم وليد : هذا حديث أخر دعنا منه ، فقط حينما تعود الآن سنتحدث معها في العمل وقلل من نفورك منها ، فسبب نفورك منها لم يعد له وجود ، فأنا اؤكد لك أنها لم تأتي لأجل عاصم .
هز وائل رأسه بتفهم لتطل عليهم ثانية بابتسامة شقية وملابس مختلفة فتتسع عينا وليد بذهول بينما نظر إليها وائل بصدمة ليشق صياح أدهم المرح بطريقته العفوية المشاكسة : اللهم صل على النبي .
ضج المكان بالضحك ليهدر وائل اسمه بعصبية قبل أن يرمقه وليد بحدة فيرفع كفيه هاتفا ببراءة : أنا اصلي على النبي ، هل تعترضون على ذكر النبي ؟!
هتفت إيمان التي اتت من الداخل تحمل أكواب عصير مختلفة : عليه الصلاة والسلام ، بارك الله فيك يا حبيبي .
القتها بحنان لتشهق بصدمة وهي تنظر إلى كاترينا التي ترتدي شورتا قطنيا قصيرا بلون السماء وبلوزة قطنية تماثله لونا لا تتعدى خصرها دون اكمام أو رقبة لتضع فوق كتفيها رداء مفتوح على مصرعيه بلون القشطة طويل يصل الى كاحليها قدميها الموضوعان في حذاء رياضي بناتي لونه أبيض محددا بالفضي لتشير إليها بود وبلغتها الأصلية : مساء الخير يا خالتي .
وضعت إيمان ما تحمله من كفيها لتهتف بعصبية وهي تعاود طريقها للداخل ثانية : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ارحمنا يا الله برحمتك
نظرت إليها كاترينا بعدم فهم لتلتفت إلى خالها تسأله بهدوء : ما بالها ؟
تنفس وليد بعمق ليشير إليها بالاقتراب : تعالي يا كاتي لنتحدث سويا .
أومأت برأسها ايجابا وهي تقترب منه لتجلس بالمنتصف بينه وبين وائل الذي رمقها بتفحص فابتسمت برقة وعيناها تومض بإعجاب لم يخطأ في تفسيره وخاصة حينما هتفت بجدية وبالإنجليزية : كم يشرفني مقابلة سيادتك ، كان حلم لي منذ أن تخرجت و بدأت العمل أن أعمل معك ، لتستفيض بشرح حينما تأهب وائل في غريزة دفاعية - مع مجموعة الجمال عامة .
رفع وائل حاجبه لتبتسم إليه بمكر أنثوي أثار انتباهه لتكمل وهي تمد كفها إليه : مرحبا يا سيادة الوزير ، رمق وائل كفها قليلا قبل أن يصافحها بلباقة - مرحبا بك في مصر يا حفيدة ماريا .
***
دلفت إيمان بخطوات حانقة وهي تحوقل وتستغفر باستمرار لتعبس فاطمة بتعجب قبل أن تسألها ليلى بجدية : ما بالك يا ايمي ؟
زمت شفتيها لترفع وجهها بغضب جعل ملامحها تشبه وائل إلى حد ما حينما يكون غاضبا لتصبح بجدية : أين ياسمين ؟!
أتت ياسمين بخطوات متمهلة لتجيبها بهدوء : نعم ماذا حدث ؟
زفرت بقوة : هل أنت مرتاحة لهذه الفتاة يا ياسمين ، هل ستتركينها تختطف عاصم من بيننا هكذا ؟
رفعت ياسمين حاجبيها لتجيب فاطمة باستنكار : تختطف عاصم ، لماذا هل هو طفل صغير لتختطفه ؟
لوت إيمان شفتيها بحنق : لا رجل كبير يا ست فاطمة ولكن اختطاف الكبار أسهل كثيرا من الصغار، يكفي أن تغويه ليستجيب إليها كالأبله .
كتمن ضحكاتهن لتهتف ليلى بعتاب : عاصم ليس أبلها يا إيمان فاهدئي .
اتبعت أميرة بهدوء : ثم لا داعي للخوف يا عمتي فهي لا تستهدف عاصم بمفرده ، إنها تستهدف الجميع تركتها في الخارج بجانب أبي ، الذي يبدو مترقبا لأفعالها .
استدارت فاطمة بحدة : ماذا ؟
رمقت إيمان ابنة أخيها بعتاب لتغمغم : أنها مثل ابنته يا أميرة أليست بسنك ؟
ابتسمت أميرة هازئة : ابنته ؟!! نعم هي تماثلني سنا ولكنها تقترب من بابي وتشاكس عمي أحمد وتغازل عمو أمير وولديه علنا ، الآمن فيما بينهم الآن هو حماي العزيز وأعتقد السبب في ذلك أنه يشبه أبناء جلدتها فهي مغرمة بالمصريين بشدة .
أتبعت بهدوء : لذا بالمناسبة هي لم تنجذب للفنان اطلاقا يا عمتي
زفرت إيمان براحة : الحمد لله.
تعالت ضحكاتهن رغما عنهن لتتبع إيمان : لا خوف على الكبار ، أنا أخشى على عاصم ، أشعر أنها تريد الاقتران به يا ياسمين .
ردت فاطمة بحدة : لا يهم ما تريد المهم ما يريده عاصم يا إيمان ، وعاصم لا يريدها .
ردت إيمان بعناد : فقط لست مرتاحة لها فالفتاة لا تمتلك أي ذرة من الحياء .
تنفست ياسمين بقوة : حسنا اهدئي ولا داعي لقلقك .
لتسأل منال بهدوء وهي تنظر لأميرة التي تتناول المقرمشات بلا مبالاة : وأنت يا ميرا بم تشعرين اتجاه كاتي .
هزت أميرة كتفيها بلا مبالاة : لا شيء إنها ضيفة ستمكث ليومين وترحل ،
ابتسمت منال بدهشة : إذًا لست قلقة منها على أحمد فهو يشبه المصريين لحد كبير ليس ملونا كخالد ولا اشقرا كمالك .
ابتسمت أميرة برقة لتجيب بثقة : لا أشعر بالقلق يا خالتي فأنا اثق بأحمد وحبه لي ولا كاترينا ولا غيرها يستطعن التأثير بأحمد ولا يهززن شعرة مني .
ابتسمت فاطمة وهي ترمق شقيقتها بعتب لتشاكس ابنتها : حبيبة أمها واثقة بنفسها ، ولا يهمها أحد .
سألتها إيمان بجدية : إذًا أنت لا تشعرين بالغيرة يا أميرة؟
أجابت بمنطقية : بلى أشعر طبعا ، أنا أغار على أحمد يا عمتي ولكن لا أغار من الأخريات لأني أعلم جيدا أن أحمد لن ينظر لأخرى غيري .
ومضت عينا إيمان بالإعجاب لترمقها منال بتفحص واهتمام بينما تبتسم فاطمة بفخر لتربت ليلى على كتفها بحنو : بارك الله فيك يا ابنتي .
اخفضت رأسها بخجل ورقة تزين محياها لينتفض الجميع على دخول جنى الغاضب : أين لميا؟!
تبادلن النظرات لتسالها فاطمة : ما بالك أنت الأخرى ؟!
هتفت جنى بقهر : تلك الفتاة تحوم حول أبى لا أفهم - حقا - ماذا تريد ؟ بالأول كادت أن تجلس بحضن ويلي وأطرت الأمير صراحة والأن تركتها مهتمة بأبي دون سبب محدد .
رددت فاطمة باستنكار : حضن ويلي
لتسأل ليلى بحدة : كيف أطرت الأمير ؟!
أجابت جنى بحدة : أبدت اعجابها بابتسامته ثم غازلت أسعد يا خالتي
لتهدر ليلى بغضب : غازلت أسعد ، ليلتها تشبه قرن الخروب بعون الله
صاحت فاطمة : سات معك يا ليلى
غادرتا المطبخ بسرعة فيعم الصمت قليلا قبل أن تندفع الضحكات من البقية لتهتف منال بمرح : سيقتلانها سويا ويدفناها بعمق البحر
تعالت الضحكات لتشاكس أميرة جنى بمكر ونبرة خافتة : إذًا ما اغضبك هو غزلها الصريح للفارس .
تمتمت جنى : إنها قليلة الحياء
تمتمت أميرة برقة : هل استجاب ؟
زمت شفتيها : لقد ابتسم لها ، اتبعت بحنق - لم أصدق حينما ابتسم لها يا أميرة .
ابتسمت أميرة لتربت على كتفها بلطف لتهمس إليها : هل راك يا جنى أم لم ينظر نحوك ؟
تنهدت جنى بقوة : بل لم يفعل ، فأنا عدت أدراجي حينما وجدته يبتسم لها ، أنا لا أطيق وجود هذه الفتاة يا ميرا .
عبست أميرة لتضحك بخفة تشاكسها بخفوت : أنت الوحيدة من رحبت بها حينما رأيتها ، الآن لا تطيقين وجودها ؟! مطت جنى شفتيها بطفولية لتتابع أميرة - حسنا تعالي نخرج سويا ليراك وأنت متألقة هكذا وأنا اراهنك أنه لن يلتفت نحوها أبدا .
غمغمت جنى باستنكار : إنه لم يلتفت نحو احداهن من قبل ولن يفعل أبدا ، وتلك ليست استثناء .
تمتمت أميرة بمكر : حسنا هذا جيد أنك تعلمي أنك أنتِ الاستثناء يا ابنة عمي .
سحبت جنى نفسا عميقا لتنظر إلى أميرة قبل أن تغمغم باختناق : أعلم ولكني لا أقو على المواجهة .
بللت أميرة شفتيها لتهمس بمكر :إذًا دعينا نراوغ حتى يعترف هو دون مواجهة ، لمعت عينا جنى باهتمام لتتابع أميرة - فقط تعالى لنخرج إليهم وأنا متأكدة أنك ستخطفين نظره .
أومأت جنى بتوتر وهي تجاور ابنة عمها ليخرجا سويا إلى الجميع .
***
تقف بجوار ابنة عمتها تراقب نظراته المتعلقة بكتلة الوهج الصفراء والتي تشاكس الجميع ، تتحدث مع هذا وتمزح مع ذاك ، تدلل على بعضهم وتغوي البعض الآخر ، وهو لم يقترب منها كما أمره عمه ولكن نظراته خير دليل على أنه متوله بها فتزم شفتيها بضيق تملكها من أخرى سكنت حدقتيه وهو الذي لم يغفل عنها بنظراته منذ أن وصلت مع عائلة خالها ، بل تشعر بأنه يتقرب منها ويهديها بنظراته الكثير من الحديث الذي يخفيه بداخله فلا ينطقه خوفا عليها ومنها ، تنفست بعمق وهي تذكر نفسها بحديث سهيلة اليوم عصرا وهما بالشاطئ عن كونها لا تمنحه الأمان فأدهم عابث ولا يؤمن جانبه ، وهي تقر بالأمر فسمعته تسبقه ولكنها لا تستطع إلى الآن أن تتهمه بشيء وخاصة بعدما طلب منها مرافقته فهو لن يقو على الإتيان بالطعام بمفرده ، وحينما نظرت إليه سهيلة بتعجب صرح بأن البقية يسبحون وأنها إذا أرادت سهيلة القدوم معهما فلتفعل ، ولكن سهيلة التزمت مكانها وتركتها تذهب معه ففعلت لم يتحدث إليها كثيرا بل غمغم بكلمات عادية وحديث هادئ لبق إلى أن توقف قليلا ويعم الصمت عليهما ، صمت قاطعه بطلب واضح وصريح عن رقم هاتفها ، بل استأذنها إن وافقت أن يراسلها ويتحدث إليها من حين لآخر ، حينها سألته بوضوح عن السبب فيخبرها بجدية أنه يريد معرفتها عن قرب إذا سمحت له ، عم الصمت من جديد هو يناظرها بترقب وهي تتحاشى النظر إليه إلى أن هزت رأسها بالموافقة ليبتسم بسعادة وعيناه تشع بفرحة غمرته ليناولها هاتفه فتكتب إليه رقمها ليحفظه عنده وهو يشكرها بحبور وامتنان صدحا بنبراته لتبتسم إليه وهي تتورد حينما لمعت عيناه بالكثير فتتحاشى النظر إليه والحديث معه إلى أن عادا للبقية ، ومن حينها وهو لم يحاول الاقتراب منها ولم يتحدث إليها بل انشغل الجميع بوصول الشقراء وهو خاصة غازلها علانية دون الاهتمام بأحد ،
زمت شفتيها بعدم رضا لتقترب من مكان وقوفه البعيد قليلا عن البقية لتهمس بخفوت وهي تواجهه : هلا مررت لي دورق العصير من فضلك ؟
التمعت عيناه ببريق فرح ليهمس بمشاكسة : بل أهديك إياه وأهديك روحي فوقه أيضاً يا شامية .
رمقته بطرف عينها لتبتسم ابتسامة جافة هامسة بنزق : شكرا .
عبس بتعجب ليقترب منها سائلا : أنت غاضبة مني ؟!
هزت رأسها نافية وهي تقرب الكوب الذي تحمله بين يديها إليه ليملاه بالعصير فيتناوله منها : أبدا ، هل فعلت شيئا يغضبني ؟
هز رأسه نافيا ليغمغم : لا فنحن لم نتحدث سويا منذ الشاطئ .
لوت شفتيها لتهز رأسها بتفهم : معك حق إذًا لماذا أكون غاضبة ؟
ازداد عبوسه لتهم بان تأخذ الكوب منه ليبعده قليلا قبل أن يهدر أمرا : مريم ، ارفعي عينيك وأنظري لي وأخبرني عم يضايقك ، هل أغضبتك في شيء ؟
استجابت إليه بتلقائية وكأنه يمتلك الحق عليها لتغمغم بعفوية حينما سألها : لم تغضبني ولكن تصرفاتك لم تعجبني .
ضيق عينيه بعدم فهم لتومض فجأة بإدراك ليسألها بلهفه : هل غضبت لمزاحي عن كاترينا ؟ جمدت ملامحها والغضب يلمع برماديتيها فيبتسم بسعادة زينت ملامحه ليتابع - هلا فعلت ؟
توردت رغم عنها لتخفض عينيها عنه لتغمغم بخفوت : طريقتك معها لم تكن لائقة .
غمغم بحبور : أنا آسف ، أعتذر لك يا شامية عن قلة أدبي ووقاحتي .
تمتمت بسرعة : لم أقصد وكن ..
صمتت ليضحك بخفة وو يقترب منها يناولها الكوب بأريحية : بل اقصدي .. وأعني .. وأدركي واخبريني أنك تضايقت وأنا سأصفع نفسي على قلة أدبي التي ضايقتك وأقبلها أيضاً لأنها السبب في دفعك للمجيء إلي تعلني اعتراضك .
تمتمت سريعا وهي تحاول أن تتمسك بالكوب الذي يراوغها به فلا يمنحه إليها : لم أعترض ، فأنت حر بتصرفاتك .
سحب نفسا طويلا ليحتفظ برائحتها الندية برئتيه قبل أن يهمهم بجانب أذنها في صوت مثقل بمشاعر قوية تتحرك نحوها : منذ اليوم لم يعد أحدنا حر يا شامية ، رفعت عينيها إليه بتساؤل فغمغم بصوت أجش - منذ اللحظة التي شعرت بضيقك لأني أغازل أخرى أصبحت مربوطة بي وأنا الآخر مقيد إليك ، وإياك وأن تفكي أحد القيدين يا مريم فقيودي غليظة ستنهكك دون أن تمنحك حريتك ثانية .
ارتعدت بخوف وهي تغرق بعمق بنيتيه اللتين توهجتا فجأة لتتراجع للخلف قليلا تود الإبتعاد .. الفكاك .. الهرب ولكنها لم تقو فبطء خطواتها لم يسعفها وساقيها اللتين التفتا حول بعضهما من الارتباك خذلتها لتشعر بأنها ستسقط أرضا فتحاول أن تزن نفسها لولا قبضته القوية التي التفت حول مرفقها فيجذبها إليه قليلا يساعدها على الوقوف بعد أن انسكب العصير فوق ملابسها فيبتسم مغمغما بتفكه : اسم الله عليك ، يحفظك ويراعيك ، أتبع بتسلية لمعت فوق ثغره - عندنا يقولون ما يقع إلا الشاطر يا مريم .
اختلجت أنفاسها ليتركها حينما حاولت تخليص ذراعها من قبضته فيبتسم ويفلتها بطيب خاطر ارتعشت كفها وهي تحاول أن تنفض العصير من فوق ملابسها لتنتبه على نقرة خفيفة فوق كتفها وسهيلة تشير إليها سائلة عم حدث ليبتسم هو بمكر مغمغما : مريم كانت ستقع فستر من الله أمسكت بها ولكن للأسف العصير انسكب فوق ملابسها ، نظرت إليه سهيلة باهتمام وجدية ذكرته بزوج خالته ليضحك بخفة ويسبل جفنيه لتهمس هي أخيرا بصوتها الذي وجدته أخيرا : بعد اذنكم سأبدل ملابسي .
اندفعت بخطوات متلاحقة ليراقبها بعينيه اللتين توهجتا بتوق مزج ببشاير نصر لمع على ابتسامته ثغره لينتبه إلى كف سهيلة التي تحركت أمام وجهه لتشير إليه بعصبية عم يفعل ليبتسم باتساع ويجيبها بإشارة سريعة : أنه لا يفعل شيء ، عبست بغضب فابتسم وهو يجذبها إليه يحتضن كفيها بين راحتيه ليشير إليها سريعا : لا تقلقي يا سو ، إنها من العائلة .
رمقته سهيلة بعدم اقتناع ليضحك بخفة ويشير برأسه إليها مطمئنا فتزفر بقوة وتهز رأسها بعدم رضا لتقف بجواره فيشغلها في حديث أخر يشاكسها به لتبتسم برقة وهي تستجب إليه في اخر الأمر فتشير إليه بحماس وعيناها تتقد بشقاوة ورثتها من والدتها فيضاحكها وروحه تنضح إليها حنانا ولطفا .
***
همس باسمها فالتفتت إليه لتجده ينظر بعيدا قبل أن يتبع سائلا : هذه الفتاة الواقفة بجوار أدهم ، من هي ؟
عبست قليلا قبل أن تبتسم بإدراك : آها تقصد سهيلة ؟!! عبس بعدم فهم فتابعت - التي ترتدي الفستان السماوي ؟
هز رأسه ايجابا لتتابع : إنها سهيلة ابنة هنا وتيم .
التفت إليها بتعجب فأكملت : أدركتها ، أليس كذلك ؟
__ نعم ، لكني لم أرها من قبل .
ابتسمت بحزن قليلا : إنها لا تختلط بالناس ، لديها مشكلة بالسمع فتفضل الوحدة .
اتسعت عيناه ليهمس بصدمة : صماء ، صمتت يمنى عن الحديث ليردف بألم- يا الله من يراها لا يصدق أنها هكذا .
تمتمت بضيق : إنها ليست صماء ولكن سمعها ليس جيدا ، إنه امر لا أحب الحديث فيه ، فتوقف عن سؤالي أرجوك .
هز رأسه بتفهم ليثرثر بطبيعية أجادها رغم ضيقه من الأمر : لم أراها من قبل وتعجبت من قربها من أدهم فهي تتحدث إليه بأريحية شديدة
ضحكت بخفة : إنها بمثابة ابنة أخته ، وهو يعد خال لها فهي ابنة ابنة خالته .
همس بضيق : هذا لا يعطيه الحق أن يقترب منها أو يضم كفيها بين راحتيه ، فهو ليس خالها .
نظرت له قليلا قبل أن تتسع عيناها وتهمس : لا تجرؤ يا نادر
هز كتفيه بلا مبالاة : لا أجرؤ علام ؟! أنا لم أفعل شيئا .
رمقته بطرف عينها لتتحدث بجدية : أننا بشاليهات آل الجمال أي ضيوف عندهم وهي بشكل أو بأخر تنتمي إليهم ، ناهيك أنها لا تحبذ اختلاط الغرباء أو اقترابهم منها ولكنها محاطة بأخوالها وأبيها ، بل لا تشغل رأسك بهم جميعا سأحذرك من فرد واحد كفيل بالجميع ، جدها ، فعمي خالد غضوب جدا حينما يقترب الأمر منها .
شحب وجهه تدريجيا قبل أن يهتف بنزق : هل اقتربت منها يا يمنى ، لقد جذبت نظري لأني لم أرها من قبل وخاصة أني أعرف العائلة جيدا فتعجبت وسألتك ، لماذا تشعريني بالتهديد ، ولماذا سأقترب منها في الأساس ؟
لوت شفتيها وهي تضيق عينيها عليه قبل أن تتنهد بقوة : لقد أخبرتك يا أخي وأنت حر في أفعالك ، ولكن أحرص ألا يراك عمي خالد تقترب منها أو تدلف إلى مجالها فلن يستطيع أحدا انقاذك منه .
القتها وهي تشد خطواتها بعيدا عنه ليعبس بملامحه في حركة طفولية قبل أن يخرج لظهرها لسانه بحركة معتادة فيما بينهما لإثارة غيظ الآخر !!
زفر بضيق وهو يتحرك بخفة في المكان من حوله ينظر هنا وهناك ليتوقف فجأة يراقبها بعينيه تبتعد عن أدهم متجهه نحو الشاطئ الفارغ تقريبا الآن فالجميع يجلسون بالحديقة الخلفية ليتبعها دون وعي بخطوات بطيئة لتتسع ابتسامته حينما رآها تجلس على إحدى الوسادات البالونية التي ارتفعت قليلا عن الأرض حينما جلست من فوقها باعتدال وتوازن ، تطوي ساقيها تحتها فلا يظهر جسدها المغطى بالكامل في فستانها المتسع ، ترفع رأسها تستقبل هواء الليل البارد فوق ملامحها الجميلة والذي عبث بخصلاتها فتطايرت من حول وجهها ، تضع ظهر كفيها فوق ساقيها وهي تغلق كل من سبابتيها وابهاميها في علامة جلسة اليوجا الشهيرة .
اتسعت ابتسامته وعيناه تتوهج بفضول ونظراته تتمركز عليه فيشعر بأنها بجلستها تلك طائرة كالملائكة بهالتها النقية الوضاءة من حولها ، يتعلق بصره بابتسامتها الطفولية فيشعر بقلبه يغرد ببهجة تشع من داخله ، اقترب دون وعي منه إلى أن أصبح مواجها لها يتأمل أدق تفاصيلها لتشعر بوجوده فتفتح عينيها المغمضتين لتتسع برعب فترتبك جلستها لتنخفض الوسادة بها فجأة لترتطم بالأرض فيتغضن جبينها بألم وغضب لمع بعينيها حينما قفزت واقفة تسأله بعصبية عن هويته ، تضغط بإبهامها على شيء يشبه القلم التقطته من حقيبتها الصغيرة التي تحملها بوضع معكوس فوق كتفها ، أشار إليها بكفيه أن تهدأ ليحاول أن يعرفها بنفسه ولكنه لم يستطع حينما وجد أحمد وتيم يهرعان إلى مكانهما فتسرع إلى أبيها تحتمي بحضنه ويواجه أحمد الذي أتى كطود غاضب يسأله بخشونة عم حدث ؟
زفر بقوة وأجاب بثبات : لم يحدث شيئا ، لقد ارتعبت حينما وجدتني أمامها ، فأنا لم أقترب منها حتي فقط حينما رأتني هلعت وبدأت في الإشارة بعصبية حاولت أن أفهمها من أنا ولكنكما أتيتما .
التف أحمد إلى تيم الذي أومأ برأسه ايجابا على صحة ما تفوه به لينفخ أحمد بقوة : هي فقط لا تعرفك جيدا يا نادر ، فارتعبت حينما رأتك أمامها .
نفخ نادر بضيق : حصل خير .
هتف تيم بمرح افتعله محاولا اخفاء التوتر الذي خيم على نفوس الجميع وهو يشير إلى ابنته بكلماته : هكذا لا تتعرفين على الفنان يا سو ، أنه نجم الفتيات هذه الأيام .
سحب نادر نفسا عميقا ليهتف بصوت الرخيم : أنا أعتذر منك يا باشمهندس ، أنا آسف لم أقصد أن ..
قاطعه تيم بإشارة من كفه : لا عليك يا رجل ، هي فقط لم تدركك جيدا .
هم بالحديث ليصمت حينما التقط قدوم هنا المسرعة بخطواتها يتبعها أدهم وبالأخير خالد بك الذي ينظر إلى الجميع والشرر يتطاير من عينيه ليهمهم بخفوت وهو يغمض عينيه بتحسر : كملت ، فضيحتك أصبحت بجلاجل يا فنان .
هدر خالد بعصبية : ماذا حدث ؟
هتف أحمد بجدية : لا شيء يا دادي ،
سأل بغضب وهو يشير إلى حفيدته التي هرعت إليه تتعلق بحضنه فيضمها إليه بتملك : إذًا لماذا ضغطت ابنة أختك على جهاز الاستدعاء ؟
نفخ نادر بقوة قبل أن يهتف : لقد تفاجئت بوجودي يا باشا ، لذا ارتعبت وضغطت على زر الاستدعاء أو الجهاز ، أيا كان لا أعرف ، فقط هي لم تدركني ولم تمحني فرصة مناسبة لا عرفها على نفسي .
هدر خالد بجدية : ولماذا تفاجئها ولماذا تمنحك فرصة لتعرفها بنفسك ؟
تمتم نادر : لم أقصد لقد توقفت أمامها بعفوية وحينما هممت أن أشرح لها كانت ارتعبت واستنجدت بكم ، توهجتا حدقتي خالد بغضب عصف باللون الأزرق فمحاه ليحل بداله الأسود القاتم ، ليتابع نادر بسرعة - أنا أعتذر يا باشا ، لم أقصد أن اجفلها ، أعتذر عن تواجدي قريبا منها ،
ازدرد لعابه ببطء قبل أن يلتفت إليها يشير إليها برأسه قبل أن يشير إليها بيديه معتذرا طالبا سامحها لترتعش حدقتيها بذهول لأنه يعتذر إليها بطريقتها لتمأ برأسها في حركة خفيفة وهي تتمسك بجدها أكثر فيهتف بشجاعة : أنا أعتذر منكم جميعا ، وآسف على ازعاجكم ، عمتم مساء يا سادة .
توقف أمام هنا : أعتذر منك ومن ابنتك يا هانم .
تمتمت هنا بسرعة : لا عليك يا نادر ، لا عليك .
شد خطواته مبتعدا ليراقبه خالد عن كثب بعيني غاضبتين قبل أن يبتسم بلطف في وجه حفيدته يضمها بذراعه إليه اكثر مقبلا جبينها قبل أن يسألها بهدوء : أنت بخير .
أومأت برأسها في ايجاب ليبتسم إليها خالد يقبل رأسها ثانية قبل أن يفلتها لتشير إليها هنا فتضمها إلى صدرها وهي تسألها عن أحوالها فتهز رأسها وتشير إليهم أنها بخير ، تبتسم هنا إليها تربت على رأسها بحنو ليقبلها تيم بجبينها ليجذبها أحمد اليه بحنو قبل أن يشاكسها أدهم وهو يطمئن عليها بنظراته فتمأ له بعينيها أنها بخير ليتحركوا جميعهم عائدين فتتوقف هي قليلا وهي تلتفت نحو الشاليه الذي توجه إليه وأختفى بداخله لتتعلق نظراتها قليلا به قبل أن تتبع عائلتها وهي تفكر في الشاب الشجاع الذي أعتذر على الملأ ولم يشعر بالرهاب في وجود جدها ، الشاب الذي يستطيع الإشارة إليها الشاب الوسيم الذي يقو على التحدث بلغتها .
***
يداعب هاتفه ليراسلها كما يفعل منذ أن اختفت ولكنها لم تجبه .. تهمل رسائله عمدا وتختفي داخل حصن أبيها المنيع وهي تعلم أنه لن يقو على الوصول إليها ، نفخ بقوة ويفكر كم هي مخطئه فهو لو أراد الوصول لفعل ولو أراد الامتلاك لاختطفها أمام نظرات الجميع ولكنه لا يريد ، فالتهور ليس من شيمه والتسرع ليس من خصاله ، هو يجيد الصبر .. التروي .. والمراوغة لنيل هدفه ودلالها عليه لا يضايقه بل يمتعه .. يسعده ، فلقد اشتاق إلى دلالها .. مشاكستها .. وعبثها الذي تمرغ فيه وهو صغير ليفقده حينما كان في أشد الحاجة إليه ، لتأتي هي الآن وتعيد غمره بكل شيء كاد يقتنع أنه فقده ، زفر مرة أخرى وهو يراسلها من جديد بصبر فتجيبه أخيرا بوجه عابس قبل أن تسأله عم يريد فيعض شفته السفلية بتسلية مرسلا إليها أنه اشتاقها .
كادت ضحكاته أن تجلجل بصداها حينما أرسلت إليه وجه متأففا بجواره اتهامها الصريح بأنه يكذب.
لمعت عيناه بوميض مشاكس قبل أن يطبع بسرعة " بل ليتني أستطيع أن أخبرك بمدى شوقي إليك لتعلمي أني الأبعد عن الكذب يا ابنة عمي "
رأت الرسالة فور أن أرسلها لتقتله بانتظاره قبل أن تراسله بضيق شعره بين طيات حروفها " دع كاترينا تبدد شوقك "
تنهد بقوة ليبعث إليها على الفور " لا كاترينا ولا ألف مثلها يستطيعون أن يؤثرن بي "
أتبع بتروي مؤجج لهفتها الى بقية حديثه الذي أرسله " أنتِ وفقط يا نوران ، فقط يا ليتك تعلمين "
كلمة واحدة أجبرته على الابتسام باتساع وهو يقرأها ، كلمة حازمة أرسلتها إليه تنم عن غضبها القائم منه ولكنها ستتنازل لأجله حينما أخبرته بانها " قادمة "
رفع رأسه منتظرا ظهورها البهي ليخفق قلبه معلنا عن وتيرة دقات مختلفة بحضورها لتلمع عيناه بشغف يدير بصره عليها من حذاءها الرياضي الخفيف بلونه الأبيض ، بنطلون قماشي واسع بألوان زاهية .. متوهجة .. صاخبة تماثل صخب من ترتديه ، بخصر عريض ساقط فيحدد أسفل بطنها المسطحة والتي تظهر على استحياء من قماش بلوزتها الحريرية ذات الأطراف الواسعة بلونها الأرجواني الباهت فيضفي وهجا براقا على لمعان بشرتها البرونزية ، تضيق عند نهديها المضمومان بسبب القماش الملتف حول بعضه بطريقة معكوسة مغلقة إلى بداية عنقها الطويل ، بكمين قصيرين يحددان أعلى ذراعيها ، خصلاتها ملمومة - إلا من بعض خصلات تتهدل بشكل فوضوي حول وجهها - في ضفيرة جانبية تستقر فوق كتفها الأيسر ، زينتها هادئة إلا من طلاء شفتيها اللامع بوهج أرجواني أجبره على أن يعض شدقه من الداخل حتى يتحكم في توق رغبته بها ، تتحرك بدلال فتأسره بأبسط طريقة ممكنة وكأنها تؤكد لنفسها أنها تحكم قيدها من حوله بطريقتها اللامبالية وبساطة هندامها ، ورغم أن بنطالونها متسع و بلوزتها غير مكشوفة إلا أنها أثارت أعصابه وعقله يجبره على التخيل فيغمض عينيه ويطبق فكيه محاولا ضبط أعصابه التي أوشكت على الانهيار.
ولتمعن في دلالها عليه وخصامها له استقرت بجوار أبيها في شموخ أثار بسمته ليخفض عينيه بعدما رماها بنظرة متوعده فتشيح برأسها بعيدا عنه في دلال ملك قلبه واثار بهجته ، أنتبه على صوت أسعد الخشن هاتفا به : عاصم أنا أنتظرك ، الن تأتي لتصلي معي ؟
رفع رأسه إلى أسعد لينظر إليه قليلا قبل ان يهمس بصوت أجش : أصلي ؟
نظر إليه أسعد بعدم فهم ليرد : نعم أنت أخبرتني منذ قليل أن أنتظرك لنصلي العشاء جماعة .
دمعت عيناه بضحكة كبتها بداخله ليجيب بهزة من رأسه : اه ، نعم أنا أتذكر أني أخبرتك أن تنتظرني ولكن أعتقد أني أحتاج للوضوء ثانية .
ضيق أسعد عينيه ليحتقن وجهه بقوة حينما التقط وجود نوران فلمعت عيناه بإدراك ليهمهم بخشونة : أصبحت عديم الحياء يا عاصم .
انفجر عاصم ضاحكا ليهز أسعد رأسه بيأس ينظر للأعلى بضيق قبل أن يزجره : انهض يا باشمهندس وتوضأ وإلا سأتركك وأصلي بمفردي .
أومأ عاصم برأسه إيجابا ليهتف علي الدين من خلفه : لا يا أسعد بعد اذنك انتظرني سأصلي معكما .أومأ أسعد برأسه متفهما ليشير علي إلى مازن وادهم ليهتف بهم - سنصلي جماعة يا شباب من يريد اللحاق بنا فليتفضل .
تحرك مازن بهمة ليقبض على ساعد أدهم بقوة هاتفا بصرامة : هيا يا دومي ، سنصلي سويا .
ابتسم أدهم ليهتف به : حسنا أنا قادم معك لماذا تشعرني بأني مقبوض علي ؟!
تحرك الأولاد ليتبعهم عادل الذي هتف : انتظر يا أسعد سأتوضأ .
أومأ أسعد برأسه إيجابا ليلتفت إلى عاصم الذي نهض ببطء فآثار ابتسامة أسعد الذي همس إليه : لا أفهم إلى الآن ما الذي يؤخر زواجكما .
تنهد عاصم بقوة ليهمهم بخفوت : سيادة الوزير يؤخر زواجنا .
عبس أسعد بضيق ليغمغم : في كثير من الأوقات لا أفهم عمك حقا يا عاصم .
ضحك عاصم بخفة وهو يسير بجوار أسعد : ولكني أفهمه وأتفهم وجهة نظره لذا أتروى في خطواتي معه .
غمغم أسعد ساخرا : تتروى؟! أنت ستتزوج على نفسك يا ابن الخالة ، التروي في حالتك لا يفيد .
تنهد عاصم بقوة ليحدثه بجدية : بل يفيد ، لن أقترب إلا وأنا واثق من امتلاكي يا حضرة القائد الهمام ، أعتقد أنك تفهم ما أعنيه جيدا .
مط أسعد شفتيه ليهز رأسه بتفهم : نعم أفهمه وأدركه جيدا .
هم عاصم بالحديث ليصمت وعيناه تتسع بدهشة وهو ينظر لابنتي عمه الخارجتان أمامهما ، أميرة تتأبط ذراع جنى وتدفعها بلطف إلى أن تسير بجوارها ، لمعت عيناه بوميض ماكر حينما التقط تلعثم جنى التي اقتربت منهما تهمس بتحية المساء فتتبعها أميرة بإشارة رقيقة من رأسها لتترك جنى وتتجه نحوه : مساء الخير يا عاصم ، ابتسم بتساؤل لمع بعينيه فضغطت أميرة جفنيها وهي تشير برأسها إلى الاثنان الواقفان أمامهما جنى تفرك كفيها من التوتر وأسعد يرمقها بثبات وصلابة نحتت ملامحه فلا يقو أحدهم على أن يستشف ما بداخله
سحبت عاصم بعيدا عنهما وهي تهمهم إليه : تعال أريد أن أتحدث معك .
استجاب إليها عاصم بطواعية ليتركهما واقفان في صمت يلفهما دون حديث .
***
ناظرته بهدوء لتهمس بخفوت وهي تخفض عينيها ثانية : مساء الخير .
أجاب بتلقائية : مساء النور ، كيف حالك؟
تمتمت وهي تزم شفتيها بضيق : بخير الحمد لله .
عبس بتعجب : الحمد لله على كل حال ، ولكني أشعر أنك ضائقة من شيء ما .
رفعت نظرها إليه لتعبس بضيق في وجهه : نعم أنا ضائقة .
انفرجت ملامحه بدهشة ليسأل بسرعة : لماذا ؟!
توردت رغم عنها لتشيح بعينيها بعيدا عنه قبل أن تتمتم : لا شيء .
ارتفعا حاجبيه بصدمة ليزفر ببطء قبل أن يسألها بجدية : ما بالك يا جنى ؟ ما الذي أغضبك ؟ هل حدث شيء لا أعرفه ؟ هل تضايقت من شيء لا أدركه ؟هل فعلت شيء أغضبك ؟
هزت رأسها نافية مع كل سؤال من تساؤله ، لتتوقف في الأخير فلا تجب لينظر إليها بإدراك قبل أن يغمغم بتفكه - أنت غاضبة مني أنا ؟
أومأت برأسها إيجابا وملامحها تتشكل بغيظ ليبتسم رغم عنه قبل أن يسألها : ماذا فعلت ؟
عم الصمت عليهما قليلا قبل أن تجيب بثبات : ابتسمت .
اعتلى الذهول ملامحه ليردد باستنكار : ابتسمت ؟!!
هزت رأسها لتجيب بحدة : نعم ابتسمت لتلك .
عبس بتفكير وهي ينظر إلام تشير برأسها لتنفرج شفتيه عن ضحكة واسعة كتم صوتها حتى لا يلفت الأنظار إليهما قبل أن يغمغم بصوت ضاحك : أنت ضائقة لأني فقط ابتسمت .
عبست في وجهه بغضب جاد ليكمل بتفكه متسائلا : حقا يا جنى ؟
تمتمت بغضب : هل تجد أني أمزح يا حضرة الضابط ؟
سيطر على صدمته من غضبها الغير مبرر له ليجيب بعفوية : أنها ابتسامة مجاملة فقط ليس أكثر يا جنى .
وضعت كفيها في خصرها : لا والله ولماذا تجاملها من الأساس ؟
لمعت عيناه بتسلية ليجيب : كنت أرحب بقدومها .
هتفت بحدة : وما شأنك بها لترحب بها أو بقدومها أو بوجودها حتى ؟ أم أنها تعجبك ؟
تحكم في ضحكته بقوة ليردد باستنكار : تعجبني ؟! أتبع بعتاب - منذ متى وأنا أنظر لهذه أو تلك لتعجبني إحداهن يا جنى ؟
هزت كتفها بحركة طفولية تشي بغضبها : لا أعلم من الواضح أنك تغيرت .
تنهد بقوة ليهمس بصوته الابح : لم أتغير يا جنى ، بل أنا عهدي القديم باق ، زمت شفتيها بعدم تصديق ليتابع بحنان لمع بعينيه - بالمناسبة يعجبني فستانك .
نظرت إلى فستانها الكحلي الشبيه بفساتين البحارة ، يصل لمتصف ركبتيها وبكمين يحددان أعلى مرفقيها لتسأله بفرحة حقيقية تجسدت فوق ملامحها : حقا ؟!
هز رأسه بخفة ليهمس بمكر وهو يدير عينيه عليه سريعا : نعم هو قصير قليلا ولكنه جميل ، ليتبع بخفوت شديد - لقد رأيتك المرة الماضية منذ أن وطأت قدميك خارج الشاليه فأمعنت النظر إليك قبل أن تعاودي الدخول ثانية بسرعة .
كتمت أنفاسها بذهول ووجنتيها تحتقنان بقوة فتحرك ليمر بجانبها هامسا بجوار أُذنها : كنت أبتسم لرؤياك بالمناسبة .
شهقت بصدمة وهي تتابع خطواته التي ابتعدت عنها لتبتسم بخجل وهي تخفض عينيها تعيد خصلاتها للخلف في حرج لتتمتم بضيق من نفسها : غبية .
تنهدت بقوة وهي ترمقه يقترب من ابن عمها الناظر إليه بوميض ماكر والذي ينتظره على ما يبدو لتتحرك ببطء وهي تبحث بعينيها عن أميرة الجالسة بجوار شقيقتها والتي أشارت إليها بالاقتراب منهما .
***
نظر إلى عاصم بعدم فهم : تنتظرني ؟! أومأ عاصم بالإيجاب فاكمل بعتاب - لماذا لم تتوضأ حتى نصلي لقد أخرتني معك ؟
أجاب عاصم بمرح ساخر : ظننتك سترافقني إلى الوضوء أنت الآخر .
رمقه أسعد بطرف عينه : لن أتنازل وأنزل لمستوى وقاحتك يا ابن الجمال وأجيبك ، أتظن أن الجميع مثلك ؟!
دفعه عاصم بشقاوة في كتفه : يا ثقل دمك يا أخي ، أتبع بمشاكسة - أعانها الله عليك وعلى غلاظتك.
ابتسم أسعد دون إجابة ليسأله عاصم بجدية : هل لي أن أسألك ما الذي يؤخر الأمر للان ؟
صمت أسعد قليلا قبل أن يجيبه بضيق : جنى تحبس نفسها في قالب لا تريد الخروج منه يا عاصم ، وأنا قاربت على فقدان اتزاني بسببها ، تريد مني التواجد من حولها دون الاقتراب منها ، وأنا لا أقو على ذلك ، لا أقو على لافتة الصداقة التي تلوح بها كلما حاولت التقرب منها والارتباط الرسمي بها ، إذ لم تتجاوز جنى الجدار الذي بنته حول نفسها سأبتعد هذه المرة دون رجعة .
تنهد عاصم بقوة ليربت على كتفه بمؤازرة : لا تغضب يا أسعد ، اعتقد أنها تحاول مراضاتك ، أليس كذلك ؟!
زفر أسعد بقوة : إنها تفعل ذلك في كل مرة تشعر بأني ابتعد عنها فعليا لتجذبني إليها بقوة قبل أن ترتجف .. ترتعد .. تجبن وتهرب ، أغمض عينيه بضيق ليهمهم بحدة سرت من بين نبراته - بكل مرة أتحمل حيرتها .. توترها .. خوفها ولكن هذه المرة لقد فاض الكيل وانتهى الأمر ، يا تقترب يا تبتعد فانا لن اخطو نحوها إلا حينما أشعر بأنها أتية إلي .
أبتسم عاصم ليهمس بتأكيد : ستأتي يا أسعد ، ستأتي لأنها لا تقو على الهرب هذه المرة كما يبدو لي.
تمتم أسعد بصدق : كم أتمنى أن تفعلها ولا تخذلني هذه المرة .
ربت عاصم على كتفه بخشونة : لن تخذلك يا صديق ، هيا بنا نتوضأ ونصلي سويا .
أومأ أسعد برأسه ايجابا ليسأل عادل : ستكون إمامنا يا حضرة الضابط أليس كذلك ؟
هز رأسه إيجابا قبل أن يهتف بجدية : امنحوني دقيقة واحدة فقط .
***
أقترب منهما مازن لتبتسم لمياء في وجهه برقة : حرما يا مازن .
تمتم بابتسامة سعيدة : جمعا بإذن الله ، نصلي في الحرم سويا أنا وأنت وأبي .
تهللت ملامحها بسعادة : وحور إنها تتمنى أن تفعلها .
جلس بجوارها ليتمسك بكفها القريب منه : أمنياتك أنت ودادة حور أوامر ، فقط أنت اطلبى وتمني وأنا سأحققها لك ، حتى لا تهتمي إلى موافقة أبي يكفي أني سأوافق .
ضحكت برقة لتربت على وجنته بحنو : حفظك الله ورعاك .
هم بالرد عليها ليجذبه أبيه من ياقة قميصه إلى الخلف : هكذا إذًا تجلس بجوارها وتخبرها أن موافقتي من عدمها سواء يا مازن بك .
ضحك مازن بخفة : فقط أنتظر سأخبرك يا دكتور ، أنا لدي أسبابي .
تركه أحمد ليدفعه بحنق ليجلس بجوار لمياء فيصبح بالمنتصف بينها وبينه ليضحك مازن غامزا إليه بشقاوة : أشعر بالغيرة هنا .
لكزه أحمد في ركبته بحنق : توقف يا ولد .
ضحك مازن ليهتف بابيه : انتظر لأخبرك أسبابي .
كتف أحمد ساعديه : تفضل اشجيني بأسبابك .
أقترب مازن من أبيه ليهمهم إليه : أريد أن أشعرها بأن لها داعم وسند وحامي أمامك يا أبي .
التفت إليه أحمد بذهول ليتابع مازن وهو ينظر للمياء التي التفت إليه بصدمة - أريدها أن تشعر بأنها ليست بمفردها .. أنها ليست وحيدة .. أنها ليست دخيلة على عائلتنا ، بل سأكون لها كل العائلة إذا أرادت .
غامت عيناه بمشاعر كثيرة اختلطت ببعضها لتظهر بوضوح في نبرته الشجية : كانت لي يوما أُمًا احتضنتني وراعتني واعتنت بي في صغري دون أن أطلب منها وأنا الآن سأكون ابنا لها دون أن تطلب أو تنتظر مني .
تساقطت دموعها رغم عنها ليتحكم أحمد في عينيه التي دمعت رغم عنه ليجذب ابنه الى حضنه يربت على ظهره بقوة متمتما : أنا فخور بكونك ولدي .
ضحك مازن ليشاكسه بخفة : وأنا فخور لأنك أبي وأنك ستتزوج من فتاة أحلامي .
نظر إليه أحمد بذهول ليقهقه مازن ضاحكا هاتفا إليه : أوقعت بك يا دكتور .
تمتم أحمد بسبه خافتة ليلكزه مازن مشيرا إليها برأسه قبل ان يهمهم إليه : أنها تبكي .
هزت رأسها نافية وهي تمسح دمعاتها التي انسابت رغم عنها لتغمغم برقة : لا لست أبكي ، بالعكس أنا فرحة بك وبالعائلة التي ستهديني إياها يا مازن .
تنهد مازن بقوة ليهتف بكتب : متى ستعقد القران يا دكتور ؟ ألا يضايقك أن نكون ساكنين بهذه الطريقة وهي تبكي فلا يقو أحدنا على احتضانها ؟
ضحكت لمياء رغم عنها ليدفعه أحمد بغلظة : لا تساوي نفسك بي .
ضحك مازن ليشاكسه : بل سيكون لي أكثر من حقوقك يا أبي .
عبس أحمد في وجهه بغضب ليرقص إليه حاجبيه قبل أن يتحرك ليجلس فوق مقعد الأريكة مجاورا لها : أخبريه أني سأمتلك كل الحقوق بينما ستمنحينه - فقط - بعضها .
ضحكت رغم عنها لترفع نظراتها إليه لتربت على وجنته بمودة لتمتم بصوت يرجف بسعادتها : بارك الله فيك وحفظك لي .
احتضن كفها براحته ليقبل ظهر يدها ليتمتم : ولا حرمني منك أبدا .
هدر أحمد بصوت متأثرا : انهض يا ولد واذهب لأصدقائك وأترك لي عروسي .
تنهد مازن بقوة : فقط أعقد القران يا أبي ، أريدها أن تعتني بي قبيل امتحاناتي النهائية .
نظر إلى لمياء وسألها بجدية : ما رأيك ؟
ابتسمت وهي تداري خجلها لتهمهم : طلبات مازن أوامر .
صاح مازن بحبور ليهتف بجدية : لنقم حفل الخطبة هنا .
ضحك أحمد ونظر إليها متسائلا لتشير بكفيها : انتظر قليلا يا مازن .
أشار بكفيه في إشارة قاطعة : أبدا سنقيم حفل غدا مساء ترتدي به خاتمك وحينما نعود اعقدا القران .
هتف أحمد حينما لاحظ توترها : انتظر يا ولد .
لم يستجب لأبيه بل صاح بقوة : يا قوم اسمعوا وعوا لدينا حفل في الغد ، حفل خطبة أبي العزيز على مُعلمتي الجميلة لمياء .
احتقن وجهها خجلا لتهمس باسمه في عتاب ليهز رأسه نافيا : ليس هناك داع للتأجيل .
تمتمت جنى بجدية : ماذا هناك ؟
هتف بحبور : سنقيم حفل خطبة بابا في الغد .
تطلعت إليهم جنى بملامح شاحبه لتبتسم بتوتر هامسة : مبارك يا أبي ، التفتت إلى لمياء متبعة - مبارك يا لميا .
هتفت لمياء بجدية : مازن متحمس أكثر من اللازم ، ولكن ليس هناك حفلا للخطبة ولا شيء من هذا القبيل .
نظرت إليهما جنى بصدمة : لماذا ؟ اتبعت بمنطقية تمسكت بها - ما الذي يؤخركما ؟
هتف مازن : أخبريهما يا جنى .
سحبت جنى نفسا عميقا لتجيب بجدية : أنا أوافق مازن برأيه ، ليس هناك ما يعطلنا الآن
نظر إليها أحمد بتعجب لتهمس لمياء بجدية : أهلي غير متواجدين .
عم الصمت عليهم جميعا ليجيب أحمد بهدوء : أنا استأذنت عمك حينما أردتك أن تصاحبينني هنا يا لميا ولن أفعل أي شيء إلا بموافقته فلا تقلقي .
زفرت لمياء بقوة : لابد من حضور عمي وابن عمي كبير العائلة حفل عرسي لن أتزوج بمفردي فأنا لدي عائلة لابد من حضورها .
أجاب مازن بعفوية : لا أرى مشكلة للان ، تابع بمرح - أنا تحدثت عن إقامة خطبة والعرس حينما نعود تحددين الموعد الذي يناسبك وحينها ندعو عمك وابن عمك الكبير وبقية العائلة إذا أردت .
تضرجت وجنتيها بحمرة قانية لتبتسم جنى رغم عنها وتلكز أخيها بلطف : توقف فأنت تحرجها .
رفع مازن كفيه بطريقة استعراضية : لا أرى أي حرج ، إذا أردت أن تبتاعين فستان يناسب المناسبة سأصحبك صباحا أنا وجنى لتفعلين ، ففستان الخطبة على العريس ، هتف متبعا بجدية - أليس كذلك يا عمتي ؟
هدرت بعتاب : توقف يا مازن .
تنهد مازن بقوة ليتحرك نحوها يجلس على ركبتيه أمامها ليحدثها بهدوء : هل تستكثرين علي فرحتي بك ؟
رفعت عيناها تنظر إليه لتجيبه بهدوء : بل أخاف أن أفيق على أن كل شيء يحدث لي حلم لن يتحقق.
احتضن كفيها ليهمس بثبات : بل هو حقيقة أنظري ، اتبع وهو يضع كفيها فوق وجهه - أنا حقيقة واقعة يا مس لمياء لن تتغير أو تتبدل بإذن الله .
ضحكت بخفة ليكح أحمد بحرج ليهتف بحزم : هلا تركتنا نتحدث قليلا ؟
نهض مازن ليمأ برأسه موافقا قبل أن يبتعد بخطوات سريعة بعيدا عنهما لتتبعه جنى بعينيها قبل أن تستأذنهما لتتبع أخيها وهي تناديه برقة تدعوه أن يتوقف وينتظرها .
سارعت خطواتها خلفه لتدعوه بجدية تنهره بحزم أن يتوقف ليتوقف بالفعل بعد أن ابتعدا عن الجميع ليرتكن بساعده إلى الجانب الصخري للشاطئ لتهدر فيه : ما بالك يا مازن ألم تستمع إلى لقد ناديتك كثيرا وأخبرتك أن تتوقف وتنتظرني .
أثر الصمت لتقترب منه جنى تجذبه من ذراعه نحوها وهي تهدر فيه بغضب : لماذا لا تجيب ؟!
شهقت بصدمة لتهتف بجزع : أنت تبكي يا مازن .
مسح وجهه بكفيه ليهتف برجولة : بل أنا بخير .
رمشت بعينيها لتنظر إليه مليا لتسأله بحنان كعادتها : ما بالك يا حبيبي ؟
اندفع مازن نحوها ليحتضنها برجاء يضمها إلى صدره العريض هامسا إليها : أنا لا أعلم ما بالي ، أشعر بالخوف والفرح في آن واحد .
تنهدت جنى بقوة لتربت على ظهره : لا تخف يا مازن سيكون كل شيء على ما يرام .
تنهد بقوة ليضمها إليه أكثر قبل أن يبتعد عنها متمتما : أنا أعلم .
ابتسمت جنى وأشارت إليه أن يجلس بجوارها على إحدى أرائك البحر لتسأله حينما جاورها : أنت سعيد بزيجة أبيك أليس كذلك ؟
هتف بحبور : نعم ، بل أنا متحمس إليها كثيرا .
تمتمت بتساؤل متلعثم : أنت مرتبط بمعلمتك كما أخبرتني عمتو .
غامت نظراته بشجن : بل أنا أكثر من متعلق بها ، هل ستغضبين إذ أخبرتك أنها كانت تحتل جميع دعواتي وأنا صغير ؟
أجفلت جنى ليرجف جفنها دون إرادة منها ليتابع مغمغما : أعذريني يا جنى ولكن مس لمياء كانت مثال الأم المثالية التي أتمناها كل ليلة -قبل أن أغلق عينياي - واطلب من الله أن يأتيني بها .
حبست انفاسها وهي تنظر إليه بعدم تصديق : لهذه الدرجة ، أنت لم تخبرني عنها من قبل !!
ابتسم وأخفض رأسه بحرج : كنت أعلم أن شعوري نحوها سيجرحك فكتمته بداخلي ، فأنت كنت تقصين لي عن أُمنا كل ليلة ، أنت تقصين لي إحدى الحكايات التي تخصها فيصنع عقلي صورتها مجسده في مس لمياء لأتمنى من الله أن يعيد أمي أو يرزقني بشبيهتها .
أتبع بصوت مختنق : لم أخبرك عنها حتى لا تغضبين أو تستائين فأنت كنت حادة كثيرا حينما يتحدث أي أحد عن امرأة أخرى تأتي مكان والدتنا .
شحبت ملامحها ليتابع ببوح أراده : أنت تعلمين أن بابا نهاني على أن أدعو عمتي بأمي ، لقد نهاني بصرامة وأنا لا أفهم لماذا ليشرح إلي فيم بعد عن أن والدتي توفيت وأنها بالجنة تنتظرنا هناك وأن عمتي أو أي امرأة تهتم بي ليست أمي فأمي لم تعد موجودة ، وعليه استجبت الى أمر بابا وفعلت توقفت عن قول أمي وفهمت أن اعتناء عمتي وزوجتي عمي بي ما هو إلا نوع من الشفقة على الطفل اليتيم الذي أصبح مسئولية الجميع منذ وفاة والدته ، تفهمت منذ صغري أنهن يفعلن هذا لقرابتي إليهن ، حتى أنت تعتنين بأخيك الصغير لأنه مسئوليتك التي تركتها إليك والدتك ، لأجدني اتساءل عن سبب اعتنائها بي ،
تنهد بقوة ليغيم صوته بدموع خنقت حلقه فلم تسري على وجنتيه لأنه ابتلعها فهمهم مختنقا : لم تتوقف عند سنين دراستي الأولى يا جنى ، لقد ظلت تعتني بي حتى بعدما كبرت ، كانت تسأل عني المعلمين والمعلمات اللائي يدرسون لي ، كانت تتعمد أن تلتقيني لتسأل عن أخباري .. تشد من ازري .. وتعنفني إذا اسئت التصرف ، لم تنسى يوم مولدي قط بل ظلت تهنئني به وتهديني قالب الشوكولا الذي كنت أحبه منذ صغري وكانت تعتني بي في أصعب يوم يمر بي العام الدراسي بأكمله.
رفعت جنى عينيها إليه بعدم فهم ليهمس بخفوت : يوم عيد الأم ، اليوم الذي يحتفل فيه الجميع بأمهاتهن ، لاقف أنا وحيدا أنظر إلى الجميع يتلقون الحب والمودة من امهاتهن وأنا بمفردي ،
همت بالحديث ليشير إليها بجدية : أعلم أنك كنت تأتي لي وعمتي وفاطمة جميعكن كنتن تحضرن ولكن جميعكن لم تملأن الفراغ الذي كنت أشعر به ، فقط ضمتها لي .. احتضانها لي وأنا صغير وقبلة جبيني التي كانت تهديها لي وهي تربت على رأسي تشعث خصلاتي ونظرتها الحانية التي تخبرني أني لست بمفردي هي ما ظلت معي يا جنى .
نظرت إليه بذهول فهتف بجدية : أنا لست جاحدا ، أنا احمل جميل الجميع فوق عنقي ولكن شعوري نحوها مختلف .
تهدلا كتفي شقيقته بإحباط ليضمها إليه يقبل رأسها : أنا آسف يا جنى ، أعلم أني ازعجتك بحديثي وكلماتي ..
قاطعته سريعا : أبدا ، أنا سعيدة لأنك بوحت لي بم يجوب بروحك كل هذه السنين الماضية ، ولكن لماذا لم تخبر أبيك عنها ؟!
ضحك بخفة ليهمس اليها : حينما صرت شابا أخبرته بمراوغة عن رغبتي في تزويجه من معلمتي ولكنه حينها توقع أني امزح وقلب الأمر بيننا لمزحة فالتقطت رفضه للأمر وصمت من بعدها .
نظرت إليه بصدمة : يا الله ، لهذه الدرجة يا مازن ؟!
أشاح بعينيه بعيدا ليتمتم باختناق: لم اشأ الحديث معك حتى لا تغضبين .
ابتسمت لتربت على كتفه برقة : أبدا لست غاضبة .
نظر إليها مليا ليسألها : إذًا أنت لست رافضة للأمر الآن ؟
هزت رأسها نافية : أبدا أنها رائعة ستعتني بك وبابيك .
لكزها بمرفقه في خفة : وبك أنت أيضا ، اتبع وهو يرمقها بطرف عينه - أم أنك ستتركيننا وترحلين كما أخبرني أبي ؟
نظرت إليه بتعجب : أرحل إلى أين ؟!!
أجاب بمرح : تتزوجين أنت الأخرى .
تورت بعفوية : من أخبرك أني سأتزوج ، أم لأن أبيك سيتزوج ويأتي لك بمن تعتني بك تنازلت عني في أقرب طريق يا شقيقي العزيز ؟
ضحك بخفة : أبدا ولكن أبى أخبرني عن العريس المتقدم إليك فأحببت أن أفهم منك مدى قبولك من عدمه !!
تنهدت بقوة لتسأله بجدية : أنت متأقلم مع فكرة زواجي يا مازن ؟!
عبست بتعجب ليجيب بأريحية : إذا وافقت أنت سأتقبل العريس وارحب به وخاصة إذا كنت تحبينه وقلبك متعلق به .
ضربته على كتفه باستنكار : أصبحت قليل الأدب يا ولد ، كيف تتحدث معي هكذا ؟!
ضحك بمرح : ماذا فعلت يا جانو ؟! أنا أتحدث بطبيعية معك .
تبرمت : بل أصبحت قليل الحياء كادهم .
تعالت ضحكاته أكثر ليتمسك بها حينما حاولت النهوض هاتفا : لا يا جنى أنا أتحدث معك بمنطقية ، أعادها للجلوس بجواره ليضع ذراعه فوق كتفيها يضمها إليه بحنو ليهمس إليها بجدية - أنا لا أرى سببا يمنع ارتباطك من أي شخص طالما يميل قلبك إليه وخاصة إذا كان يحبك هو الآخر وأنا موقن من أنه سيعتني بك ويرعاك ، حينها سأرحب به واضمه إلى عائلتي التي ستصبح مكتملة أخيرا .
توردت رغم عنها لتشيح بعينيها بعيدا عنه والخجل يسكن أوردتها لتغمغم بخفوت : كل شيء نصيب يا أخي .
أبتسم مازن ليرمقها بطرف عينه ليهمس إليها : أشعر أن النصيب اقترب كثيرا منك ، وزيجة بابا ستكون وجه السعد على العائلة فأنا أشم رائحة ارتباط وشيك بين أبناء العم .
عبست لتنظر إليه بتعجب فيسألها بمرح : أم أنت لا تدركين ارتباط عاصم ونوران الوشيك ؟!
ضحكت رغم عنها لتضربه على كتفه ثانية : ألم أخبرك أدهم نقل إليك قلة حياءه ؟
ضحك وهو يمسد كتفه ليهتف بخشونة : يدك ليست ثقيلة ولكنها تلسع يا جنى .
هتفت به في صرامة افتعلتها : لتحترم نفسك فيم بعد وأنت تتحدث معي .
نهض واقفا ليغمغم بمشاكسة وهو يحرك أصابعه أمام عينيها : أعدك أني سأحترم نفسي ولكن بعدما أخلص ثأري منك .
شهقت بقوة لتشير بسبابتها في تحذير حاد : توقف يا مازن .
هز رأسه نافيا لتسرع بخطواتها بعيدا عنه وهي تهتف بتلعثم : تأدب يا ولد .
ضحك ضحكة شريرة افتعلها : بل سأنتقم منك شر انتقام يا شقيقتي العزيزة .
تحركت بسرعة وهي تلتفت إليه برأسها تصيح به ألا يقترب منها وهو يخطو نحوها في سرعة يمازحها بضحكاته الشريرة المفتعلة ، لتصرخ بقوة حينما شعرت بكفين يقبضان على ساعديها فتلتفت بحدة وجسدها ينتفض بردة فعل طبيعية لتزفر براحة حينما وقعت عيناها عليه يهتف بجدية بعدما افلتها بحنو : اهدئي يا جنى ماذا حدث ؟!
رمشت بعينيها كثيرا ليقترب مازن وهو يبتسم بمكر يمأ برأسه إلى أسعد في تقدير قبل أن يهتف بأريحية : كنت أشاكسها فقط وأنت تعلم هي سريعة الخوف .
رمقه أسعد بنظرة غير راضية ليهتف بجدية : أتيت على صوتها العال فتوقعت أن يكون أصابها مكروه .
همهمت هي أخيرا : كان يمزح معي ويريد أن يدغدغني .
تصلبت ملامحه ليرفع عينيه إلى مازن بعتاب فاخفض مازن رأسه : كنت أشاكسها فقط هي من هرعت من جانبي بخوف .
زفر أسعد بقوة ليقترب منها مازن يقبل أم رأسها برفق : أعتذر يا دكتورة لم أشأ أن أخيفك .
ابتسمت لتهمهم إليه بخفوت : لا عليك ، أتبع وهو يمرق أسعد بملامحه الغير راضيه - حسنا سأذهب إلى أبي وأرى هل قدر على إقناع لميا بالخطبة أم يحتاج مساعدتي ؟
هز رأسه إلى أسعد الذي أومأ إليه بالتحية قبل أن يزفر بضيق بعدما ابتعد مازن ليهدر بضيق : أنا لا أفهم ما سر أمر الدغدغة هذا الذي يجعلك تصرخين وتقفزين كالأطفال هكذا ؟!
ارتعدت رغم عنها لتهتف بضيق : ما ذنبي أنا ؟! هم من يدغدغونني ؟!
عبس بغضب ليصيح بها : اتظنين أنك ساعدتني في الفهم الآن ، أنت أثرت غضبي أكثر ، هل انتهيت من عاصم لأجد مازن ؟! ألا تستطيعين أن تتوقفي عن الصراخ أو الركض كلما حاول أحدهم أن يدغدغك ؟
تممت بطفولية : أنا أحاول الهرب منهم .
هدر بحنق : يا ليتك تستطيعين فأنت لا تقو على الهرب منهم فتصرخين وأنت تركضين تبدئي بالقفز والضحك بطريقة هيسترية حينما
يلامسك أحدهم .
دمعت عيناها رغم عنها لتسأل باختناق : ماذا تريد يا أسعد ؟ لماذا تلومني الآن ؟
نفخ بقوة : أنا لا ألومك ، أنا مستاء من الأمر ككل .
شمخت بأنفها لتهتف : هذه طبيعتي ولا أستطيع تغييرها ، أنا أضحك حينما أشعر بالدغدغة ، ولا أستطيع أن امنع ضحكاتي .
نظر إليها مليا : أعلم ولكنك تستطيعين أن تمنعيهم من دغدغتك .
عبست بضيق : لقد فعلت مع عاصم ، أما مازن فهو أخي لا أستطيع أن امنعه .
أطبق فكيه بقوة : بل تستطيعين ، هل معنى أنه شقيقك أن يدغدغك ويركض وراءك ويدفعك للتصرف بجنون هكذا ؟
هدرت بحنق : نعم هو له الحق بكل شيء .
انتفخت أوداجه غضبا ليصيح بجدية : بل ليس من حقه أي شيء ، أتبع بصرامة - لا تمنحي أحدا آخرا أي حقوق ليست من حقه .
لهث بغضب ليهدر بخفوت آمر : ليس من حق أي أحد أن يرى ما ليس له .. أن يسمع ما ليس له .. أن يشعر بم ليس له .
احتدت نظراتها لتهتف بغضب : إذًا هو حق من ؟
رمقها من بين رموشه ليقترب خطوة واحدة يشرف عليها ليرمقها بنظرة تعلقت بها حدقتيها رغم عنه ليهمس أخيرا بصوت أجش : حينما تصلين إلى الإجابة التي تبحثين عنها يا جنى ستعلمين أنت حق من .
***
• __ أنت تتجاهلني منذ وصولي يا عمار ؟
توقفت خطواته ليلتفت إليها مبتسما بلباقة : ولماذا سأفعل ؟ اقتربت منه بخطوات بطيئة لتجيب بتعجب - لا أعرف ، ظننتك ستفرح بقدومي ولكن لا أرى ذلك .
غمغم ساخرا : ما الطريقة التي كنت تنتظرينها لتشعري أني سعيد لوصولك ؟
تمتمت من بين أسنانها : أنت لست سعيدا يا عمار ، لست سعيدا لرؤيتي .. لمقابلتي .. لوجودي .
أومأ برأسه ليهتف بجدية : جيد أنك شعرت بذلك .
ضيقت عيناها لتهمس بحدة : هل هذا بسبب الفتاة التي تغيرت كليا لأجلك ؟
سحب نفسا عميقا ليزفره ببطء : لا شأن لك بها يا كاتي .
ردت ببرود : هل اقتربت منها ؟
أطبق فكيه ليهمس بخفوت حاد وهو يقترب منها مهددا : إياك يا كاترينا ، إياك والاقتراب منها ، أنا لا أمزح ولن اسمح لك بإفساد ما تبقى من حياتي .
رفعت عيناها تنظر إليه : وهل أفسدت حياتك من قبل يا عمار ؟
زفر بقوة : فقط ابتعدي عن طريقي وطريق يمنى ، أنا وأنت نعلم جيدا أن لا يوجد مشاعر تجمع بيننا، فقط توقفي عن البحث عن شيء لن تجديه لدي .
__ حقا ؟ القتها بلا مبالاة قبل أن تقترب منه أكثر تفرد كفيها على صدره العريض ، فيتصلب جسده بنفور هادرا بحدة : توقفي يا كاتي .
تمتمت بإيطالية ونبرة تموء كالقطط : لم أفعل شيئا يا حبيبي .
رجف جفنه ليقبض على ساعديها يجبرها على التوقف عن ملامسته ليهدر فيها بخشونة : أخبرتك أن تتوقفي .
ابتسمت بشراسة وهي تطلع إلى خلف كتفه لتهمهم ببرود : سأفعل يا حبيبي .
التفت إلى خلف كتفه ببطء وهو يدعو إلى الله أن لا تكون هناك لتهتز حدقتيه برفض وهو يراها تقف بشموخ تنظر إليه بثبات قبل أن تتحرك نحوه وملامحها جامدة لتبتسم إليه بلا مبالاة أحرقته، تهمس إليه بتحية المساء قبل أن تبتعد وكأن الأمر بأكمله لا يعنيها !!
أطبق فكيه واغمض عينيه وهم باللحاق بها لتتوقف خطواته حينما وجد نادر يقطع طريقه إليها ناظرا له بحدة قبل أن يتبع خطوات أخته التي اختفت من أمامهما ليزفر بقوة عائدا إلى تجمع العائلة الخارجي .
***
استوت الجلسة بين كبار وصغار ليغمغم أدهم باعتراض : لا أفهم إلى الآن لماذا نرحل إلى المبنى الآخر ؟!
تمتم مازن بخفوت : من الواضح أنه بسبب الضيفة الجديدة يا ذكي .
هدر أدهم بجدية : لماذا هل سنلتهمها وهي نائمة ؟
رمقه مازن بطرف عينه لينفجر أدهم ضاحكا مغمغما بمكر : إنها لفكرة رائعة ولكنها لا تروقني في الوقت الحالي .
عبس مازن بتساؤل ليجيب أدهم بمشاكسة : أنا لا أحب الشقراوات .
تعالت ضحكات مازن ليتابع أدهم بهدوء : الن يصحبنا أبيك إلى المنفى فهو ليس مرتبط مثلنا .
قهقه مازن ضاحكا وهم بالرد عليه ليأتيه صوت عمه من الخلف يهتف إليه ويضربه بخفة على مؤخرة رأسه : بل سآتي يا خفيف الظل ليس لأني ليس مرتبط بل حتى أكون رقيب على تصرفاتكم يا أوغاد .
تعالت ضحكات أدهم ليلتفت إلى عمه يحتضنه بحماس : أنا سعيد بك يا عماه لقد أوقعت معلمتنا الحسناء .
ليتابع مازن هاتفا : بل واقنعها أيضا بإقامة الخطبة في الغد .
ضحك أحمد ليدفعهما بمشاكسة إذًا استعدا لمساعدتي في تجهيزات الحفل غدا .
هتف أدهم بحماس : نحن تحت أمرك يا عماه .
ليقترب مازن منه فيضع أحمد ذراعه فوق كتفيه ليهتف مازن بحبور : كلنا فداك يا أبي .
***
هتف خالد بجدية : هل ستخرج للصيد في الغد يا أمير ؟
أومأ أمير بالإيجاب : نعم سأفعل ، سيصحبني أسعد ، من منكم سيأتي معنا ؟
هتف وائل بجدية : أنا سأفعل وسيصحبنا فردين من الحرس .
كح أسعد بخفة ليهتف بثبات : لا فائدة لهما يا سيادة الوزير ، فأنا سأكون معكم .
ابتسم وائل بتقدير لينظر إليه أمير بفخر فيتابع أسعد بثقة : أبي لا يصحب الحرس لأني أرافقه ،
أجاب وائل بجدية : أنت أفضل بكثير يا بني ، بارك الله فيك وحفظك لنا وللوطن .
أومأ أسعد برأسه ليهمس عادل بمكر بجوار أُذنه : وجمعك مع الوطن قريبا يا شقيق .
لكزه أسعد بركبته في ساقه القريبة منه ليهمهم بعبوس : تأدب يا طبيب .
كتم عادل ضحكته حينما لم تهتز ملامحه الجامدة ليهتف وائل : من سيأتي معنا أيضا غير أسعد ، هتف أحمد : أنا سأفعل يا عماه فأنا أحب رحلات الصيد .
ليجيب علي الدين : أنا ومازن وأدهم يا خالي سنأتي معك ، ليتبع مازن بجدية - ولكن لا نريد أن نتأخر فنحن سنعود لنستعد إلى حفل الخطبة يا عماه .
أومأ أمير رأسه بتفهم : سنفعل كلنا يا مازن بك لا تقلق .
التفت أمير إلى خالد : الن تأتي معنا ؟
__ بل سأفعل أنا وتيم وخالد الصغير أيضا.
هتف أمير بجدية : إذًا وليد وولديه ودكتور أحمد من سيبقون هنا ، أشار عادل بكفه - وأنا يا أبي ، لا أحب الصيد .
هتف نادر : وأنا لدي عمل منذ الصباح وسأصحب عمي معي .
ضحك مالك يهتف إليه : أنقذتني يا ابن حاتم .
ضج الضحك بينهم ليسأل وائل بجدية : متى سيصل البقية يا وليد ؟
__ بعد الظهيرة غدا بإذن الله .
رمقه وائل بتعجب وهو يلتقط بحثه بعينيه فيسأله بهدوء : ما بالك ؟! هل تبحث عن شيء ما ؟!
تمتم وليد وهو ينهض واقفا : كاترينا مختفية منذ مدة لا أعرف أين هي !!
عبس وائل ليرمق الجميع من حوله فيتنهد براحة حينما التقط وجود عاصم قريبا من ابنته بل يحوم حولها وهي ترمقه بدلال وغضب فيمنع ابتسامته قبل أن يجيب بخفة : ستأتي الآن ، أين ستذهب أنها قدر الله الذي ابتلينا به .
تأفف وليد بضيق وهم بالوقوف ليعاود الجلوس ثانية وهو يلتقط عودة ابنة أخته تبتسم برقة كعادتها وهي تعدل من خصلات شعرها التي تحيط وجهها .
عبس بتساؤل وهو يدور بعينيه باحثا بجد عن صغيره ليلتقط قدومه بعد قليل بملامح جامدة وعينان غاضبة وجسد متشنج يشي بمدى غضبه .
همهم بخفوت : ماذا فعلت يا غبي ؟
سأله وائل وهو يقترب منه : هل حدث شيء ؟
هز وليد رأسه نافيا ليرمقه أخيه بعدم فهم فيتحاشى وليد النظر إليه وهو يركز بصره على عمار الذي جلس بعيدا عن الجميع وكأنه ينتظر قدوم الأخيرة المختفية عن جلستهم منذ بدء السهرة !!
***
__كيف حال القمر أبو عيون زرقاء ؟ ضحكت بخفة وهي تلتفت إليه تبتسم برقة لتهتف بترحاب - مرحبا يا ابن العم كيف حالك وحال شقيقك وعمي الحبيب وزوجة عمي الفنانة الجميلة ؟
اتسعت ابتسامته : كلنا بخير والحمد لله ، أنت كيف حالك وكيف أبليت باختباراتك ؟
سحبت نفسا عميقا قبل أن تلقي بعض المقرمشات بفمها لتجيب بهدوء : بخير والحمد لله ، أعتقد أني سأحصل على تقدير أكثر من جيد لهذا العام
ظللت حدقتيه بالثقة : أنت متميزة يا ملك وستجنين كل خير بإذن الله ،
ابتسمت برقة لتثرثر إليه بعفوية : أبي أخبرني أن لديك حفل هنا
أشار برأسه إيجابا : نعم بعد يومين لذا أتيت مبكرا عن الجميع فلدي استعدادات هنا مع بقية الفرقة على المسرح .
تمتمت بمرح : مبارك إليك مقدما ، الن تدعونا اليها ؟!
ضحك بخفة ليهتف : بل جميعكم مدعوون إليها بالطبع بل ستكون دعواتكم من ال VIP كم عم لدي وابنة عم جميلة مثلك هكذا
ضحكت برقة لتجيب بثقة : واحدة فقط .
أومأ برأسه إيجابا ليهتف بجدية - فعلا أنت واحدة ولا يوجد من تماثلك أبدا في غلاتك يا ملك .
توردت بعفوية لتهمهم إليه بخفوت : احذر أن تستمع إليك أمي تظن أنك تغازلني أو شيء من هذا القبيل .
ضحك بقوة فشاركته الضحك ليهتف إليها : بل لن تفعل فهي تثق بي كثيرا .
ابتسمت ملك ابتسامة مرتعشة واسبلت جفنيها لترفع نظرها بسرعة على صوته الخشن يهتف بنادر : اضحكنا معك يا فنان .
نظر إليه نادر بطرف عينه ليهتف بتفكه : أنت تريد مشاركتي في كل شيء يا عادل .
غمغم عادل بنبرة متوعدة : بل أنت من تشاركني في كل شيء وقت شقيقتي .. دلال أمي .. حتى ابنة خالتي تشاركني بها ، أعود الى البيت فأجدك ترتكن برأسك على كتف شقيقتي وأمي تعد لك الطعام وكأن ليس لديك مأوى سوى بيتنا
دفعه عادل بغلظة : أغرب عن وجهي فأنت سبب عذابي الأثير ببيتنا وعائلتي .
ضحك نادر بخفة ليخرج إليه لسانه مغيظا قبل أن يهتف به : سأخبر حبيبة حينما تأتي في الغد أنك ضايقتني .
القاها وهو يبتعد عن مرمى يدي عادل الذي صاح بافتعال : أنت تهددني بأختك القصيرة ، لتتعالى ضحكات نادر ليشاكسه متعمدا - حسنا لا تغضب سأهددك بأختي الطويلة ،
أتبع سريعا مناديا على يمنى التي بزغت فجأة تهرع إليه بخطواتها وهي تساله : ماذا حدث ؟ لماذا تصرخ هكذا؟
هدر عادل : سألكمك بوجهك الذي تتباهى به .
وقفت يمنى بالمنتصف لتهدر بحدة تعبس بغضب : إياك والاقتراب منه لديه حفل أخر الأسبوع ومزاحك الأحمق هذا سيفسده .
هدد عادل بعناد : بل سألكمه .
هتف نادر بأريحية : سأدعو إليك أمي إذا فعلتها وأنت تعلم ماذا ستفعل أمي بك .
هدر عادل بحدة وهو يحاول أن يصل إليه لتقف يمنى بوجهه في تأهب تدفع ذراعيه بعيدا عنه : لا تدعوها بأمك
أخرج نادر لسانه إليه متمعنا في اغاظته : بل أمي رغم عن أنفك الطويل هذا .
هم عادل بالهجوم عليه لتكتف يمنى ساعديه بقبضتيها تهزه بقوة : توقف يا عادل هل جننت ؟
صاح عادل بحدة : ألا تري ماذا يفعل ؟
تأففت يمنى بقوة : أنه يمزح معك .
هدر عادل بعناد : لا إنه لا يمزح إنه يغيظني متعمدا كعادته منذ الصغر .
كتمت يمنى ضحكتها ليصدح صوت الأخرى التي تراقبهم باستمتاع على ما يبدو هاتفة باتزان : لا تهتم به ، أنه يغار منك لذا يتعمد اغاظتك فقط ليس أكثر
التفت إليها جفنيه يرجفان بعصبية تمسكت به لتتبع بهدوء وهي تنظر لعمق عينيه : لا تهتم به وهو سيغتاظ أكثر .
تمتم نادر وهو يرفع رأسه بكبرياء : لا أغار منه هو من يحترق غيرة بسبب مكانتي لدى العائلة .
زمجر عادل بخشونة ليهم بالهجوم عليه وهو يصيح : سأريك يا ابن حاتم كامل مكانتك جيدا .
ركض نادر بخفة مبتعدا وضحكاته تصدح في الأجواء ليهدر عادل : قف مكانك لو رجلا .
أجابه نادر وهو يخرج إليه لسانه بمشاكسة : أنا رجلا ولكني لا أحب مصارعة الثيران يا شقيق أختي .
هم عادل بأن يتبعه لتحتضنه يمنى من الخلف تهدر فيه بجدية : توقف يا عادل ماذا حدث لك ؟
عبس بغضب وهو يفك ذراعيها من حول خصره ليهدر بحدية : اتركيني يا يمني ،
تمسكت به أكثر لتهمس بعناد : لن أفعل .
زمجر بعصبية لتقبل كتفه بقوة : اهدأ يا دكتور أنت تعلم أن نادر يشاكسك فقط لا أكثر .
زم شفتيه بحدة لتفلته يمنى بهدوء ثم تجبره على أن يستدير إليها لتشاكسه بملامحها قبل أن تقبل وجنته : لا أحد يضاهيك مكانة يا طبيب العقول .
لانت ملامحه لتنفرج عن ابتسامة مشرقة زينت ثغره ، تتورد أذنيه فيخفض عينيه مخفيا شعور الخجل قبل أن يهز رأسه بحبور يجذبها إليه يضمها بقوة : أنت حبيبتي .
ضحكت يمنى برقة لتتعالى ضحكاتها فتصدح بالأجواء حينما حملها من خصرها ليدور بها فتتعلق برقبته وهي ترفع ساقيها للخلف ، تحنى رأسها لتستمتع بالهواء وخصلاتها تتطاير من حولها وهو يدور بها أسرع قبل أن يتوقف فتتمسك بعنقه اكثر تدفن أنفها في عنقه ، تهمس إليه : أجمل أخ بالعالم
قبل جانب رأسها : وأنت أحلى مهرة يا ابنة الخيال .
أنزلها أرضا ليعبث بخصلاتها فيفسد ترتيبها ، تلكزه بخفة في بطنه قبل أن تهتف : غليظ .
تعالت ضحكاته لتدفعه بقوة في صدره قبل أن تنثر خصلاتها من جديد وتبتعد بخطواتها بعيدا عنه راقب انصرافها ليصدح صوت من تقف تنظر إليهما باهتمام : هل هناك ما يضايقها لذا أنت افتعلت كل ما حدث الآن لتسري وتخفف عنها ؟!
التفت إليها بحدة وعيناه تومض باهتمام ليهمهم : ما الذي أوحى إليك بم تقولينه الآن ؟!
تنهدت ملك بقوة لتجيب بعفوية : لم أتقبل أمر الغيرة والمشاجرة المفتعلة بينك أنت وابن عمي ، فأنت من الأشخاص التي لا تغار على ما أعتقد .
ارتفع حاجبيه بدهشة ليقترب منها بتلقائية : كيف لا أغار ؟ هل هناك رجلا لا يغار ؟!!
ابتسمت لتجيب بذكاء : هناك فارق بين أن تغار على قرينتك أو تغار من الآخرين يا دكتور ، أنت شخصية مهيمنة .. واثقة .. وغير مبالية كما أعتقد ، ثم أن نادر ليس بالغليظ الذي رأيته منذ قليل بل هو ودود ولطيف .
نظر إليها مليا قبل أن يردد بتفكه : لطيف ، أنت الأخرى ترين نادر لطيف ؟
ضحكت رغما عنها لتجيب بمكر : لا تبدل الأمر وأجب عن سؤالي .
ابتسم بمكر وهو يسبل عينيه : والذي هو ؟
سألت بثبات : هل هناك ما حدث ضايق يمنى لذا أنت افتعلت الأمر بأكمله واستجاب إليك نادر فعمل على مجاراتك ؟
مط شفتيه بتفكير قبل أن يرفع عينيه ينظر إلى زرقاويتيها اللامعتان بفضول : سأجيب بشرط ، نظرت إليه بتساؤل فاتبع بجدية - إذا أخبرتني عم كان يضايقك المرة الماضية .
اغتمت ملامحها فجأة ليصدح صوت والدتها مناديا لتبتسم برقة : مرة أخرى يا طبيب ، سأخبرك ولكن على شرط أن تخبرني أنت أيضاً .
سحب نفسا عميقا وهز رأسه موافقا : اتفقنا يا آنسة ملك .
عبست بتعجب لتهمهم برقة : بل ملك فقط . همس إليها بصوت اجش - إذًا أنا الآخر عادل فقط . توردت بعفوية لتهز رأسها بالموافقة لتبتعد وهي تشير إليه بأصابعها : إلى لقاء قريب يا صمتت قليلا قبل أن تتبع بنبرة مميزة - يا عادل .
راقب ابتعادها بعينين وامضتين باهتمام وخفقة مغايرة تدق بين خفقاته التي تهدر بثبات .
***
عبس وليد بتعجب ليسأل وائل حينما تعالى صياح عادل : ماذا يحدث ؟
زفر أسعد بقوة ليجيب بتمتمة خافتة : إنهما يمزحان ، أتبع بلباقة - نعتذر منكما ولكن هذه طريقة مزاحهما المثلى .
ارتفع حاجبي وائل بتعجب وخاصة حينما ظهرت يمنى لتفصل بينهما ليشير إلى أمير : ادعوها يا أمير حتى لا يضايقانها بمزاحهما .
ابتسم أمير ليهز رأسه نافيا : لا لن يفعلا لا تقلق .
رمقه أسعد قليلا قبل أن يغمغم بتفكه ساخر : هما لن يستطيعا مضايقة موني ، أتبع بثبات - موني تستطيع مضايقة البلد بأكملها .
لمعت التسلية بعيني وائل ليغمغم : بالطبع أنها ابنة الخيال .
أومأ أسعد برزانة لينتفض بحمية على صوت ضحكات يمنى التي صدحت حولهم ليطبق فكيه بقوة وهو ينظر لما يحدث أمامه يهز رأسه برفض ليهم بالتحرك نحوهما ولكن صوت أبيه الرخيم قاطعه بجدية : اتركهما يا أسعد ، إنهما يمرحان يا بني لا ضرر من هذا .
أومأ برأسه في جدية ليعاود الجلوس ثانية قبل أن يصدح صوت مالك : أنت أجلت سفرك يا وائل ؟!
ابتسم وائل باتزان : نعم مددت إجازتي لأجل خطبة أحمد في الغد ، سأغادر بعد يومين أو ثلاث ، وفقا لظروف العمل .
هتف مالك بمرح : هذا جيد أجل سفرك إلى أن تحضر حفل نادر الذي سيقام بأخر الأسبوع .
أومأ وائل برأسه في اتزان ليسأله بجدية : أخبرني يا فنان ، ألا زلت تبحث عن مدير تسويقي لشركة الإنتاج ؟
لوى مالك شفتيه بضيق : نعم للأسف كل من قابلتهم لم يكونوا على المستوى المطلوب ، وسليم رفض الوظيفة رغم أنه سيكون مديرا تسويقيا عالمي .
ابتسم بمكر وجلسته تتراخى بكسل يراقب ابن اخيه - الذي انتبه إلى الحوار رغم عنه - من بين رموشه : وماذا ستفعل إذا أخبرتك أن لدي مديرا تسويقيا ممتازا أستطيع أن اقنعه بالعمل معك ؟
اتسعت عينا مالك بتفاؤل ليهتف : لا تخبرني أنك ستقنع أحمد بالعمل معي .
ضحك بمكر وهز رأسه نافيا ليتبع مالك سائلا بعدم تصديق : نوران ؟
همس بخبث : ما رأيك ؟
انتقض جسد عاصم بتأهب بينما هتف مالك بترحاب : بالطبع موافق سأمنحها ما تريد ولكن لتضع للشركة برنامج تسويقي كما فعلت لمشاريعكم .
اسبل أهدابه وابتسامته الماكرة تحتل ملامحه بأكملها ليرفع عينيه للجالس أمامه فتتسع ابتسامة وهو يلتقط رفضه الواضح بعينيه ليهتف بمرح : إذًا دعني أتحدث معها .
هتف مالك بسرعة : أخبرها الآن من فضلك .
أشار إليها بكفه أن تقترب منه فهتفت وهي تقبل عليهم : اؤمر يا بابي ؟
أشار إليها بالجلوس فجلست بكرسي جانبي ليتحدث مالك بجدية : ما رأيك يا نور أن تعملي معي ؟!
أجفلت لتتراجع برأسها قليلا : ولكن أنا أعمل بالفعل .
رد مالك بنبرة مهادنة : بالطبع يا جميلتي أنا أعلم بعملك ، بل إن عملك هو من يشهد لك ومن يرشحك للعمل معي .
نظرت إلى أبيها وعمها الجالسان متجاوران : هل تتخلصان مني ؟
هتف وليد : أبدا يا ابنتي أنها اقتراحات أبيك العبقرية .
ردت بجدية : أنا مرتاحة بعملي في المؤسسة .
اعتدل أبيها في جلسته ليتحدث بنبرة هادئة : ولكنك لن تكوني مديرا تسويقيا أبدا في المؤسسة ، فأحمد يشغل المنصب ، همت بالحديث ليقاطعها بإشارة من يده - نعم أنت إحدى المدراء التسويقين ولكن جميعكم يعمل تحت امرة أحمد ولكن في شركة الإنتاج ستكونين أنت فقط من تملكين جميع الصلاحيات
همهمت وهي ترمش بعينيها : ولكني لا أريد أن أترك المؤسسة والمشاريع المشاركة بها .
هتف مالك بأريحية : إذًا اجمعي بين العملين لا يهمني ، فقط الفترة الأولى ستكونين بدوام كامل عندنا إلى أن تضعي برنامج تسويقي جديد ثم أعملي بنصف وقت هنا وهنا
اهتزت حدقتيها بتوتر ليهتف أبيها بنبرة مهادنة : أنت تبنين اسما لك يا نوران ، لا تتقيدي بعملك في المؤسسة ، اعملي كما يحلو لك ، ومكانك بالمؤسسة محفوظ أنها أسهم وراثية يا فتاتي .
رمقت أبيها قليلا ليبتسم ويحثها بعينيه على الموافقة ليسألها مالك بإلحاح : ها ماذا قلت يا نوران ؟
ابتسمت بمكر يشابه مكر أبيها لتهتف برقة : وهل أقوى على رد طلبك يا عماه ؟ نهضت واقفة لتتحرك نحو أبيها وهي تتبع - وإذا استطعت أن أقول لك لا ،لا استطيع أن أرفض رغبة سيادة الوزير .
تعالت ضحكات وائل ليجذبها نحوه يجلسها إلى جواره ليقبل جانب راسها يضمها إلى صدره هاتفا : نور عيون سيادة الوزير أنت .
تمسكت بحضن أبيها لترفع عينيها فيقابلها غصب نظراته لتقبض لا إراديا بكفها على طرف سترة أبيها الذي ضمها أكثر إلى حضنه فاستكانت بجوار قلب أبيها إلى أن هتف مالك لينتشلها من عمق نظراته الغاضبة : حسنا يا نور العيون متى ستبدئي العمل ؟
هتفت وهي تعتدل بجلستها : امنحني بعض من الوقت يا عماه لأرتب أموري بالمؤسسة ، تابعت - فانا لا أعرف كيف سأوفق الوضع بين هنا وهناك ؟ وماذا سأفعل بعملي هناك وهكذا .
أجاب وائل وهو يشير بعينيه إلى أحمد أن يسانده : من الممكن أن يساعدك أحمد في ترتيب أمور عملك يا نور ومالك سيخبرك عن التفاصيل هناك .
أجاب مالك على الفور : بالطبع سأفعل ستنير الشركة كلها ، ستجلسين فغرفة المدراء ليس بها سوى حبيبة فنادر بالاستديو على الدوام .
هتف عمار بتعجب : ماذا يحدث ؟
أجاب أحمد بضحكة ماكرة : زوج عمتك يستميل نوران للعمل معه فيذللوا أمامها كل العقبات لترضى .
التفت عمار لأخيه الجالس بصمت ملامحه جامدة وكأن ما يحدث أمامه لا يعنيه ليهتف عمار بدهشة : ستتركين المؤسسة يا نور ؟
أجابت بعفوية : بل سأجمع بالعمل بينها وبين شركة الإنتاج .
ضحك عمار بتفكه : الجمع بين اثنين في حالتك حرام شرعا يا ابنة عمي .
عبست بعدم فهم لتتعالى الضحكات من حولها فتنظر إليهم بتعجب قبل أن تسأل : ماذا تقصد يا عمار؟!
ضحك عمار ليهم بالحديث قبل أن ينهره أبيه بجدية : احترم نفسك يا عمار
هز عمار كتفيه : أنا أمزح معك يا نور .
تمتمت : لم أفهم المزحة أنا آسفة .
ضحك أحمد وهتف بأريحية : هو يخبرك أن السيدات لا يحق لها أن تجمع بين اثنين ، أزداد عبوسها ليتابع أحمد - زوجين .
ارتفعا حاجبيها بصدمة لتهتف : من أتى بسيرة الزواج الآن ؟!
قهقه أحمد ضاحكا : انسي الأمر يا صغيرة ، أتبع بجدية - أخبريني ماذا تريدين أن أفعل معك وسأفعل إلى أن تعودي إلى المؤسسة ثانية ؟
همت بالحديث ليعتدل عاصم بجلسته يشد جسده ويرفع رأسه باعتداد : من أخبرك أنها ستترك المؤسسة ؟ لمعت عينا أحمد باهتمام والتسلية تومض بمقلتيه ليتابع عاصم بجدية - من رأيي أن التعجل بالأمور شيء سيء والسعادة في التروي .
أتبع وهو ينظر إليها بمقلتين معتمتين : التروي في التفكير .. التروي في الأفعال .. التروي في اتخاذ القرارات .. والتروي في التنفيذ ، والأهم من كل هذا كيفية التنفيذ ومن سيوافق على تنفيذ القرارات التي يتخذها المرء ، فالسلطة لا تمنح للكثيرين وأن تحصل على موافقة السلطة لأمر صعب المنال في الوقت الحالي .
نهض واقفا ليستطرد بصرامة : فأنا لم أوافق وأعتقد أني لن أوافق على أي شيء ، عمتم مساء يا سادة .
استدار موليا ظهره لهم ، يغادر بخطوات حازمة ، أطبق وائل فكيه وهو يرمقه من بين رموشه بنظرات متوعدة ليهم وليد بمناداته لتنهض هي واقفة وتشير إلى عمها بالانتظار هاتفة بجدية : أتركه يا عماه أنا سأتحدث معه .
عبس أبيها دون رضا ليهم وليد بالرفض فتتابع بثقة : هو يشعر بأننا لم نضع رأيه بالاعتبار ومعه حقك وخاصة أنه رئيس مجلس الإدارة لذا شعر بالغضب .
زم وائل شفتيه دون رضا احتل ملامحه ليكتم أحمد ضحكته أشار إليها وليد يحثها بحماس أن تتبع عاصم ليهتف عمار بمرح : واو ، أتبع بتفكه - من أنت يا نور ؟!
ضحكت برقة وتجاهلت الرد على عمار وهي تشد خطواتها تتبعه ، نادته بصوت عال قليلا لتهتف به : انتظر أنا أريدك يا عاصم .
زم شفتيه بغضب ليقف قبل أن يدلف إلى سيارته فيصفع الباب الذي كان مفتوحا ليلتفت ثم يتكأ على جسد سيارته ينتظرها وهو يكتف ساعديه بحدة طفولية أثارت ابتسامتها ليزداد عبوسه كلما اتسعت ابتسامتها ليهتف بحده حينما وقفت أمامه : هل أجبرتني على الإنتظار لتتبادلي الابتسام معي يا نوران ؟
نظرت إليه بدهشة لتهتف : بالطبع لا أردت الحديث معك ولكن أخبرني أين تذهب ؟
نفخ بقوة : أريد أن اتنزه قليلا ، هل لديك مانع ؟
أشارت برأسها نافية : هل ستصحبني معك ؟!
رمقها قليلا قبل أن يهتف بحدة : لا ، أتبع بغل - لماذا اصحبك معي لتتركيني وتذهبين بأخر الأمر .
زفرت بقوة : أنا لا أتركك واذهب يا عاصم أنه عمل جديد سيضم إلى مسيرتي المهنية ، عبس برفض لتتابع برقة تهادنه بدلال - فقط أخبرني عن سبب رفضك لعملي في شركة الإنتاج إلى جانب المؤسسة .
أجاب بجبروت : أنا حر في رأيي
رفعت حاجبها بدهشة مفتعلة لتسأل بصوت مغوي وهي تكتف ساعديها أمام صدرها : وأنا لم أطلب موافقتك ، أنا بفترة التدريب يا سيادة رئيس مجلس الإدارة ، ومن حقي أن أبلغكم بعدم استعدادي للعمل عندكم لأن الأجواء لم تكن مناسبة لي .
مطت شفتيها متصنعة التفكير لتكمل بحنكة : وحينها سأنصرف وأصحب معي خطتي التسويقية .
ومضت عيناه بغضب : تهددينني يا نوران ؟
أجابت على الفور : أبدا ، أنا اخبرك عن كل جوانب الأمر حتى تقرر وأنت لديك رؤية كاملة عنه .
أشاح بعينيه بعيدا عنها لتسحب نفسا عميقا قبل أن تلامس جانب وجنته لتدير وجهه اليها ثانية مهمهمه إليه بخفوت أعتقد أن الأمر لا يستحق التروي يا باشمهندس بعض الأحيان لا تؤخذ الدنيا إلا غلابا .
احتدت نظراته برفض هم على الصياح به لتنظر إليه مليا قبل أن تهمس : أعتقد أنك عليك القبول يا عاصم فالموافقة أفضل من الرفض ، اقتربت منه تقف أمامه وتتابع ببراءة - وأنا لن أخل بمسئولياتي أعدك .
أطبق فكيه بقوة : حسنا كما تريدين ، المؤسسة لا تتمسك بمن لا يتمسك بها .
رفعت عيناها رغم عنها لتجيب بتنهيدة قوية : أنا متمسكة بالمؤسسة بكل قوتي يا عاصم ولكن هي من لا تدرك قيمة وجودي ولا تخبرني عن قيمتي لديها .
أطبق فكيه ليهمهم مرغما : بل تدرك قيمتك و وجودك يا نوران ، وأخبرتك بدلا من المرة مئات المرات ولكنك من لا تستطيعين التفاهم معها .
ومضت عيناها بأمل لم يستطع أن يتجاهله لتجيبه : بل أريد ولكن في كل مرة لا أنجح للوصول ، أغمض عينيه لتهمس متابعة - هلا إذا طلبت مساعدتك ستفعل يا عاصم ؟
نظر إليها مليا ليردد بعدم فهم : مساعدتي ؟
أتبعت بشقاوة : نعم لأصل إلى قلب المؤسسة .
ومضت وعيناه بإدراك ليضحك رغم عنه مهمهما : وما أدراك أنك لم تصلي إليه ؟
اقتربت منه بعفوية : حقا يا عاصم ؟
زفر بقوة : لازلت تسألين ؟
هزت رأسها نافية : حسنا لا أسأل ولن اشكك ولكن أريد ضوء أخضر واحدا لأسير عليه .
جف حلقه وهو ينظر لعينيها الواسعتين برجاء ليهمس رغم عنه : لا ترحلي ، تشكل ثغرها بابتسامة فرحة ليكمل بصوت خشن ومراوغة تعمدها - عن المؤسسة .
لاح العتب بعينيها لتعض شفتها السفلية ثم تهمس بصوت أبح : لن أفعل ، سأعمل هنا وهناك .
تمتم بحنق طفولي وذراعيه تلتف حول خصرها يقربها منه : ومن سيكون إلى جواري حينما تكونين هناك .
أجابت بعفوية : أنا أيضا ، سأكون إلى جوارك طالما أردت .
هدر بخشونة : أنا أريدك .. انتفض جسدها بقوة لتحاول أن تتملص من بين ذراعيه ليتبع متداركا محاولا امتصاص صدمتها - أريدك بجواري لقد أصبحت أعتمد عليك بكل العمل يا نوران .
لامست صدره بكفها دون وعي منها تريد أن تطمئنه : سأكون جوارك .. ومعك لا تقلق .
ارتجف جسده بعنف شوقه لها ليضع راحته فوق كفها المفرود على صدره ليضغط عليه أراد ابعاده عن جسده حتى يسترد سيطرته على نفسه أمامها ولكن كل السيطرة ذهبت أدراج الرياح حينما شعر بدفء كفها وملمسه الناعم ليرفعه دون وعي ويضعه فوق فمه طابعا قبله عميقة وشمت قلبها بختم عشقه لها
انتفض جسدها برعشة سرت في أوصالها وخاصة حينما حاوط ضمها أكثر إليه ورأسه تنحني لها فتهمس اسمه في نبرة رجاء خافتة تحوي على رفضها ، لينتفض بقوة وهو يتمالك نفسه ، يبتعد إلى الخلف بعد أن كاد أن يقبلها ويضمها إليه ليهمهم بصوت أجش : افعلي ما يحلو لك يا نوران ، لن أقف أبدا في طريق نجاحك .
حاولت أن تتمسك به .. تبقيه .. تسترده من جديد ولكنه استدار على عقبيه دالفا إلى سيارته منطلقا بها للخارج دون أن يحيد ببصره إليها من جديد !!
***

رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن