٣٢- فَتَى الجَبل

751 67 81
                                    

ضحيةً كنتَ أو كنتَ البطَل
سهلًا كوادي أو شامخًا كجبَل
صامدًا في كلِّ حالٍ كجمَل
أو كنتَ بريء الصفاتِ كالحمَل
جافةٌ عيناك أو شديدةُ البلَل
انزَع من ذاتِك الهُزَالَ والوجَل
اسعى لهدف، واغتَرِف الأمَل
تسلَّح بصبرِك وامتهِن العمَل
إياك بالتخلُّفِ وحاذِر من العجَل
تلك شيم صائدٍ، إن صاد حصل!
-جلال البارودي

.
.
.
.
.
.
.

لا أدري ما الذي ساق بأقدامي لذلك المكان، ولكني شاكرٌ كلَّ الشكرِ لذلك. كنتُ شابًا يافعًا في بوادئ عقده الثالث. لديَّ زوجةٌ أسكنُ إليها، لديَّ بيتٌ أعود إليه، ولديَّ عملٌ أكسب قوت يومي منه.

كان ذلك يومًا واحدًا من تلك الأيام الذي يبدو عثرًا وعسيرًا في بدايته ليخبئ لك في طيات آخر لحظاته مفاجأةً كبيرة.

عزيزتي لميس كانت في رحلةٍ إلى أهلها في الريف، لقد ضاق صدرها بعد إجهاضها الثالث على التوالي، لذا ظننتُ أنَّ البقاء مع عائلتها لفترة قد يخفف عنها.

ببقائها معي كانت تصرُّ بأنها تخيب ظني أو تخذلني رغم محاولاتي اللانهائة لنفي تلك الظنون من رأسها. الريف الهادئ حيث الأهل والأحباب سيعمل على تصفية ذهنا. كنت لأذهبَ معها لزيارةِ أهلها وأهلي لولا أنني كنتُ قد استلمت عدةَ قضايا مُسبقا.

آملُ أنها على خيرِ ما يرام، لم أفارقها أكثرَ من يوم وها أنا أشتاقها بجنون. تلك المرأة تَشغلُ حيزًا هائلًا مني. لابد أنَّ صغيرتي مها ستكون سعيدةً برؤيتها. ياه ها أنا أشتاق لها أيضًا!

لربما كان ذلك الشوق الممزوج بالوحدة سبب تسكعي في الحدائق العامة حيثُ تجتمعُ العوائل لتشاطر المتعة.

لولا قضيةُ جبل الصياد كنتُ لأعمل بائعًا للبالونات للأطفال في الحدائق والمنتزهاتِ العامة.

وجدتُ أحد المقاعد لأرتمي عليها تحت ظلِّ شجرةٍ ما إتقاء حرقةِ الشمس الحارة. هذا الصيفُ لا يمزح!

هناك الكثيرُ مِن الأباء هنا اليوم...على غير العادة. بدأ الناس يتجمهرون شيئًا فشيئا ليتجمعوا في دائرةٍ كبيرة حول لوحةٍ معلقة مزخرفةٍ بألوانٍ زاهية. قرأت الحروفَ المرسومة عليها لأدرك سبب كلِّ هذه الجلبة في الحي الذي لم تطأه قدمي من قبل.

(احتفال يوم الأب العالمي!!!!!)

لا أحتاجُ لمن يذكرني بأنني لم أصبح أبًا بعد!

ولما كلِّ علامات التعجب هذه؟! يبدو أنهم لا يصدقون ذلك بدورهم!

لكم هو عجيبٌ كيف قد تُحرمُ من أكثر ما تتمنى!

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن