٣٩- رَجُل...بِمكَانَة أَب

841 61 124
                                    

اعفِني من الخِذلانِ فَهوَ مُر
فبحزنِكَ أعاني وبِسعدِكَ أُسَر
إنَّما يحلُّ العسرُ قبلَ اليُسر
لذا انتظِر العسرَ حتى يَمُر
وتريَّث، إنَّ الانتظارَ صَبر
وما بعدَ كلِّ صبرٍ إلا نَصر

-الفارسة النبيلة

.
.
.
.
.
.
.
.

كان علينا التنبؤ بتلك العاصفة، ذلك البرد والهواء الخفيف لن يجُرَّا خلفهما إلا ثلوجًا وأعاصير.

لكننا لم نفعل.

بعدَ أن تأكدتُ من استحاليةِ عودتي للنوم، نهضتُ عن سريري. ملقيةً نظرةً على الساعة الصفراء الظريفة علمتُ أنَّ الشمسَ أوشكت على الاستيقاظ مما يعني أنه وقت عمل جلال.

منذُ استطاع الوصول إلى ملف قضيةِ نزوح عائلة فقيه عن الجبل وهو منغمسٌ في عمله. يرى في هذه القضيةِ سبيلًا لإثبات شرفه واسترجاع أمجاده.

"صيَّادُ البارودي لا يتخلى عن شرفه!"

هذا ما استمرَّ عمي بتلقين ابنه.

بسمةٌ علت شفتي لتذكُّر عمي وأهله وأهلنا. لعلَّ وقتَ زيارةٍ إلى الريف اقترب.

قبل نهوضي من جلوسي على السرير، طلتُ بيدي أهزُّ النائم الذي لم ينم إلا متأخرًا.

عقلهُ مغمورٌ بالكثير وقلبه عامر.

"جلال، استيقظ، إنه وقتُ نهوضكَ"

تنحنح في مكانه رافضًا الاستيقاظ متمتما: "لن أستيقظ من مرةٍ واحدةٍ عزيزتي"

صرَّح بقوله مسببًا تَنَهُّدي.

"لا تنسى أنَّك ستوصل الأولاد إلى المدرسة"

ردَّ عليَّ متأففًا: "كلُّ هذا الثلج ولازالت المدارس مفتوحة، ماذا يظنون الطلاب؟ بطاريق؟؟"

نهضتُ عن السرير لأعتني بذاتي إلى حين يستعيدُ وعيه كما يستعيد هزله.

بعد استخدام دورة المياه والإستعداد لليوم انتبهت على الرجل الذي لازال نائمًا.

حاولتُ إيقاظه مجددًا متذمرة: "هيا يا جلال! لذلك يناديك مهاب بالدبِّ الكسول! لا يُسمح لكَ بالإعتراض ما لم تثبت العكس! بل ربما لأنك دب فقد بدأ سباتك بالفعل!!"

منقلبًا على ظهره قال فاتحًا نصف إحدى عينيه: "لا تتحدثي بتعقيدٍ من أول الصباح، لا قدرةَ لعقلي بفهم البلاغةِ الآن"

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن