الفصل الخامس

2.2K 70 2
                                    

يقف بشرفة الشاليه المطل على البحر من أمامه بزرقته الصافية ، يتأمل المنظر الرائع بأول الصباح والشمس تتلألأ بأشعتها الخافتة الحيية على صفحة وجه البحر الذي يداعبها برقة فتشرق بتوهج وتضيء العالم بنورها القوي ، يشعر بالراحة تخيم عليه بعد أسبوع طويل ممتد جمعهما سويا دون وجود أي كائن أخر سواهما ، لا أبيها ولا أمه ولا حتى العمل الذي انجزه بأول أيام سفرتهما ثم عاد إليها بنفس صافية وخاصة حينما أجابت والدها بهدوء أنها سافرت معه ، لقد تعجب من ثبات أميرة وهدوءها وهي تجيب حماه الذي أعترض أو لم يفعل إلى الآن لا يعرف ، كل ما يعرفه أن زوجته ابتعدت عنه لتكمل محادثتها مع أبيها وعادت بابتسامة رائقة جميلة ووجه بشوش ومكثت معه للان دون أن تلح بالعودة أو الرجوع لأبيها كما كانت تفعل من قبل ، بل الأعجب والذي لا يستطيع تحليله للان أنها طلبت منه البارحة أن يؤخر موعد عودتهما ليومين إضافيين وأنها سعيدة بوجودها هنا !!


ابتسم باتساع وهو يستعيد ضحكة عاصم الصادحة حينما أخبره أنه سيتأخر بالعودة لمنتصف الأسبوع ليمازحه عاصم بسماجة فيغلق الخط بوجهه تحت وطأة ضحكات الآخر التي ترن بأذنيه إلى الأن ، تنهد بقوة وهو يحاول أن يحلل ردة فعلها فهي لم تعترض على اختطافه لها ولا وجودهما هنا ، بل شعر بأنها سعيدة و كأنها كانت تحتاج لأن يختطفها ويبعدها عن كل التوتر الذي يحيط بهما .


__ أحمد ، أحمد .


انتبه من أفكاره على ندائها فالتفت ينظر إليها ، اتسعت ابتسامته وعيناه تغيم بعشقه لها حينما وقع نظره عليها فوجدها ترتدي الفستان الجديد الذي إبتاعه لها البارحة تدور من حول نفسها ببهجة وحبور خالص ، تتمسك بطرفي الفستان وتتهادي بدلال فومضت عيناه بعشق وذكرى بعيدة جدا لا يعلم لماذا طرقت رأسه الأن ؟!!


وهو يستعيد تأمله لها وهي تدور من حول نفسها بفستانها الجديد تضحك ببراءة تأسر خفقاته ، تتمسك بتاج رأسها ، هديته لها في العيد فتكون اسم على مسمى ، إنها أميرة وهي بالفعل أميرة ، أميرته .. مليكته .. حبيبته .


تبعثرت أنفاسه وخلجاته تعلو ، دقاته تطرق صدره بقوة وهي تتحرك بخيلاء تمسك طرفي فستانها وتنحني برقة رجف فكه لها ، لتشير إليه بطرف أصابعها وهي تخصه بابتسامة فريدة لا تبتسم بها لأحد غيره ، قبل أن تقترب منه بخطواتها الطفولية وهي تضحك بحماس وتهتف : رأيتني ؟! هل اليق بالتاج ؟!


تنهد بقوة وعيناه تومض بمشاعره المكتومة بداخله ، لا يستطيع تعريفها أو إقرارها ولكنه يدركها وقلبه يهمس بها كلما شعر باختلاف روحه بجوارها ، تمتم بصوت خافت خشن وهو يهز رأسه نافيا : بل كل تيجان العالم لا تليق بك يا أميرتي.


ابتسمت بعد أن بدأ العبوس يراود ملامحها لتهتف بغبطة : أحبك يا أخي .


عبس بغضب ليحدثها بجدية : أنا لست بأخيك ، لا تكرريها ثانية .

رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن