٦١- احذَروا الشُّعلَ القُرمُزِية

441 34 39
                                    

إنَّ بين طيَّاتك ألمٌ وأسًا وشجونُ
أسيرٌ أنت طليقٌ حجَزتكَ السجونُ
كم أردتُ وكم تمنيتُ لو أني أصونُ
لؤلؤ بحرٍ دوريٍّ في مِحجَرَيه مكنونُ
هادئٌ، راشدٌ، معطاءٌ، حييٌّ وحنونُ
نبضُ جوهره شديٌّ ولحنه موزونُ
يسكن إليَّ وكذلك سكنًا له أكونُ
لم يستهويني بعدك وأوجعني السكونُ
كم من حينٍ سال الدمع وبكت عيونُ
إن لم أكن سبيل نجاتك فكلُّه يهونُ
إن أراك الحياة ودونك ما طاب الكونُ!
-مها لِمجد

حرٌّ أنا ما أسرني إلا ما أخفَت الجفونُ
بعيونِ الحور ورمش الطرف أنا مفتونُ
إنَّ سكني إلى أميرةِ الخيرِ مضمونُ
لطيفٌ قربُكِ وعطفكِ الدائمُ لممنونُ
إنَّ سعدي وشرفي وتهلُّلي بكِ مرهونُ
وما البعدُ عنكِ إلا قولٌ ظالمٌ مجنونُ!
أنا حارسكِ، حامكِ، ولي القوامةُ والصونُ
لا تأرِّقي مُقلَ الجوهر بل دعيني أكونُ
سبب أمنكِ، مأوى روحكِ، ولكِ الكَونُ
كان وما لي سوى الإمتنان لكِ عربونُ
-مجد لِمها

.
.
.
.
.
.
.
.
.

انزوى بذاته خلف كوخٍ ما لم يتآكل خشبه بعد. قرَّبَ ذاته من الزاويةِ قدر استطاعته يحاول أن يختفي عن أنظارهم. حاول إدارةَ رأسه لإختلاس نظرةٍ تُعلِمُهُ في ما إن كان قد نجح في تضليلهم، غير أن وجع خاصرته أبى إعانته على الحركة. قبض على جرحه بكلتا يديه يضم جسده علَّ ذلك يوقف الوجع البالغ والعنيف.

كان ليطلق العنان لتأوهاته غير أنها كانت لتزيد الطين بلة ولتكشف مخبأه في تلك الليلة المقمرة. رفع رأسه للأعلى شادًّا أعصابه ليزداد ضغط ظهره على الجدار خلفه. مَنعًا لألمه من إرغامه على إصدار أي صوت، كزَّ على أسنانه. تصبب جسده عرقا تبللت به خصله الأدهمية في حين نزف الدم من جرحه.

آذِنًا لإحدى عينيه أن تفتح بالكاد، تفحص المكان قربه. بات الخشب رمادا وباتت الحياة موتا. كيف خلت الديار من أهلها بهذه السرعة؟ ماذا نفاهم عن دفئ بيوتهم؟
بقدر ما كانت البيوت المتعددة دليلًا على الحياة، بات خلُّوها برهانًا أقوى على الهلاك.

يتنفس بضجيجٍ واضطراب أبصر ما كان يريد. رغم كلِّ ما ألمَّ به، نمت ربعُ ابتسامةٍ على شفته الدامية. كيف سيصلُ إلى ذلك الأنبوب المعدني البعيد ذلك؟

هو ليس بعيدًا حقًّا، هو كاد يلاصق ساقه، غيرَ أن الثغرةَ في خاصرته جعلت أوهن حركةٍ كابوسًا مريعا.

حدودنا تختلف مع إختلاف عافيتنا، وتلك الأخيرة كنز لا يُدركُ إلا حين زواله، كما لا يُدركُ حلول الليل إلا بزوال ضوء النهار.

على ذكر النهار...لم يكن أيُّ شيءٍ كما هو الآن مع بداية النهار.

كان كلُّ شيءٍ طبيعيًّا، صبحَ ذلك اليوم...

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن