٥٧- مُنَعَّم

741 47 108
                                    


أخبرتهم أنَّ قلبي يحب أن يعطي على أن يَسلِبَ
فخشيوا علي، خشيوا على القلبِ أن يجفَّ وينضبَ
فنفيت خيفتهم وأخبرت دون أن أخفي أو أكذبَ
أنَّ القلب النابض العاطف حاشا له أن ينضب حبا!
-مها

.
.
.
.
.
.
.
.

تعاقبت السيارتان. سيارة العم جلال أولًا مع عائلته، تليه سيارة العم رويد بالإضافة لأسامة.

تم فصل الأسد والذئب لأسبابٍ أمنية وسلمية.

الرحلة كانت طويلة ولكنَّ الركاب أحبوا ذلك. كانوا بحاجةٍ للإنفصال عن الواقع الخارجي لفترةٍ ما. تأمل الأفق الباهرة من خلف العربةِ المتحركة سمح للأذهان بفرز الأفكار بتنظيم. الأوهام والهلوسات إلى سلة المهملات، ثم إلى الحذب النهائي. الوساوس إلى الحجز الإنفرادي. الخطط في الملف الرئيسي. الذكريات إلى رفوف الأرشيف.

استمرت الرحلة حتى مغيب الشمس وما تلا. ضوء مصابيح السيارات العالية كان السهم الوحيد الذي قطع ظلام الليل المؤنس.

بعض النجوم حاولت عن بعد بدورها. قمر التربيع الأول جاهدَ أيضًا.

غفت الجفون وارتخت الأجساد. على الأقل بالقدر الذي تسمح مساحة السيارة فيه.

منتظرًا حتى غفى أغلبُ من في السيارة طرح العم جلال سؤاله على الشاب الساهر إلى جواره: "ألم تطرأ فكرة النوم إلى ذهنك؟"

رافعًا ذقنه عن الإستناد على ذراعه، أجاب مجد يدير رأسه نحو عمه: "لا، بإمكاننا تبادل المقاعد إن طرأت إلى ذهنك"

نفى العم جلال ولم يكن ذلك قصده.

عاود الصمت للحظات قبل أن يسأل مجددًا: "مجد، قلتَ لي أنَّ مقرَّ الزناد في قمةِ جبل الصياد، وما أدراكَ بهذا؟"

احتفظ بالسؤال حتى يسأل في وقتٍ مناسب.

ردَّ عليه مجد بإظهار الرسالة من حقيبة ظهره التي وضعها عند قدميه.

"من هذه، رسالة والدك عم جلال"

"التي أرسلها إليك خصِّيصًا؟"

أومأ مجد موضحا يفتحها يخرجها من ظرفها: "كنتُ قد أرسلتُ إليهِ برسالةٍ أخرى سابقة قبل أن أتسمم. كان العم معتز كريمًا بالردِّ على رسالتي بكلِّ جود"

"وماذا بعثت لأبي؟"
سأل جلال ونظره على دربه المظلم أمامه.

"لقد سألته. سألتهُ عن سبب نزوح عائلةِ البارودي"

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن