الفصل ال١٣

2.3K 69 10
                                    

يجلس بمكتبه يهتز بتناغم على كرسيه الوثير ، يتطلع أمامه بشرود وعيناه تراقب الدقائق التي تمر ببطء وهو ينتظر وصولها ، فمنذ ذاك اليوم وهي تمر عليه يومياً ، تمر بمكتبه تمنحه تحية الصباح بابتسامة مغوية متقنة وتدلف إلى مكتبها عبر الباب الواقع بين الغرفتين ، وكأنها تتعمد أن تثبت اقدامها .. وجودها .. وكيانها


الذي يحتل كيانه ويجتاح ثباته ولكن برياح هادئة محببة ، تجبره أن ينظر إلى ارديتها العملية والتي اصبحت أكثر التزاماً عن قبل ، فتخبره بشكل ضمني عن إلتزامها بتعليماته ، وكأنها اصبحت تقدر أوامره بعد أن اكتشفت أنها ليست من أجل تحكمه بل من أجل أن تحتوي غيرته التي تشتعل فلا تدركها ولكنها تحاول التحكم بها ، إنها تلاعبه بذكاء انثوي حاد ، اغواء ملكة تصارع لكسب مملكتها وبسط سلطانها على الجميع وهو على رأسهم فتخضعه برفة عينيها ومنحه القوة التي يرغبها .. التحكم الذي يريد .. والخضوع الذي يتلهف ، فيحنو رأسه إجلال أمام حنكتها المغوية وعيناها التي لا تتسم بالبراءة بل موشمه بمكر يذيب مفاصله .


تنهد بقوة وهو يستعيد وقوفها بشموخ أمام مجلس الإدارة الذي دعاه ثاني يوم ليناقشها أمام الجميع ، يسألها ويفند أسباب رفضه ، فتجيب ببراعة وتدحض شكوكه بسلاسة ، حتى حينما حاول التلاعب بها فطنت بذكاء حاد إلام يريد وردة فعلها أتت سريعة وسلسة لتبهره ، فكاد أن يصفق لها ولكنه تمالك نفسه ليعلن بهدوء وسعادة تومض بعينيه قابلتها هي بنظرة واثقة " أنه سيعيد توزيع الأرباح ليمنحها ما تريد "


ولكن أول من اعترض أبيه الذي وافقه عمه وهما يحملانه الخسارة كاملة ، حينها هتف زوج خالتها أنه مستعد أن يمنحه جزء من الخسارة رغم أنه كان من الموافقين، ليعترض أبيه ثانية بهتاف : هو من اعترض هو من يتحمل .


فيزم شفتيه بتفكير قبل أن يهتف بهدوء جاد وهو يرمقها من بين رموشه : سنتوصل لحل يا استاذة نوران وسنبلغك .


هزت كتفها بدلال واجابته حينها : على راحتكم ، ولكن ليس لأكثر من ثلاث أيام وإلا سأسحب خطتي من مشاريع المؤسسة .


وها هو اليوم الثالث وهو ينتظرها ليبلغها بأنه اقر لها نسبة الارباح وهو يشاغبها كما يفعل منذ أن اعلنت الحرب الباردة بينهما ، إنه يعتمد اسلوبها فيغويها على طريقته ويشبعها بتفاصيله وهو يقرر أنه هذه المرة سينالها ، سيخرج منتصراً من حربه على نفسه وتكون هي أكبر غنائمه ، سيعلقها به .. سيقيد روحها إليه .. وسيشم قلبها بوجوده ، فلا تقوى على الفرار من بين براثنه حتى لو أرادت فلن تستطع ، سيخضعها دون أن تدري ، وسيمتلك قلبها .. روحها .. عقلها .. وجسدها، وهي تتخيل بأنه أصبح ملكها ، أنه يمنحها انتشاء اكتشافها بأنه يهيم بحبها ، فلا تدرك أن بمعرفتها أصبح الأمر أكثر سلاسة من اخبارها بشيء لا يقو على التصريح به حاليا ، فهو لن يركض خلفها ولا يقوى على منحها شغف لا يشعر بأنها تستحقه ، فيبق مكانه مستمتعا وهو يراقب عرضها الذي تتوهم بأنها ستنال نصرها في آخره ، ولا تدرك أنه موقن من نصره المحقق بأنها ستصبح خاصته ، وأنها ستسقط راكعة بآخره أمامه مُقرة بفوزه وسلطانه عليها .

رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن