الفصل ال١٦ ج٢

2.2K 72 9
                                    

تستلقي فوق فراشها تنظر إلى سقف غرفتها دون هدف ، بل هي لا تقو على فعل أي شيء سوى النظر إلى الفراغ ، تتذكر نظرة ابن عمها المتألمة وابتسامته الحزينة فيجعها قلبها اكثر ويتألم لأجله كما تتألم لأجل نفسها ، زفرت وهي تسترجع استئذان عاصم في الانصراف بعد أن انهى اتصاله فتتمسك بالمغادرة معه لتحاول أن تثرثر معه فتمتص ولو القليل من المه الساكن بحدقتيه ولكنها لم تستطع فهو اغلق هاتفه ، والتزم الصمت ولم يجيبها سوى بكلمات مقتضبة لم يخرج بها مكنونات روحه المتألمة ليوصلها إلى باب البيت ويتمنى لها ليلة سعيدة ، ينطلق مغادرا ورغم أنها حاولت الإطمئنان عليه ، ولكنه لم يجيبها !!

تنبيه صدر من هاتفها لتتحرك سريعا ظنا منها أن الهاتف يخبرها بأنه أعاد فتح هاتفه لتتسع عيناها بصدمة وقلبها يطرق بعنف وهي تطلع إلى اسم الغائب الذي ومض أمام عينيها وهاتفها يخبرها بأنها تستطيع الآن الإتصال به فهاتفه عاد للعمل، تطلعت إلى اسمه وصورته برهبه انستها فرحتها لأنها تقوى على مهاتفته الآن .

بللت شفتيها برقة قبل أن تضغط موضع الإتصال بأصابع مرتجفة وهي تفكر بأنها ستفعلها .. ستتصل به .. ستهاتفه الآن قبل أن يغلق هاتفه او تجبن هي من جديد فتبتعد عنه رغم لهفة قلبها !!

رنين متواصل انقطع دون رد لتعاود الإتصال من جديد و هي تتمسك بأملها أن يجيبها و حينما تمكن منها اليأس و همت بإغلاق الخط أتاها صوته الهادئ بتأثير بحة الغضب التي تعرفها جيدا و كلمات مقتضبة بتحية مساء جافة.

همهمت بتعثر : أسعد كيف حالك ؟ قلقت عليك ، لماذا كان هاتفك مغلقا؟

عم الصمت عليهما قليلا ليجيب بنبرة خشنة جرحت لهفتها عليه بسخرية قاتمه ظللت حدقتيه : فيك الخير يا أختاه ، سعيد باهتمامك وسؤالك أنا بخير و الحمد لله.

ابتلعت سخريته برزانة تمسكت بها : الحمد لله أنك بخير، متى ستعود؟!

زفر بقوة : لم أُبلغ بعد بموعد عودتي ، تمتمت - أعادك الله لنا سالما.

افلتت ضحكته الساخرة لتتابع بسرعه : من الواضح أنني ازعجتك.

رد ببرود : إطلاقا ، سعيد باتصالك يا صديقتي.

كتمت بكائها بظهر كفها لتغمغم : حسنا تصبح على خير، أراك قريبا بإذن الله.

تمتم: إن شاء الله ، و أنت من أهله.

أغلق الخط على الفور لترمش عينها ،تنظر إلى هاتفها مليا قبل أن تتساقط دموعها بتتابع بطيء أزداد مع مرور الوقت و هي ساهمه لا تريد التصديق أنه غادر دون رجعه !!

***

استلقى فوق فراشه بكامل ملابسه و هو الذي لم يفعلها من قبل ، لطالما كان منظم أنيق ، غير فوضوي ، مرتب بأفكاره و أفعاله لا يقدم على فعل شيء دون أن يسبغ عليه حكمة أكبر من عمره في كثير من الأحيان ، فلا يستطيع التهور أو الجموح حتى لا يرتكب خطأ يحاسب نفسه عليه ، قبل أن يحاسبه الأخرين، و كيف يخطأ و هو الكبير منذ أن كان صغيرا ، وجملة جده الشهيرة و التي كونت شخصيته منذ صغره تتردد في أذنيه " إذا أردت أن تكون كبيرا تلافى ارتكاب الأخطاء ، فإذا أخطأ أحدهم سيجلب المتاعب على نفسه فقط ، أما أنت فخطأك سيكون وبالا على الجميع "

رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن