شهقت هازان وتسمرت في مكانها وهمت واقفة علي قدميها وكأن لسانها قد شُل تماماً وتوقف عن الكلام وخاصة حين شاهدت ياغيز امامها ينظر إليها في ذهول !
ظل ينظر إليهما في صمت ثم أستدار بوجهه
فلم يتمالك نفسه وقد شُل تفكيره هو الأخر وهم خارجاً وفضل أن يبقي وحيداً في تلك اللحظة متجاهلاً أصواتهم التي كانت تناديه وكلمات فرح وتلميحاتها السخيفة التي أثارت غضبه وغلت الدم بداخل عروقه ثم سار وهو واضعاً يده علي أذنيه وهو يركض مسرعاً نحو الباب !
نزل أمير الدرج وركض خلفه وأسرع نحوه وأمسك ذراعه قائلاً : ياغيز أهدأ وتوقف قليلاً لأشرح لك .
صرخ ياغيز به وهو يركب سيارته قائلا: أمير من فضلك أتركني الأن لا أريد سماع أحد من فضك أريد أن أبقي بمفردى .
انطلق ياغيز بسيارته مسرعاً وترك صديقه من وراءه دون أن يلتفت إليه !
جلست هازان بعد أن تسمرت مكانها وأجهشت بالبكاء وهي تستمع لكلمات فرح اللاذعة وهي توبخها وتتهمها بأقذر الألفاظ .
صعد أمير إلي شقته وتسللت علي مسامعه كلمات فرح فصرخ بأخته قائلاً : فرح ماذا تقولين ؟
لابد أنه حدث بالأمر سوء تفاهم من فضلك أصمتي فهازان ليست كذلك !!
صمتت فرح وكظمت غيظها ولكن قلبها كاد يطير من الفرح لنجاح خطتها .
شاهدت هازان أمير وسألته قائله : لماذا تركته أمير بمفرده سوف يظن بنا سوءاً !
ربت أمير علي كتف هازان قائلاً : أتركيه هازان حتي يهدأ وسوف يعود أعدك بأنه سوف يعود فهو مرتبك الأن وليس بوعيه !
نهضت هازان واقفة وكانت قدميها تحملانها بالكاد ثم قالت : من فضلك انا ذاهبة وأريد العودة إلي البيت.
عرض أمير علي هازان ان يصطحبها إلي هناك ولكنها رفضت وقالت يكفي ما حدث فلا أريد أن يتفاقم الأمر ؟!
صرخ امير بهازان قائلاً : ماذا تهذين هازان ؟! لا أريدك ان تتحدثي بذلك مرة ثانية فحبيبة صديقي وأخي هي محرمة علي تماماً مثل أختي !.. انتظريني حتي أبدل ملابسي .
جلست فرح في الغرفة المجاورة تستمع إليهم والدم يغلي بعروقها كلما شاهدت إهتمام أخيها هو الأخر بها لتتسائل وتقول بماذا تمتاز هازان هانم حتي تحظي بكل هذا الأهتمام ؟!
رسمت فرح خطتها من قبل بناءاً علي ما لاحظته في الحفل من نظرات انبهار أخيها بجمال هازان وأناقتها وقررت ان تلعب علي ذلك الوتر دون مراعاة للعلاقة الأبدية بين ياغيز وأخيها منذ سنين !
أرتدى أمير ملابسه وخرج وأصطحب هازان وركب سيارته وأنطلق بها نحو شقة ياغيز .
ودعت هازان أمير وصعدت إلي شقتها .
اغلقت هازان الباب من وراءها وهي شاردة تفكر ثم قالت : لن أبق هنا لحظة واحدة بعد اليوم !
ثم أسرعت نحو غرفتها وأخرجت حقيبتها وأخذت تلملم اشياءها واحدة تلو الأخرى وهي تبكي بعد ان عزمت علي الرحيل !
توقف ياغيز بسيارته عند شاطئ المضيق ثم نزل واغلق الباب ووقف يتأمل منظر المضيق شارداً حزيناً يحدث نفسه ويوبخها قائلا : ماذا ظننت ياغيز ؟! عد لوعيك !
هل نسيت هازان ؟! عشششقك ؟! عذراءك ؟!
كيف لفتاة نشأت في بيئة غير نظيفة وبالرغم من ذلك حافظت علي نفسها ولم تنحرف ان تفعل ذلك !
عد لوعيك ياغيز هل نسيت هازان التي وقفت أمامك بكل شموخ تدافع عن كرامتها وشرفها ولم يهمها منصبك ولا مركزك ؟!
ثم واصل حديثه قائلاً : هل نسيت أمير صديق عمرك الوفي الذى طالما وقف معك في شدتك قبل فرحك ؟! هل تظن أنه يمكن ان يفعل ذلك !
ألقي ياغيز اللوم علي نفسه قائلاً : كان يجب عليك أن تستمع إليهما وتسمع لما يقولون !
لابد أن بالأمر شئ مريب .. حقاً هناك شئ مريب يجب أن تفهمه !
غادر ياغيز الشاطئ وركب سيارته وأنطلق بسرعة نحو شقته .
فتح ياغيز باب المصعد واصطدم بهازان خارجة من شقته وهي تحمل حقيبتها الكبيرة وتنظر إليه في عتاب .
ظل ينظران إلي بعضهما وأذرفت هازان دموع عينيها فنظر ياغيز إليها في خجل وسألها بصوته المبحوح قائلاً : إلي أين تذهبين ؟!
صمتت هازان وأدارات وجهها بعيداً عنه وهي غاضبة ولم تجيب .
أقترب ياغيز نحوها وأرتمي بين أحضانها ثم أمسك بذقنها ورفع وجهها ومسح دموع عينها قائلاً بصوته المبحوح : أعتذر حبيبتي هازان إنني ظننت بك سوءاً .. ما كان ينبغي علي ان أتركك !