بعد تحميل السيارة بالأكياس المختلفة، ركب الاثنان بدورهما، يحمِّلان ثقلهما على تلك المقاعد، التي عزمت على إيصالهما إلى المنزل بأمان في تلك الآلةِ بالمحرك والعجلات الأربعة.
بسبب عدم تبادل أيِّ حديث، لم يعلو في أرجاء السيارة غير صوت الرياح التي هبت إلى الداخل من تلك النوافذ المفتوحة.
كانت رياحًا صاخبة. ما كنتَ لتسمع الحفيف الهادئ، فالبكاد بقيَّ أي ورقٍ على الشجر. استعدادًا للشتاء، أراحت الأغصان أثقالها بين أحضان الأرض التي استقبلت ذلك بكلِّ ود. امتلأت الأرض بالأوراق البرتقالية والصفراء والحمراء، حتى بدت كبحرٍ صغير فاض فوق اليابسة لينساب بأريحية.
عدى ذلك، تعالت الأصوات المعتادة من صخب تلك المدينة. أجراس الدراجات، محرك السيارات، محاورات المشات، وغيرها من بوادر حيوية السكان.
رغم استعداد مجد للإفصاح عن الوجهةِ التالية، إلا أنَّ مهاب لم يُلزِم نفسه عناء السؤال. استهتاره ذاك استعفف بغطاءِ الصبر.
فرضَ ذلك على مجد الحديث حين اقتربا من المقصد. قال موضحًا: "مهاب، محطتنا التالية هي مكتب البنك"
دون إبعاد عينيه عن الشوارع المزدحمة علق حالك الشعر: "آه، حسنًا، يبدو بأنك أفلست"
ركن مجد السيارة ليقول يطلق سراحه من حزام الأمان ويفعل المثل لأخيه: "هيا بنا إذًا"
نزل مهاب على مضض، رغم رغبته في رؤية المعاملات البنكية التي اعتاد مجد على الاعتناء بها وإخفائها عنه، إلا أنه لم يكن مرتاحا.
انتظرا دورهما إلى حين فرغ أحد عاملي الاستقبال. قال مجد ملقيًّا التحية ومفاتحًا: "مرحبًا، آمل أن يومكِ يسيرُ بشكلِّ جيد، لدي طلبٌ بسيطٌ لهذا اليوم"
"تفضل سيدي" ردت عاملة البنك.
"أريدُ فتحَ حسابٍ بنكيٍّ جديد خاصٍّ بأخي، هل هذا متاحٌ اليوم؟"
أومأت تجيبه بعفوية: "أجل، بكلِّ سرور! سننادي عليك فور استعداد أحد موظفينا!"
"شكرًا لكِ! هيا بنا مهاب"
كان ذلك المنادى متصنمًا في مكانه. دونَ أن يتزعزع من مكانه أكثر من ثلاث خطوات سأل مهاب بحدة: "ما الذي يعنيه هذا يا مجد!؟"
عابرًا من جانب أخيه مستمرًا في وتيرةِ سيره أجاب: "كما سمعت عزيزي، سأفتح لك حسابًا بنكيًّا خاصًّا بك، يكون تحت سيطرتك ومسؤوليتك التامة!"
أنت تقرأ
مشَاعِرُ أخي
Roman pour Adolescentsكم أتمنى لو أنتزعُ كلَّ آلامِكَ وأحزانك، لو أنتزعُ كلَّ شوكةٍ أو عائقٍ من حياتك، لو أنتزعُ كلَّ معانتك. سأنتزعها من حياتك، حتى لو كلفني ذلك زرعها في حياتي. سأخذُ كلَّ آلامِك... سأتبنى كلَّ أحزانك... وسأعيش كلَّ معاناتك... المشكلة بأنَّ عناءكَ الأ...