٥٨- في الرِّيف الإجابة

406 36 41
                                    


كم تساءلت، ما هي الأسرار؟
ولمَاذا تحمل تأثير الإعصار؟
أهي أحلامٌ لم تستطع الفرار؟
أم تراها صورٌ خارج الإيطار؟
أهي كلماتٌ صاحبها محتار؟
كلا، الأسرار ليست سوا أفكار
لم يكن البوح بها هو الخيار
- نور

.
.
.
.
.
.
.

"سحقًا!! كم أنا غبيٌّ حقًّا! كيفَ نسيت!"
كان ذلك صياح أسامة الذي قاله منتفضًا عن الفراش الذي بُسِطَ له في أحد ديار فقيه التي أستضيفَ به الإخوة.

"يا إلهي! ماذا دهاكَ أسامة؟!"
سأل مجد ولم يكن نائمًا ليَفزع.

شعر أسامة كان مبعثرا وحاله كان أكثر تبعثرا. نفض عنه غطاءه لينهض قاعدا بثيابه النوم الصوفية الثخينة الغالية. قال يحادث مجد: "إني صِدقًّا أعتذر! لا أدري كيفَ غاب ذلك عن ذهني منتهي الصلاحية!"

"قل الآن إذًا! لا عيب!"
حاول مجد تهدئة من بدا شديد السخط على نفسه.

قال يفرك فروة رأسه: "في زيارة السجن، حين حادثتُ أبي، لقد حرَّكَ شفاهه بما لم أفهم! لكنها ربما تكون شيفرةً نقلها عن والدكم!"

اعتلت الجديةُ والترقب مجدا وقد ترك ما كان في يده من دفترٍ وقلم ليستدير صوب المتحدث بكلِّ جسده حيث جلس على فراشه الخاص المبسوط جوار فراشي أخويه النائمين.

"أيُّ رسالةٍ أوصلها لك؟"

يعاود استذكار حركةِ شفاه أبيه، قال يماهي قوله: "أصل...الحصَّاد...حارث"

تعجبٌ علا تعبير السامع. مثبتًا أصابعه حول ذقنه تمتم مجد: "قلتَ لي أنها من أبي لنا؟"

أومأ أسامة يجيب ململمًا جسده عن فوق مهاب: "أجل، ما كان أبي بحاجةٍ لقول شيءٍ كهذا لي بتلك الطريقة، كان بإمكانه بصق ما يريدني أن أسمعه في وجهي...كان الأمر جادًّا"

يضع عينيه في زمرديتي الآخر التي بدت بخفة من ضوء القمر الساهر سأل مجد: "هل أنتَ متأكدٌ من الكلمات والحروف بالضبط؟"

أومأ أسامة بشيءٍ من التردد.

"عفصتني يا رجل!"
قال مهاب نافضًا ساق أسامة المتربعةَ عن كتفه.

"أؤ، أنتَ استيقظت؟!"

"تخيَّل أن صخبك وسحقكَ لي كافٍ لذلك!"
قال مهاب ساخرا بينما ينهض يبعثر شعره. إنهُ منتصفُ يومٍ شتويٍّ بارد، ماذا عساهُ يحدث؟

متحرِّكًا إلى الجدار القريب منه قال مهاب بينما يستند على الجدار وقد كان يرتدي ثيابه السوداء المنزلية القطنية: "هناك إلهامٌ ما يزوركم في منتصف الليل عليكم التخلص منه"

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن