١. أسيرُ الفرنسي

99 7 28
                                    







.☘︎ ݁˖







أغسطس/ آب - ١٩١٧





الجو خانق وروحه تحتضر.
على الأرجح هو ميت أو أنه يعاصر سكرات الموت بالفعل.

ربما هذا الدفء هو دفء النيران التي سيسكنها بحياة سرمدية يعايش بها كل الأرواح التي فنت على يديه.

ربما الوجع الناطح بأنحاء جسده هو وجع جروحه التي على الأرجح لازالت تنزف لتستنزف ما بقي من دمائه.

ولربما..

لربما فقط.. هو لم يمت بعد.

ربما لم يئن أوانه.

ففرق بين شفتيه يسحب الأنفاس مترقبا، تفحص المحيط دون أن يقوى على الفرق بين جفنيه وغمر الهواء النقي صدره مصاحبا لرائحة الأحطاب المتآكلة بالنيران.

القناع منزوع..
ولا يبدو أن هذا الجسد تحته هو الأرض.

الأرض لن تكون طرية لهذا الحد، لن يكون الهواء نقيا بل سيكون مفعما برائحة الموت والجثث المتعفنة.

فاستجمع ذرات وعيه وفرق بين جفنيه أخيرا باستثقال يرمش بضع مرات قبل أن يعي محيطه ويبصره.

دار بعينيه عن الباب الموصد المقابل له إلى رسغيه المقيدان بتاج السرير فوق رأسه.

شدهما بقوة كمحاولة يائسة بأن يحرر نفسه ولم ينل إلا النغزات الطاعنة في كل أنحاء جسده إلى جانب صوت ثابت أرجف كيانه رغم هدوئه.

"ستفتق الجروح إن استمريت بالتلوي"

فأدار رأسه بسرعة إلى جانبه الأيسر حيث يتواجد شاب أشقر يجلس على مقعد بعيد في الزاوية ويحمل بين يديه ثيابه العسكرية ليخيطها على مهل.

حينها فقط هو استدرك أنه عاري البدن..
وتمكن من استيعاب حجم المصيبة التي أقحم نفسه فيها.

لأن الكلمات التي داعبت أذنيه توا.. كانت فرنسية.

لذا احتبس أنفاسه بصبر، وشعر بنسمات الهواء المتسربة من النوافذ تداعب جلده العاري وتزيد طنين الألم في بدنه.

رمش يترقب الفتى، بشعره الحريري الذي ينساب على جبينه مزعجا عينيه ورموشه الثقيلة.. هيئته الهزيلة التي تُحتكر بين قطع قماش خشنة ويديه المتجرحتان اللتان تشدان على ثيابه والإبرة بحذر.

أيا كان ما جرى..

هو حي.

أيا كان هذا الشخص، فعليه أن يفك قيده ليرحل.

𝑴𝒚 𝒇𝒓𝒆𝒆𝒅𝒐𝒎, 𝒚𝒐𝒖𝒓 𝒈𝒍𝒐𝒓𝒚  || حــريتـي، مـجــدُكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن