يجلس بسيارته بعد أن وصل أمام بيته بعد أن غاب عنه يومين كاملين ، بل أكثر من يومين إنه غائب منذ ذاك اليوم الذي استمع إلى ولده يناديها بمسمى ليس لها وهو يبتعد .. يعتزل .. ينأ بنفسه من دوامه تكاد تعتصره بين صراع مشاعره وعقله ، فيتحرر في بُعدها من عقدة ذنب يشعر بحبكتها جليًا في حلقه كلما فكر بأنه زج بها في دوامته التي لا ذنب لها بها فقلبه مشغول بحبيبته الراحلة ولن يكون لها مكان فيه أبدًا .
انتفضت روحه بلوم ازعجه وهي تذكره بأنه افتقدها هذه الأيام التي ابتعد بها وأن نفسه افتقدت الراحة التي يشعرها بجوارها وعقله يذكره بعدد المرات التي فكر فيها وهي بعيدة عنه وفي كل مرة كانت تتراءى بأفكاره كانت تتواصل معه باتصالها وكأنها تشعر به فتهاتفه ليتبادل معها كلمات قليلة بينما هي تثرثر إليه بكل أحداث يومها ويوميات مازن وجنى .
سحب نفس عميق وهو يفكر في نظرات جنى المتعجبة من غيابه عن البيت وأسئلتها التي تتجلى بوضوح في عينيها دون أن تنطق بها فهي تلتزم الصمت وتقف في منطقة حياديه تنتظر الفهم أما ما أتى به حقًا هو حال ولده المنقلب فمازن هاتفه الظهيرة متعجبا من غيابه ويسأله بحنق ظهر بوضوح في صوته عن السبب القوي الذي يدفعه للمبيت في المشفى بدلًا من البيت ليخبره بهدوء أنه سيعود الليلة ولذا هو الآن أمام الباب يهدأ من خلجات شعوره ليدلف إلى البيت وهو راسمًا راحة لا يمتلكها ولكنه ينشدها.
تحرك نحو منزله بعدما أغلق سيارته ليفتح الباب بمفتاحه كالعادة ويدلف إلى الداخل ، يسحب نفسًا عميقًا فتلفح رئتيه رائحة وجودها الذي لف المكان من حوله ازدرد لعابه باختناق تحكم في حلقه وهو يتحرك للداخل بخطوات بطيئة للغاية فيقابله صوت حور الجالسة بردهة البيت الواسعة : هل أتيت أخيرًا يا بني ؟! حمد لله على سلامتك .
ابتسم بمودة وهو يتجه نحو حور ينحني عليها يحتضنها ويقبل قمة رأسها فتربت على وجنتيه بأمومة تنظر إليه بعينين لامعتين وكأنها تدرك عمق صراعه الروحي فتربت على وجنتيه ثانية فيشعر بأنها تربت على روحه المهتاجة فتسكن للحظات قليلة اندثرت حينما صدح صوتها الرقيق تهتف ببساطة : هل مازن عاد يا داداه ؟!
رفع رأسه مرغمًا ليشعر بروحه تزدهر حينما وقعت عيناه عليها فيتبعثر القلق الذي كان يسكنه ويتبدد الضيق الذي يمرح بين جوانبه ، اتصلت نظراتهما والصمت يلفهما سويًا لتهتز حدقتيه وهو يتشرب بنظراته وجودها فتدور عيناه عليها من اخمص قدميها إلى وجهها الذي حمل بسمة رقيقة رغم عتاب نظراتها الذي لم تخفيه ، سحب نفسًا عميقًا آخر قبل أن ينطق بهدوء وصوت أبح : بل أنا من أتيت .
ابتسمت لتهمهم : حمد لله على سلامتك .
تحرك بخطوات بطيئة نحوها لتخطو نحوه مرغمه كما شعر لينحني نحوها بعفوية يقبل وجنتيها فتلجأ إلى صدره بشوق لمسه جليًا في حركتها العفوية فيضمها بحضنه ملبيًا حاجتها التي لم تنطق بها ، همهمت برقه وتلقائيه سرقت أنفاسه : اشتقت إليك .
![](https://img.wattpad.com/cover/312427769-288-k227902.jpg)
أنت تقرأ
رواية حبيبتي.. الجزء الثالث من سلسلة حكايا القلوب
Romanceيلهث بقوة وهو يقف يلتقط أنفاسه .. يحنى جسده ليتسند براحتيه على ركبتيه ، يتنفس بقوة وهو يشعر بعضلات جسده تئن .. تزار .. تصرخ فيه أن يتوقف عن ايلام جسده بهذا الشكل ولكن عقله يعيد عليه ذكرى سابقة .. قديمة ولكنها لازال جرحها نازفا .. حارا .. موجعا ، اغم...