الفصل ال٢٤

5.5K 77 11
                                    

يقف بجوار السيارة مع عمه ينتظر خروج العروس يبتسم رغم عنه و هو يستمع إلى تبرم عمه من فكرة صالون الزينة التي كانت السبب فيها حرم معالي الوزير و التي أصرت أن تصحب العروس معها إلى هنا.
زفر عمه بضيق: لا أفهم ما الفائدة ، لميا أخبرتني أنها لن تفعل أي شيء من أشياء النساء، كتم ضحكته و خاصة حينما اتبع عمه - و لكن لابد لحرم الوزير أن تعذبنا معها ، ألا يكفي ما يفعله زوجها و استبداده برأيه ، لتكن هي أشد استبداداً منه.
آثر الصمت ليكمل أحمد مزمجراً : صدق من قال " لا يفل الحديد إلا الحديد"
انطلقت ضحكته رغما عنه ليقترب من عمه مربتاً على كتفه بعد أن ضمه بذراعه من فوق كتفيه : لا تغضب و لا تستاء يا عماه ، ففاطمة كل ما يهمها أن تفرح ميس لمياء و تشعرها بأنها عروس بالفعل و أنها ليست وحيدة.
أجاب أحمد بضيق : أعلم ، و لكن هل أنا صغير لأقف منتظراً هكذا؟!
تنهد عاصم بقوة : ألا يهمك أن تسعد عروسك يا عماه؟!
أجاب على الفور : بالطبع يهمني و لكن عروسي نفسها لم تأتي بناءً على رغبتها، بل زوجة عمك من أجبرتها على المجيء.
رمقه عاصم بطرف عينه : إذاً أنت غاضب من فاطمة ، أومأ أحمد برأسه ليتبع عاصم بابتسامة واسعة - يا عماه و هل تقوى على الغضب من تامي؟!
لانت ملامح أحمد ليبتسم رغم عنه قبل أن يجيب بخفة :لا طبعاً ، و هي تعلم ذلك ، تدرك جيداً أننا لا نجرؤ على الغضب منها لذا تتدلل كما تريد و تفعل ما تشاء. ضحك عاصم ليتابع أحمد بمكر - ابنتها تشبهها ،تخطأ و تتدلل و تعلم أنها محمية من الكبير .
نظر عاصم لعمه بتساؤل لامبالي مفتعل : أيهما ؟!
لكزه أحمد في جنبه ليهمس ضحكا : من تقف تنتظرها إلى جواري يا ابن وليد.
ابتسم عاصم رغماً عنه و اخفض بصره خجلاً ليتابع أحمد بجدية - أجبر عمك يا عاصم ، فوائل لن يستجب بالمراضاة ، وائل حله الآمن هو الإجبار ، فهو لا يقو على الاستغناء عن بناته .
تنهد أحمد بقوة : و صدقاً معه حق ، فأنا الأكثر اتزاناً بين ثلاثتنا شعرت اليوم بأني سأفقد ابنتي إذا منحتها لمن أرضاه لها زوجاً .
سأل عاصم بجدية : إذاً أنت تقبل بأسعد يا عماه؟!
أجاب أحمد : بالطبع يا فتى ، و هل هناك من يماثل الفارس ابن الأمير ، و لكن ليس هذا السبب الوحيد لموافقتي عليه السبب الرئيسي أني أرحب بأسعد لأنه الوحيد الذي يقوى على منح جنى الامان، يقوى على تبديد خوفها .. تقليص رعبها .. و احتواء توترها ، تنفس أحمد بعمق وتابع - لذا سأكون مطمئن على ابنتي معه ولكن الفتيات يصعب فراقهن يا عاصم.
تلألأت عيناه بشجن : انهن روح الحياة وجمالها ودونهن تفقد رونقها ، ابتسم بمرح واتبع - تعود حياتك إلى الأبيض والأسود فلا تجد من تلونها لك .
ابتسم عاصم بتقدير ليهتف بمشاغبة تعمدها : ستاتي من تلونها من جديد يا عماه بعد أن تترك جنى ، واترك الفتاة لابن خالتي المسكين الذي قارب على فقدان عقله بسبب ابنتك .
عبس أحمد : تأدب يا ولد .
تبرم عاصم بمرح : ما بالكم كلما تحدثت إلى أحدكم تخبروني أن أتأدب ؟!
ضحك أحمد : لأن زمامك فلت ، تأثير المدللة عليك فتاك يا عاصم .
قهقه عاصم بقوة ليعض شفته السفلية بلطف قبل أن ينطق بمشاكسة : آه يا عماه إنها كلها فتاكة ليس تأثيرها فقط .
تعالت ضحكات أحمد لينظر الى السماء هاتفاً : أين سيادة الوزير ليسمعك فيعلقك من أذنيك؟!
رفع عاصم حاجبه بإعتداد : لا يقو على فعلها يا عماه ، وليس عاصم الجمال من يُعلق من أذنيه ، ومضت نظرات أحمد بمكر ليتابع عاصم بجدية - سأختطفها إذا اقتضي الأمر ولكني امنح لي ولها فرصة لنتقارب دون حصار أخيك العزيز والذي سيفرضه علينا حينما يُعلِن ارتباطنا الرسمي .
ابتسم أحمد وهز رأسه بإيجاب وعيناه تومض بإعجاب ليهتف بجدية : أتعلم يا عاصم ؟! انتبه إليه عاصم باهتمام ليكمل أحمد - أنت لا تشبه عمك ، بل أنت الأكثر شبهاً بجدك رحمة الله عليه ، وائل كان عنيد .. جامح .. متغطرس ، كان حينما يغضب يبطش بغضب أهوج وهذا كان الاختلاف بينه وبين بابا ، وكان سبب الخلاف أيضاً بينهما .
اتبع أحمد وهو يرمقه بطرف عينه : أما أنت ، فتحمل اتزان جدك و رزانته وحينما تغضب تتأني قبل أن تأخذ حقك .
اسبل عاصم عينيه ليبتسم مؤثرا الصمت وهو يخفي ما لا يريد عمه أن يقرأه بحدقتيه ليهمهم إليه ساخراً : التأني لا يمنعك عن البطش يا عماه .
إلتفت أحمد إليه بتساؤل صادم لمع بعينيه لتتسع ابتسامة عاصم هاتفاً وهو يشير برأسه إلى عمه : عروسك يا عماه.
ارتدت رأس أحمد بسرعة لتعتلي الدهشة ملامحه وعيناه تقع عليها تشع ببهاء قوي أثقل أنفاسه بفستانها الوردي يشع بلمعان كريستالي انيق .. طويل .. محتشم، وشاح رأسها الملفوف حول وجهها بطريقة عاديه ولكن لونه العاجي بلمعة خفيفة أظهر فتنة ملامحها المزينة بزينة هادئة أضفت ألقاً خاصا على ملامحها المنمقة ، ليهمس بخفوت : بسم الله ما شاء الله .
همس عاصم بجوار أذنه : العالم أصبح وردي يا عماه 
ابتسم أحمد رغم عنه ليهتف بعبوس افتعله : تأدب يا ولد .
ضحك عاصم ليتابع أحمد بخفوت حينما طلت ابنة أخيه من باب صالون الزينة : الوردي أفضل من الأحمر الذي سيجعلك تركض وراءه هنا وهناك كالثور الهائج .
ضحك بخفه ليكمل مشاكساً قبل أن يتحرك نحو لمياء : وائل سيقيدك اليوم في الكرسي بجواره .
اخفضت بصرها ، وتورد وجهها بلون احمر قاني ظهر بقوة رغم زينة وجهها المتقنة لترتجف روحه تأثراً بفتنتها الخاصة ، جف حلقه واقترب مغيباً نحوها فيلتقط توتر جسدها بفطنة ليرق قلبه نحوها بحنان دفع الابتسام إلى شفتيه ، وقف أمامها لتخفض رأسها بتعمد والخجل يعتلي هامتها فهمس بخفوت : مبارك علي موافقتك يا لميا .
ابتسمت برقة لتهمهم بتلعثم وصوت خرج خافتاً : بارك الله فيك .
آثر الصمت قليلاً قبل أن يسألها بجدية مقدراً خجلها : هيا بنا .
أومأت برأسها لتتوقف بعد أن همت بالحركة لتسأله بجدية : حور ؟!
ابتسم بحنو : لا تخافي عليها تركتها في عهدة إيمان تهتم بها ، اتبع وهو يقترب بجانبها خطوة واحدة فأصبح أقرب لها ليهمس بجوار أذنها – لقد اوصتني بشيء لكني متردد بفعله.
عبست بعدم فهم لترفع عينيها لأول مرة باستفهام لتثقل أنفاسه وترتجف حدقتيه ، تتعلق بحدقتيها بلونهما الفريد مزينة بكحل أسود يحدد جفنيها فيزيد من براءة نظراتها ويضفي ألقاً خاصاً على حدقتيها العسلية ممتزجة بأخضر رقراق فتنتفض نفسه باستجابة نحوها وهو يشعر بوطأة جمالها على روحه ليهمهم بعفوية : تبارك الخلاق فيم خلق  .
اخفضت بصرها على الفور و وجنتيها تحتقنان بالأحمر القاني ليدنو منها بلطف هامساً : داداه حور اوصتني أن أقبل جبينك حينما أراك و أبارك لك بالنيابة عنها ولكني سأفعل بعد أن أضع خاتمي ببنصرك .
همهمت بإسمه في رجاء وخجلها يحضر بينهما بقوة ليلامس كفها بلباقة : هيا بنا
هما بالحركة ليصيح مازن الذي خرج من خلف أبيه : انتظر يا بابا .
وقف مازن ينظر لهما بعينين متسعتين بحبور ، سعادته تتجلى فوق ملامحه قبل أن يقترب دون تردد ينحني عليها يضم كفها الآخر بين كفيه ليرفعها نحو شفتيه يقبلها برقة : مبارك يا استاذتي ، رتبت على وجنته بلطف لتجيبه بخجل  ليغمز إليها متعمداً مشاكستها – فقط لعقد القران حينها سأضمك كما أريد .
ابتسمت وهي تخفض رأسها ليزجره والده بمشاكسة : انصرف يا ولد .
هتف مازن بمرح وهو يرقص حاجبيه بمشاغبة : أبداً ، أنا عزولك اليوم لقد أتيت لأزفكما بنفسي ، وقف بجوارها من الإتجاه الآخر ليمد إليها مرفقه – هيا يا لوما واتركي هذا العجوز بمفرده .
ضحكت بخفة و أحمد يدفعه بعيداً : اذهب يا ولد ، سنرضى بك سائقاً ، أكثر من هذا لن تكون.
أومأ برأسه موافقاً : حسناً ولكن تذكر وجودي .
اختنقت خجلاً لتهمهم بإسمه في عتاب ليبتسم إليها مازن بمودة قبل أن يمأ برأسه : حسناً سأصمت لأجل خاطرك .
***
رجفا جفنيه وظهورها يستولي على إدراكه فلا يقو على الاستماع إلى بقية حديث عمه بل انفصل عن عالمه وحدقتيه تتعلقان بها من اخمص قدميها المزينة بحذاء ذو كعب رفيع عال لونه أحمر قاتم ، ساقيها لامعتان بلونهما البرونزي المضيء ، فستانها الحريري بطيات واسعة ملتفة حول بعضها كبتلات زهرة ندية بلونه الأحمر الناري يصل لمنتصف ركبتيها ، رفع عينيه لينظر لجزء الفستان العلوي بلون أسود داكن مخالف لتنورته النارية ، متلألأ بلون فضي مطرز بكريستالات حمراء تتناثر من فوقه فتمنحه وهجاً لامعاً خاطفاً للأبصار، بصدر مربع مكشوف وكمين قصيرين يحددان أول كتفيها . نبض قلبه فنفرت عروقه وهو ينظر لرقبتها الطويلة الخالية من الزينة سوى حلق طويل فضي يستريح آخره بدلال على كتفيها ، خصلاتها معقودة في تسريحة راقيه أضفت عليها تألقا ومنحت لملامح وجهها الفرصة لتتألق بوضوح بزينتها الكثيفة حول عينيها وتفاصيل وجهها المرسوم بريشة فنان عبقري أزادها فتنه ليتمتم بصوت أبح : وهل تنقصها فتنة ؟! اتبع لنفسه مردداً - اثبت يا ابن الجمال فالهجوم تلك المرة كاسحاً وفضيحتك ستكون مدوية إذا أخفقت اليوم .
صوت عمه الذي عاد بعروسه صدح بجانب أذنه : اخفض عينيك يا  ولد .
ابتسم بخجل ليخفض عينيه بحرج متمتماً بخفوت : أنا أحاول يا عماه .
لكزه أحمد بلطف في كتفه لينتبه عاصم إلى لميا التي تنظر أليهما بتعجب فيبتسم إليها عاصم بلباقة : مبارك يا هانم .
اتسعت ابتسامتها : بارك الله فيك يا باشمهندس ، العقبى إليك .
تمتم سريعاً بمرح : يا رب .
ضحك أحمد بقوة ليفتح الباب إلى لمياء ، يساعدها على الركوب بالسيارة قبل أن يتقدم مازن نحوه : لو سمحت يا عاصم عد أنت بسيارة عمو وائل التي أتت بها نوران واتركني أقود سيارتك المزينة ، اريد ان أزف أبي .
هتف عاصم : غال والطلب رخيص يا مازن ، منحه المفاتيح بأريحيه ليتجه نحوها بخطوات ثابته بعد ان منحته ايماءة رقيقة من رأسها وتحركت نحو سيارة والدها  ليقف أمامها بعينين لامعة هامساً بصوت أجش : اليوم اكتشفت كم امقت اللون الأحمر ؟!
شحبت ملامحها وعيناها تسكنها الخيبة ليتابع وهو يقترب منها أكثر : نعم أنا أكرهه .. لا أطيقه ، بل وأغار منه أيضاً .
شبه ابتسامه لمعت فوق ثغرها المزين بلون احمر قاني لتزفر ببطء ، تسأله بتحدي : لماذا؟!
دنى منها خطوة أخرى : لأنك منحته الفرصة التي لم احصل عليها .
تحركت رأسها بخجل اعتراها فأخفضت رأسها لتهمهم بصوت أبح : احترم نفسك يا عاصم .
لعق شفتيه رغما عنه ليكز على السفلى فيهما : كم أتوق لان أخذ فرصتي .
هتفت بصوت مختنق خجلاً : عاصم .
رفع يده ليلامس طرف كتفها بأنامله في حركة دائرية : عيون عاصم ونورها ، اؤمريني .
تمتمت وهي تتحاشى النظر إليه تحاول أن تتخلص من ملامسته لها : توقف .
مرر ظهر سبابته على طول ذراعها ليلامس كفها برقة هامساً بتسلية : احلفي .
ضحكت رغم عنها لتقبض على إصبعه بكفها ، وتهمس بدلال : نعم .
ابتسم بتسلية ليقبض ببقية كفه على كفها ليجذبها إليه يقربها أكثر هامساً بصدق : اشتقت إليك .
رمشت بعينيها لتهمس بخفوت : وأنا أيضاً ، نظر إليها يحثها على التكملة فتهمهم - اشتقت إليك .
ثقلت انفاسه ليغمغم بصوت مشحون : حقاً ؟!
أومأت برأسها وعيناها تتعلق بنظراته التي توهجت بشغف ليتابع بخفوت شديد وهو يقترب أكثر منها إلى ان أن التصقت بجسد سيارة والدها من خلفها : هل أستطيع أن أتمادى هذه المرة؟!
اختنقت خجلاً لتهز رأسها نافيه فيقبض كفه الآخر على خصرها يقربها منه .. يلصقها بجسده .. يثبتها أمامه ، فيحنو عنقه محاولا الوصول لشفتيها مهمهماً : هل أحمر شفاهك بمذاق الكرز ؟! أم كرز شفتيك لا ينقصه نكهة تزيده جمالاً ؟!
أبعدت وجهها عنه وهمت بالرفض الذي لا يسطع بعينيها ليأتيه صوتاً حاداً حازماً من خلفه : ماذا تفعل يا عاصم ؟! ألا تدرك أنك بقارعة الطريق ؟!
تصلب جسده ليفلتها مرغماً قبل أن يستدير على عقبيه ، ينظر إلى فاطمة العابسة بغضب تتابع بصوت قوي : سأشكوك لوليد وياسمين هذه المرة ، وها أنا اخبرك ألا تتحرش بابنتي ثانيةً أبداً .
ارتفع حاجبيه بتعجب : أنا اتحرش بنور ؟! اتبع بثقة وبسمة خافتة تزين شفتيه - لا أحد يتحرش بزوجته يا زوجة عمي
ابتسمت رغم عنها لتهتف بثبات : حينما تصبح زوجتك لتفعل ما تريد ولكن للآن أبيها لم يمنحك موافقته .
هز كتفه بلا مبالاة : لا احتاجها بالمناسبة فيكفي موافقة ابنتك ، فنور تمت الواحد وعشرون من ثلاث سنوات وتستطيع تزويج نفسها .
عبست فاطمة باستنكار  : حقاً يا عاصم ؟!
رمقها قليلاً قبل أن يتنهد بقوة : لا ، عن نفسي لابد أن يوافق عمي ولكنه هو من يتعنت معي يا فاطمة ، اقنعيه بالموافقة ، تابع مطمئناً حينما نظرت إليه بلوم - لا تخافي عليها مني ، فنور آمنة بجواري يا زوجة عمي .
تنهدت بقوة لتقترب منه تربت على كتفه قبل أن تهتف باستياء : الخطأ ليس منك بمفردك بل من ابنتي أيضاً التي تسمح لك بالتجاوز معها .
التفت إلى نوران التي همهمت بتبرم : لقد دفعته بعيداً وأخبرته برفضي أكثر من مرة ها هو أمامك إسأليه .
هتف بمرح وهو لا ينظر نحوها : كاذبه ، التفتت فاطمة لابنتها متوعدة بينما شهقت نوران بحدة ليكتم ضحكته متابعاً بجدية - إنها تصرح بما ليس برغبتها يا تامي .
اتبع وهو يقترب من نوران عيناه تومض بمكر : تهمس بتوقف وعيناها تصرح برغبتي في الإستمرار .
ضحك بقوة حينما دفعته فاطمه بعيداً عن ابنتها لتقف بالمنتصف بينهما : تأدب يا ولد ، لتتابع وهي تحاول أن تقرص ساعده فلا تقو عليه بينما يراوغها باستمتاع : أيها الوقح ، سأشكوك لعمك.
انتفض بجدية ليكتم ضحكاته : لا يا تامي أرجوك ، أنا أمزح معك ، لا تدخلي عمي بالأمر .
اشارت له فاطمة بحزم : ستبتعد عن نوران أسمعت ؟!
زفر بقوة ليهمهم بطفولية تعمدها : أصبحت قاسية يا طمطم ، أشاحت برأسها ولم تجبه لتلتفت إلى ابنتها مزمجره بغضب - وأنت لا تدعيه يقترب منك والا سأخبر أبيك .
حركت نوران رأسها بدلال : لا اريد قربه من الأساس .
ارتفع حاجبيه لتومض نظراته بتسليه : هكذا ؟! هزت رأسها إيجاباً ليتابع - حسناً على راحتك يا نوران هانم .
فتح باب المقعد الأمامي لتدلف فاطمة فيغلق الباب خلفها ليشير برأسه إليها فابتسمت لتتحرك للخلف قليلاً حتى تمنحه فرصة فتح باب المقعد الخلفي لها ليهمس بجوار أذنها حينما مرت بجواره : اعترفي بأنك كاذبة وأنك تتوقين لي مثلما أفعل نحوك ، ابتسمت واخفضت رأسها بخجل ليتابع بهمس مشتعل الانفاس - سيأتي اليوم الذي أعلم فيه مذاق أحمر شفاهك هذا .
صدح صوت فاطمة من الداخل تصيح باسم ابنتها في غضب جاد ليغمغم إليها بإستياء وهو يلوي شفتيه : من الواضح أن سيادة الوزير عمم ثقافته على الجميع
كتمت ضحكتها لتدلف إلى السيارة فيغلق خلفها ليستمع إلى فاطمة التي هدرت بابنتها : احترمي نفسك يا نوران ، لن أكررها لك .
مطت نوران شفتيها بإستياء لتعقد ساعديها أمام صدرها بغضب طفولي اعتلى وجهها ليكتم ضحكته وهو يجلس أمام المقود ، يعدل من جلسته قبل أن يبدأ في تعديل مرآة السيارة الامامية ليبتسم إليها من خلالها فتنفرج ملامحها بابتسامة عذبه ازانت عينيها التي ومضت ببريق زيتوني أثار دقات قلبه فهلل صاخباً باتصالهما البصري والذي قطعه صوت فاطمة الحاد الذي هتفت بحدة : ألن نتحرك من هنا ؟! اتبعت وهي تدفع عاصم في كتفه بجدية آمره – انظر أمامك يا ابن وليد وانتبه إلى الطريق حتى لا ينقلب حفل خطبة عمك الى عزاء يرثوننا فيه .
ابتسم رغم عنه واخفض عينيه ليدير السيارة في حين التفت فاطمة إلى ابنتها ترمقها بتوعد تهمهم إليها من بين أسنانها : تأدبي يا ابنة الوزير .
عبست نوران لتمط شفتيها بدلال طفولي قبل أن تغمغم : لم افعل شيء .
تراقصت حدقتيه بتسليه وهو ينظر إليها من خلال المرآة لتزعق فاطمة هذه المرة : احترم وجودي يا عاصم .
تنهد عاصم بقوة قبل أن يمسك كفها يرفعه لشفتيه مقبلاً إياه بلباقة : لا تغضبي يا تامي ، سماحاً هذه المرة ولأجل عيناك لن افعل ما يضايقك إلى أن اوصلكما بإذن الله .
أومأت فاطمة بعينيها ليكتم زفرة حارة كادت أن تخرج من بين شفتيه حينما تلاقت اعينهما من خلال المرآة ليجبر نفسه على النظر أمامه ، مانعاً روحه التي تهفو إليها .. متحكماً في نظره ألا يحيد إليها .. مكرراً على قلبه أن يهدأ من صخبه  حتى يصلوا سالمين .

رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن