١٦- كنَفُ عائلةِ الصَّباري

882 74 67
                                    

لقد أبدا ظلامُ الليلُ سكينةً في أنحاء الكون. بدا كما لو أن الشمسَ خلدت للنوم لتذكرنا بموعد نومنا بينما علا القمر في السماء كوهجٍ خافت يؤانسنا حتى ننام.

لم أكن نعسًا للحقيقة. لقد شُغِلَ عقلي بالكثير ليستثنى النوم من ذهني. رؤية دموع مجد يعانق مهاب إليه ورؤية مهاب يدفن نفسه بين منكبي مجد آلمت ودفأت قلبي في الحين ذاته.

لقد أدركت أمرًا مهمًا. أمرًا قاسيًّا لطالما تجنبت الإذعان له.

قد يضعُفُ أخواي أيضًا.

لطالما رأيت منهما القوة حتى نفَيتُ فكرةَ تخلخل الضعفِ إليهما، لكن بعد حدوث ما حدث تبادرت الحقيقة جليةً أمامي للتتضح رغم كلِّ شيء.

للحقيقة لم أرد أبدًا أن أرى ضعفَ إخوتي. لسببٍ أو لآخر دائمًا ما تسبب ذلك بزيادة...ضعفي. كما لو أن الحصن التي طالما اختبأت خلفه بدأ يتداعى. كما لو أن الدرعَ الذي طالما حماني بدأ يتآكل.

دفعني ذلك لإدراكِ الأمر بقسوة.

لا يجوزُ أن أسمحَ لنفسي بالضعف وأستنكِرهُ من إخوتي.

في التفكير بالأمر، إن ذلك مؤلمٌ حقًا لهما. لقد أجبرتهما بضعفي على إبداء القوةِ والصمودِ دومًا.

لقد ادعيتُ أيضًا إخفاء ضعفي لكنَّ ذلك لم ينفع.

كما لو أن كتمان الألم وإخفاء الضعف لا ينفعان!

بعدَ أن ذِقتُ شيئًا من ألمِ أخواي علمتُ كم هما مكابرانِ يطلبان مني أن لا أكابر. حقًا كيفَ يريدانِ مني البوح بكلِّ ضعفي لهما بينما يبذلان كلِّ شيء لدفن أبسطِ ألامهما؟

...آمل أن يكونا بخير.

"هل ترغبان بشيءٍ قبل العودة إلى المنزل؟"

ردَّ ياسين مجيبًا تساؤل والده: "لقد حرصَ العم جلال على تناولنا الطعام قبل الاقتحام"

"هذا جيد"

يبدو أنَّ شرودي منعني عن إدراكِ الصمتِ الطويل الذي حلَّ في أرجاء سيارةِ العم رويد.

مجيدًا قيادةَ سيارته أعاد العم نظره للمرآة الأمامية قبل أن يقصدني بكلامه: "ماذا عنك صغيري نور؟ هل تحتاج شيئًا من منزلك قبل المبيت عندنا؟"

ربما...
لكنني آبى أن تطأ فيه قدمي وقد خلت أركانه من أخواي.

أجبت قبلَ أن أشرد مجددًا: "لا أظن ذلك، شكرًا جزيلًا عمي رويد"

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن