بعد ثلاثة ايام
تثاءبت وهي تشعر بوخم غريب يخيم عليها ، فتشعر بعدم الرغبة في الاستيقاظ والنهوض من فراشها ، تتمرغ فيه بدلال وتبتسم وهي موقنة أنه لو كان هنا لما تركها إلا وتنعم بدلالها ودللها اكثر ، ولكنه أنصرف باكرا رغم عودته متأخرا ، بل إنهما منذ عادا لم يستطع التفرغ لها على الأطلاق فالعمل المتراكم للأيام الماضية يشغله عنها ، حتى البارحة لم يستطع أن يبق كثيرا في تجمع العائلة بل أن عاصم الذي أتى متأخرا وتناول الطعام بالمحايلة وبعد أن اجهدها في أن تقنعه أنصرف سريعا وسحبه معه بسبب مقتضيات العمل بل الأمر وصل إلى أن يصحب عمر معهما ، وهو يعلن حالة استنفار خيمت على الجميع في ظل ملامحه العابسة ونزقه الغير مفهوم ، تنهدت بقوة وهي تسترجع هدوء شقيقتها ولا مبالاتها التي قابلت بها ما يحدث إلى أن دفعها عمهما أن تذهب مع الشباب لترى ما الأمر الذي يجب إنجازه فتقوم بمهام وظيفتها وخاصة بعدما صرح أن هناك من العمل يقع تحت نطاق مسئولياتها ، فنهضت ببرود لتهتف بجدية : حسنا سأعود إلى المنزل ابدل ملابسي واتبعكم على هناك ، فملابسي تناسب تجمع أسري وغير مناسبة للعمل.
حينها التقطت ابتسامة عاصم المخفاة وهدوءه النسبي بعد أنصراف شقيقتها وعودته إلى مزاجه المشاكس مع أحمد ليتضاحكا سويا قبل أن ينصرفا .
نظرت إلى سقف غرفتها وهي تحتسب الأيام لتلوي شفتيها وامل كاذب يداعب قلبها وخاصة مع تأخر غير مفهوم وهذا الوخم الذي يسيطر عليها بل ونومها الكثير دون سبب ، لتتحرك بهدوء ، ترتدي مئزرها الحريري وتتجه نحو دورة المياه وهي تبتهل ان يستجيب لها الله ويحقق دعاءها .
فركت كفيها بتوتر ونظرت إلى الساعة الرقمية من أمامها تحسب الدقائق التي مرت حتى تنظر إليه من جديد ، فموعد استيقاظها من النوم هو أنسب موعد لتظهر النتيجة جلية ، عضت شفتيها واستندت إلى كفيها فترتكن بهما إلى حرف المغسلة وتعد الثواني قبل أن تتجه إلى الكوب البلاستيكي فتنظر إلى العصا البلاستيكية العريضة وتحملها بهدوء فينير طرفها الآخر بلون أصفر يخبرها بسلبية الاختبار .
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تشعر بالإحباط يخيم عليها فتلقي العصا بسلة المهملات الخاصة بإعادة تدوير البلاستيك ثم تخلع مئزرها لتدخل بحوض الاستحمام الذي أعدته لها قبلا .
غمرت جسدها بين فقاعات الصابون المنعشة تغمض عينيها ، تسترخى بجسدها للخلف وتسترجع تعليمات الطبيبة النسائية وهي تخبرها عن إمكانية الحمل هذا الشهر ، وتعدد لها الأيام الخاصة التي تكون فرصتها - فيها - كاملة ، تتذكر سفرتهما وجهدها الكبير في إخفاء لهفتها لأن تحمل ، تتذكر أنها عضت شفتيها مئات المرات حتى لا تخبره ، تتذكر أنها لأول مرة في عمرها كاملا تخفي عنه أحد أمورها بل وتجبره على شيء هي تعرف أنه لا يريده دون أن يشرح لها وجهة نظره أو يفهمها أسبابه ، فقط يغلق كل السبل أمامها حتى لا تحدثه فيه أو تستفهم منه عنه .
أنت تقرأ
رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب
Roman d'amourيلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغم...