١٥- نِيلَ مني لِبُعدِك

904 74 60
                                    

ضعفكَ محرمٌ عن غيري
فلا تمنع نفسكَ من التعبيرِ
دعني أرى جروح الأملِ المحتضرِ
لعلِّي أشفي الجروحَ بصدقِ مشاعري
ولا تجبر دموعك على التخفي خلفَ الستائرِ
مرسى قلبكَ بين أحضاني، فلا داعيَّ من الهجرِ
- ياسمين
.
.
.
.
.
.

لقد كانت الأجواء ساكنةً في قلب ذاك الغاب. سِعةُ تلك الغابة وكثافةُ أشجارها المتطاولة بأوراقها الغنية أبدَت جوًّا من السكنة خاصةً مع ارتداء السماء فوقها زيًّا من النجوم بينما ارتدت القمرَ المنير تاجًا لها. إنه الليلُ الدامس الذي تأذن الأرواح فيهِ لنفسها بالراحة.

ستارُ ظلام الليل خبأ الصخبَ الذي يعج في ذلك المصنع المنزوي بين الأخصان والعشائش.

على إحدى الأجذاع المتشابة لبِثَ مجد خائرًا حيثُ كان مراقبًا ما بان لهو من لوحةِ الأفق شاغلًا باله بما خبأته جدرانُ مصنع الأدواتِ القاتلة.
تحدث ياسين من حيثُ كان جوار الأكبر بعد أن ألقى نظرةً خاطفةً إلى ساعةِ يده: "إنها الساعةُ الثامنة"

أكمل نور على كلام زميله: "أي أنَّ الإسعافَ في طريقها إلينا، صبرًا حتى حينها أخي"

تحدثَ المعني ينفي الحاجة لقلقِ الآخر: "لا تبالي بذلك يا نور، لا أشعرُ بأي ألمٍ الآن. لا ألمَ صداعٍ أو ألم ساقٍ أو ألمَ ظهر. لا أدري متى كانت آخرُ مرةٍ شعرتُ بها بذلك. راحةٌ خادعة!"

تبسم الفتيانِ لقوله.

استطرد مجد مستهزءًا يشارك من آنساه الحديث: "آملُ ألا يفرِّطَ مهاب بجسدي فقط لأنهُ أضعفُ من جسده"

مطلعًا تمامًا على إنجازاتِ مجد في سنينه الثانوية تبسم ياسين مردفًا: "تقولُ ذلك وكأنكَ أضعفُ الشبان، كما لو لم تكن رياضيَّ مدرستِك الأول!"

تنهد مجد قبل أن يتكلم متذكرًا أيامه في مدرسته الثانوية التي حملت اسمه، مدرسة المجد: "ياه ويا لها من أيام!"

تنبَّهُ مجد على شرود أخيه في حين تعلت عيناه في ظلال الغابة ليسأله: "نور، أتحبُّ أن تشاركنا شرودك؟ أم تفضلُ الشرودَ وحدك؟"

نفى نور برأسه ليجيب مشاركًا سبب شروده: "كلا، كلُّ ما في الأمرِ أنني كنت أفكر."

مستخدمًا يديه ليشرح كلامه أكمل: "ماذا سيحدُث في حال أصيب مهاب؟ هل يصاب جسدُك أنت بينما يتألم هوَ؟ أم تصاب وتتألم أنت وينجو هوَ؟ أم تراكما تصابان كلاكما؟"

تعجب مجد من ذلك بالرغم من محاولته لتجنبِ التفكير بالأمر وضع نور للأمر في جمل جعله يتساءل حقًا.

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن