٦٢- مَاذا تَنوي؟!

379 31 26
                                    


إنَّ جوفك كالصندوق
داخله قلبٌ صدوق
قفله غالبًا مقفول
لكنَّ ذلك لن يطول

.
.
.
.
.
.
.
.
رفع كفيه شيئًا فشيئًا حتى وصلت إلى أذنيه. قبض عليهما بشدة محنيًّا رأسه يحاول تحمُّل صراع عقله. لم يستطع إسكات الأصوات من إصدار ضجيجها، لذا حجزها عن آذانه بسدِّها.

ورغم عدم تشابه أيِّ الملابسات، تبادرت إلى ذهن الشاب كلُّ أشباح ماضيه مغتالةً واقعه تجرِّعهُ انخناقًا عظيما وتسمعه صفيرًا فاتِكا.

باتت النيران تدنو منه لولا أنه لم يفطن لها.

ربما قوةُ تكاتف الجميع كانت كافية، هل هو من أخطأ توجيهها؟

السيف حادٌّ دائمًا، الفارس من يخطئ هدفه.

هل هو من بثَّ فيهم تطلعًا قاتلا؟
أفكاره وأمنياته وخططه العبيطة هي من أجبرتهم على عدم التنازل عن أراضيهم. أجبرهم على غرزِ مخالبهم في حقوقهم حتى مزَّقوا أنفسهم. أشعل عزائمهم حتى باتوا يشوون على موقد حسرتهم. ربطهم بحبال الأمل والنجاة حتى اختنقوا فيها لتثاقل حِملهم.

ما كان-

"مجد، هلَّ تمانع أن تتحرك بضع خطواتٍ إلى اليمين؟"
وصله صوتها ليتأكد من أن سدَّ أذنيه لم يجدي.

التفت إليه مدهشًا وما كان ليودَّ أن يسمع صوتها في هذا المكان والزمان والحالة. ليسَ كرهًا بصوتها، بل حبًّا بهِ وبغظًا من فكرةِ توجدها في هذا الحال والمأزق.

"مها!؟!"

تصوِّبُ بندقيتها نحو دعائم خزان المياه الحديدة أجابته: "إجابةٌ صحيحة، هذه هي أنا"

كانت تقف بثبات بعباءتها وحجابها المبتلَين وقد كانت النيران خامدةً من حيث أقدمَت.

حينَ أُلجم عن الكلام أبعدت عينيها عن عدسة التصويب لتسأله بعينيها قبل كلماتها: "هل أنتَ بخير؟ إن لم تمانع الإبتلال فبقى حيثُ أنت"

دمجَت السؤالَين معًا لضيق وقتٍ لا تدري إن ملكته.

ابتعد عن الخزان لتعاود هي التركيز وإطلاق رصاصة بندقيتها. احتاجت طلقتَين لتسقط خزان الماء الذي انسكب ليخمد النيران على مدًّا واسع بلحظاتٍ معدودة.

سارت حتى جاورته لتقول تغير رصاصتها التالية: "خذ لحظاتٍ لتهدأ، لكننا لا نملك الكثير منها"

بعد قولها رَفعت بندقيتها للسماء. قبل أن تطلق حادثته بهدوء ترفع أحد كفيه إلى أذنه: "سيصدُر صوتٌ مرتفع، إن لم تود سماعه"

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن