68. ڨاسيليا مجدداً

8.2K 490 1K
                                    

حين تلاقت عيناهما، شعوٌر غريبٌ جداً ومبهم اجتاح أعماق لوثر، مزيجٌ من الحنين والألفة.

كم كانت تبدو جميلة وقويّة ومتألّقة، وكأنّها شخصٌ لم يعش خيبةً أو جرحاً يوماً.

ولكنّه يعلم، كم تأذّت وكم عانت من خيباتٍ وجراحٍ لم ولن تشفى أبداً.

ورغم ذلك، ها هي ذا تمضي قدماً وتقف بشموخ وثقة دافنةً كلّ خيباتها عميقاً.

على خلافه تماماً، هو من تتجلّى خيباته في كلّ نفسٍ يتنفسه وفي كلّ نظرة وتنهيدة.

أشاح ببصره بعيداً وتجنّب النظر إليها تماماً بعد ذلك.

لونا أشاحت ببصرها بعيداً عنه أيضاً بصعوبة وأعادت تركيزها لأليكس الذي كان يسألها عمّا تفعله هنا.

ردّت بابتسامةٍ خافتة مخفيةً كلّ الاضطراب الذي تشعر به لوجوده بالقرب منهم:
-أتيتُ للقاء شخصٍ ما، ماذا عنك؟

أليكس التفت نحو الخلف في تلك اللحظة لتفقّد لوثر وحين وجده قريباً أعاد بصره إلى لونا وقال:
-كنّا نقوم بجولةٍ في الأرجاء فقط.

ولونا سخرت ببرود:
-من كان يتخيّل رؤية الشياطين يعيثون فساداً في كلّ مكان ويدمّرون هذه المملكة الجميلة ويدنّسون نقاء ثلجها. إنّها أيّامهم حتماً ولا يبدو أنّ أحداً سيتمكّن من ردعهم بعد الآن.

الكلام كان موجّهاً لشخصٍ محدد، ولكنّه لم يبدِ أيّ ردّة فعل ولم يلتفت نحوها حتّى.

ولونا أردفت ساخرة:
-ربّما نجد ملك الشياطين جالساً على عرشِ لوران قريباً، مملكة لوران كانت أسطورة يهابها الجميع ولكنّها أسطورة سقطت مثل ورقة خريفٍ بائسة.

وهذه المرّة هو التفت إليها والنظرة المشتعلة التي كانت تجتاح سماءه الجميلة رسمت ابتسامةً مستمتعة على ثغر لونا.

كما توقّعت تماماً...الشتاء قادم والعاصفة ستكون مدمّرة..!

لوثر أشاح ببصره بعيداً مجدداً وهي أعادت بصرها إلى أليكس الذي كان يراقبها مبتسماً وقد أدرك مرادها من كلّ ذلك.

اتسعت ابتسامته وهو يقول:
-أشعرُ بالفخر بكِ حقاً، رؤيتك وأنتِ تطيحين بهم جميعاً بلمح البصر بكلّ احترافيّة ودقّة أدهشتني، تستحقين لقب محاربةٍ أصيلة بلا شك الآن.

ابتسامة لونا السعيدة اتسعت بالمقابل ولمعت عيناها فخراً وهي تقول:
-هذا كان لا شيء، مجرّد لعب أطفال. قريباً سأتفوّق عليكَ حتّى أخي.

وأليكس ضحك باستمتاعٍ وقال:
-ولا في أجمل أحلامكِ.

وهي ضحكت بدورها وقد كانت تدرك جيّداً أنّها مهما فعلت لن تصل لأليكس أبداً ولن تهزمه في نزالٍ دون سحرها، هو يتربّع على عرش القمّة بلا منافس ولكنّها لن تعترف له بذلك أبداً. لا يحتاج لاعترافها أساساً، لديه من الغرور بشأن ذلك ما يغمر العالم بأسره.

أسطورة آل ڨاسيليا || The Legend of Vassilia حيث تعيش القصص. اكتشف الآن