٢٣- فِقدان سَيطَرة

882 70 48
                                    

لا ترفُض جميلي فذا جارحُ
لا تؤنبني لأنكَ بتَّ تُكافحُ
لا تلمني إن كنتَ لا ترتاحُ
لا تُصمِتني إن كنتَ تُفاتِحُ
لا تُحطِّم القفلَ إن ضاع المفتاحُ
فبعض الأمرِ سرٌّ، لا يباحُ
-نور

.
.
.
.
.
.
.

╰╮✾╭╯✯╰╮✾╭╯

وكما العادة، قبلَ أن تنشر الشمسُ خيوطها، فتح عينيه على ضياء الفجر الخافت. لم يكن ذلك بفعلِ رنين ساعة أو إيقاظِ أحدهم، كلا، كان ذلك من تلقاء نفسه.

وكما عادته، نهض ليتَّجِه نحو نافذةِ غرفته. أبعدَ الستائرَ التي ما تزال نائمة ليسمحَ بالمنظرِ خلفها بأن يملأ مقلتيه. لم يخشى استيقاظ صغيره فالأفقُ بالكاد تلوَّن بزرقةٍ فاتحة.

سمح لنفسه بلحظاتٍ هناك، يتأمَّلُ عظمَة خلق الكون. هذه السماء المتعالية وهذه الأرض المتندنية، وهو، من البشر، بينهما، تحيطه الأرض والسماء يشهدانِ أفعالهُ وأقوالهُ على مدار الأيام والسنين.

تبسَّمَ للأفق ولغمزةِ الشمس دليلًا على استيقاظها.
سيجعل هذا يومًا آخر، يبذلُ فيه كامل جهده.

قاد خطواته لنيل استحمامٍ يغسل عن جسده وهنَ النوم ويسمحُ له بالانتعاش من أول الصباح.

ارتدى ثيابًا رسمية تليقُ بالجديةِ والتفاني التي يُبديها في عمله المتواضع.

أيًّا كان عمله، فالإتقان هو هدفه.

سرَّحَ شعرهُ كما اعتاد رافعًا نصفَ شعرهِ عن جبينه ممشطًا إياه للخلف.

لمحَ دفترهُ على مكتبه ليتذكَّرَ أنه هجره البارحةَ كاملًا.
ماذا عساهُ يفعل إن شُغِلَ عن نفسه؟

اغتنمَ بعض الوقت الذي امتلكه ليجلسَ على الأريكةِ الفرديةِ الوحيدة في غرفته يتصفَّحُ الصفحات البيضاء مصفرَّةِ الأطراف.

لم تستطِع الابتسامةُ المنكسرة هجرَ شفتيه كما فعل هو لمدوَّانته.

آخر ما دوَّنَه كان تعهدهُ برؤيةِ ابتسامةِ مهاب الصادقةِ والحقيقية.

هو لم يفعل ذلك حتى الآن.

تنهد زافرًا ليفتح بوابةَ الخيال في رأسه ليسمحَ للأفكار بالتدفُّق إليه.

لكنَّه لم يلبث جالسًا، بل هبطَ إلى الطابق الأرضي يباشرُ في إعداد الإفطار. متفانٍ في عمله كما العادة، طها مجد فطورًا متواضعًا ابتدعه في 'ميتم الطفل' الذي قضى فيه سنتينِ من عمره سمحَت له باستعادةِ عواطفه، إن صح التعبير.

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن