14_|كلٌ منهم أسيراً لضعفه |

3.5K 347 106
                                    

الخياط الجزء الثالث .
الفصل الرابع  عشر .
_كلٌ منهم أسيراً لضعفه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعبتُ، وما عاد بي من الوقوفِ قُدرةْ
كأنَّ الأرضَ تحتي أضحتْ حجرًا وجمرةْ
كأنَّ الجاذبيةَ ثوبٌ يلتفُّ حولي،
يزيدني ثِقلاً... ويعصرُني بأسىً وبمرةْ

صدري... أيَّ صدري هذا الذي
تحوَّلَ لوحًا من ورقٍ، امتلأ بالشروخِ والفجوةْ؟
كلُّ ثقبٍ فيه صرخةُ وجعٍ،
وكلُّ نبضةٍ تغوصُ في أعماقِ العَتَمةْ

أنفاسي... تتآخذُ كظلٍّ شاردٍ،
كأنَّ الهواءَ يخشى أن يلقاني
يتعثَّرُ في دربي... يختنقُ معي،
ثم يهربُ مني، ناقصًا...
يدعني وحدي في قيدِ الظلمةْ

أهذا النهاية؟ أم أنَّها البدءُ في الغموضِ؟
هل الثقوبُ التي تأسرُني الآن،
هي بذورٌ تتهيأُ للضوءِ؟
هل الظلامُ الذي يحتويني،
هو رحمٌ ينبتُ فيه الصباح؟

فيا تعبًا، قد تكونُ لعنَتي الآن،
لكنّي أعلمُ أنَّ الفجرَ يولدُ من ظُلمةْ!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كلٌ منهم أسيراً لضعفه ، مُكبل بقيود صنعها بيده ، أو وضعت عليه قسرًا .

الوضع بمحازاة «سما» لايقل صعوبة عن الأخرين  ...

ملامح وجهها مرهقة ، عينيها غارقتين في الفراغ،  دموعها لم تجف .

كانت يداها تمتدان لا إراديًا إلى بطنها المسطحة، حيث كان يومًا ينبض قلب صغير، قلب لم يُكتب له الحياة.

في النقيض كان هو 

في ملعبٍ خالٍ، 
وقف  وحده، محاطًا بسكونٍ لا يقطعه سوى صوت ارتطام الكرة بالحائط، ركلةً بعد أخرى. كل حركة كانت تفوح بالغضب، ركلات عنيفة، لا هدف لها سوى التنفيس عن طوفانٍ يعصف داخله
كان جسده يصرخ بما لا تجرؤ روحه على البوح به؛ ذنبه ثقيل، أثقل من أن تحمله قدماه المتعبة، وأثقل من أن تبرئه عنه تلك الركلات.

قدماه تخوضان حربًا عبثية، لكنها لا تهزم الشعور الغائر بالخسارة. كل ركلة كانت تتطاير شظاياها داخله، تجرحه من جديد.

ــــــ

و في سيارة متوقفة على حافة طريقٍ مهجور، جلس يونس وسط عاصفةٍ من الأفكار التي تتصارع داخله.

كانت يداه على المقود،
ثابتة كتمثال،
بينما عقله يغرق في فوضى عارمة
العالم خارج النافذة بدا هادئًا بشكلٍ مخيف، لكنه في داخله كان يشتعل، نارٌ لا تنطفئ.

كل الطرق التي حاول تخيلها للخروج بأخيه مما هو فيه كانت تنتهي بجدارٍ صلب
كل حل كان يحمل معه تضحية، وكل تضحية كانت تزرع فيه خوفًا جديدًا

كان يعلم أنه السبب،

يعلم أن خطواته الماضية جرّت أخاه إلى مستنقعٍ لن يسهل الخروج منه ، لكنه لم يكن يملك رفاهية الاعتراف أو الانهيار؛ الوقت ضده، والألم يتسلل ببطءٍ إلى كل زاوية من روحه.

الخياطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن