رغم أنَّ نورَ القمرِ آناس قلوبهم الصغيرة، إلا أنهم توَّاقونَ لدفئ الشمس، لأشعتها الذهبية. تلكَ الأيادي الصغيرة كانت أبردَ ما في جسده ورغم ذلك كان شادًا على قبضةِ أخويه الصغيرين، فهو يعلم أنهما يتجمدان أيضًا. لكن، ماذا بإمكانه أن يفعل؟قرَّبَ الصغيرينِ إلى صدرهِ الدافئ ليهدآ بعد سماعِ نبضه، هو يعلم أن قلبهُ لايزال دافئًا على الأقل وتمنى لو ينقلُ حتى هذا الدفئ لأخويه، رغم احتياجهِ له، رغم تضرعهِ له، لكنه الآن يرى أخويه كما لو كانا شمسهُ المنتظرة.
ربَّتَ على ظهرِ الأصغر علّه ينام أو لعلّه يغمضُ عينيه فأي نومٍ هذا وسطَ هذا البردِ القارص الذي جمدَ الدم في العروق. إن لم يطلك البردُ من ذلك الهواءِ المجمد ليقتحمَ صدرك، فسيتسلَّلُ إليكَ البردُ من الأرضِ القارصة ليجمدَ أطرافك.
كان ذلك الصغيرُ مدركًا تمامًا لهذا. ذلك المسكين، رغم كونه صغيرًا لازال يحمي من هما أصغرُ منه، يحميهما بحياته، يحميهما مِمَن تمنَّى أن يكونَ تحت حمايته، أن يُحلِق تحت ظله ولكنهُ وللأسف يحاولُ الآن حتى لو يزحفُ هاربًا من بين قيوده.
رغم أنَّ الأبَ يجبُ أن يكون مصدرَ الآمان لأطفاله، فالعبارةُ لم تنفع هنا فذلك الأب عاجزٌ عن تحقيق واجبه ليصبحَ مصدر الذعرِ والرعب لأطفاله الثلاثة والذي يبلغ أكبرهم الحادية عشر، وياليته أكملها. كان سيكملها الليلة لولا أنَّ نبعَ حنانه تظنُّ أنه لا يستحق الحياة التي يعيشها. هو كالسلسلةِ الحديديةِ التي ستربطها مع والدهم حتى مماتهم أو مماته. لكنهم لن يقتلوه. ذاك الصغير يدركُ أنه لن يُقتل بل سيعيشُ الموت في حياته.
تمنى لو ينعمُ بدفئها لو ينال من حنانها، لكنَّهُ لن ينال شيئًا منها. لن تجلس بجواره ولن تحمل عبء الإعتناء بإخوته عنه. بحلول هذه اللحظة، هو استسلم لتلك الحقيقة.
كلُّ شبرٍ في جسدهِ يشهدُ الأذية، حروق أو جروح وبالتأكيد الكثيرُ من الكدماتِ التي زينت زرقاتُها بشرته البيضاءَ الناصعة الثلجية. هو الآن لا يبدُو كالثلجِ وحسب، بل الثلجُ بعينه!
هو اعتادَ على ذلك كما اعتادت عيونه على ذرفِ الدموع حتى تحترقَ وجنتيه، لكنها لا تحمرُّ أبدًا، فالدَّم بالكادِ يخرج ويصل إلى قلبه.
هو لا يملكُ لأخويهِ أيَّ شيءٍ عدى نبضِ قلبه كتهويدةٍ ليلية ليناما بين يديه وعلى صدرهِ الدافئ.
همس بهدوءٍ كاد أن يُسمع حتى للذَيْن بين يديه: "يبدو أنهم عادوا...وللأسف"
أبعدَ الصغيرينِ عنه ليسندهما بهدوءٍ وباحتراس كما لو كانا ألماسَ الملك. تأكدَ من أن يغطي صغيريّه بقطعةِ القماش الوحيدة التي امتلكها والتي كان من المفترضِ أن تدفئهُ هو، لكنه يرى دفأهُ بدفئيهما.
أنت تقرأ
مشَاعِرُ أخي
Ficção Adolescenteكم أتمنى لو أنتزعُ كلَّ آلامِكَ وأحزانك، لو أنتزعُ كلَّ شوكةٍ أو عائقٍ من حياتك، لو أنتزعُ كلَّ معانتك. سأنتزعها من حياتك، حتى لو كلفني ذلك زرعها في حياتي. سأخذُ كلَّ آلامِك... سأتبنى كلَّ أحزانك... وسأعيش كلَّ معاناتك... المشكلة بأنَّ عناءكَ الأ...