23. أرض الجان

4.6K 430 218
                                    

شاهدتُ حلماً غريباً جداً. وهذا الحلم كان بلسماً لجميع جراح روحي الدامية.

كنتُ في مكانٍ مظلمٍ جداً، جالسةً على الأرض أضمّ ركبتيّ لجسدي وأسند رأسي عليهما وأنا أبكي بقهرٍ شديد.

كنتُ خائفةً بشدة من كلّ هذا الظلام والوحدة وأتمنى لو ينقذني أيّ أحد.

وفجأة نورٌ غريبٌ دافئ سطع أمامي. رفعتُ عينيّ الدامعتين إليه لأجد شخصاً غريباً آراه للمرة الأولى يقف أمامي.

حدّقت به بذهول. كانت تحيطُ به هالةٌ نقيةٌ جداً ودافئة.

لم أستطع أن أرمش حتى. تأملتُ كلّ تفاصيله الغريبة. عيناه كانتا ذهبيتين صافيتين. شعره كان أبيض كبياض الثلج.

وابتسامته...ابتسامته الدافئة جداً جعلت دموعي تنهمر بغزارةٍ مجدداً.

هو انحنى جالساً أمامي ومدّ يده ليمسح بها دموعي بلطفٍ شديد.

لمسته كانت كالبلسم الذي سكّن كلّ جراحي وآلامي حالاً.

هو احتضنني بعدها وبدأ بالتربيت على ظهري بخفة ونطق أخيراً بصوتٍ دافئٍ جداً:
-لا تبكي بعد الآن. دموعكِ ثمينةٌ جداً ولا شيء في هذا العالم يستحق أن تهدريها لأجله.

كلماته أعادت لقلبي طاقة الحياة مجدداً. شعرتُ أنني أستطيع فعلها حقاً. النهوض والبدء من جديد. هذا ليس مستحيلاً.

شعرتُ بأنّ هذا الحلم الجميل على وشكِ أن ينتهي لذا تشبثتُ به بقوة وسألته:
-من أنت؟

هو ابتسم بلطفٍ مجدداً وتلك الابتسامة سلبت أنفاسي.

نهض واقفاً وساعدني لأنهض أيضاً ثمّ قال:
-أنا مجرّد حلمٍ عابر. إلى اللقاء يا لونا.

حاولتُ التشبث به ولكنه تلاشى فجأة.

وانتهى ذاك الحلم الغريب حينها.
.
.
.
.
.

حين استيقظت وجدتُ نفسي محاطةً بجثث الوحوش ولا أثر لأيّ هجومٍ جديدٍ من قبل وحوشٍ جديدة.

هذا غريب. لم أتخيل أنني سأبقى على قيد الحياة حقاً.

لم أعد أشعر بالخوف ولا بالبرد ولا بالجوع ولا بالوحدة. كلّ تلك المشاعر السلبية تلاشت فجأة كغيمةٍ سوداء عابرة.

أشعرُ أنني شخصٌ مختلف وأقوى بكثير.

من هو ذلك الشخصُ الغريب حقاً؟ هل هو مجرّد وهمٍ اختلقه عقلي حقاً؟

ولكنه كان حقيقياً...حقيقياً جداً. الدفء الذي غمرني به مازال يغلّف قلبي ويطبطب على جميع جراحي.

تذكرتُ ابتسامته الخلابة وشعرتُ بقلبي ينبض بقوة لمجرّد تذكرها.

ابتلعت ريقي بصعوبة وقررتُ تجاهل التفكير بذاك الغريب مجدداً والتركيز على واقعي الحاليّ فقط.

أسطورة آل ڨاسيليا || The Legend of Vassilia حيث تعيش القصص. اكتشف الآن