• PART ELEVEN | مـحـادثـة فـي مـاء | •

162 61 20
                                        

SAHAR P.O.V :
الماء البارد يحيط بنا من كل مكان وقطرات المياه‍ أصبحت تغمر كل خلية في جسدي بنعومة شديدة نظراً لوجودنا بداخل البحر ، قرص الشمس البرتقالي كان يتوسط السماء الزرقاء الخلابة التي تميل إلي الحمرة قليلاً ، وبعض الخطوط باللون الأحمر سكنت السماء معلنة عن وقت غروب الشمس وظهور القمر عما قريب ؛ لذلك أصبح لون السماء ليس اللون النيلي وحسب ، بل الأحمر والأصفر والبرتقالي معاً الذين كونوا لوحة فنية جذابة تسر الناظرين لفتنتها وتجبر العينين علي عدم الأبتعاد عنها لأي كان السبب .

هذا الوقت بالنسبة لي يضاف إلي أكثر الأوقات جمالاً في حياتي بأكملها ومضافاً علي هذا المشهد الرائع هو يد أحمد الضخمة الملتفة حول خصري بإحكام جاعلة مني علي مقربة شديدة منه‍ لا يفصل بيننا سوي إنشات بسيطة للغاية لا يصح إطلاق عليها أنها مسافة حتي ، وهذه‍ المسافة القليلة جعلت من عيناي لا تفارق خاصته‍ ولثاني مرة جعلتني أشعر بأن جسدي مخدر أثر لمسته‍ بعد وقوفي معه‍ تحت المطر ذلك اليوم .

"بعض الخصلـات الكستنائية التي بشعرك تشع نوراً عندما تقابلها أشعة الشمس" قطع الصمت الذي كان يخيم علي الأجواء بيننا صوته‍ وهو يحدق بي شارداً بينما يقوم بإمساك بعض من خصلاتي المبللة ويلفها حول أنامله‍ كالأطفال ، فبالتالي أنزلت رأسي بخجل ، أو إن صح المعني فالنظرات التي كانت تبعثها عيناه‍ لي تزامناً مع قوله‍ لتلك الجملة جعلت مني متوردة بشكل لا يصدق .
"أنا أستطيع السباحة أنزلني" نبست بتذمر وأنا ألوي شفتاي بعبوس وأعتبرت خجلي منه‍ رداً علي جملته‍ السابقة ، فليس للساني كلام يقال بعدما يتغزل أحمد بي ، هو يعجز عن النطق بعدما يتفوه‍ ثغر أحمد بكلمات معسولة تروق لقلبي وبشدة .
"لا يعني لا ، لقد أخبرت عائلتنا أن تنتظرنا علي الشاطئ معاً لا أن تنتظرني وحدي" هتف نافياً وهو يشد من قبضته‍ القوية علي فالأحمق يظن بأنني سأغرق إن تركني من دون حماية ، يعتقد بأنني طفلة في الثانية من عمري لم أتمكن من الزحف علي ركبتاي حتي .
"لقد كنت أتدرب السباحة من قبل ومازلت أفعل" بررت بحزن وأنا أحدق في عينيه‍ الذهبية -أثر وقع أشعة الشمس عليها- لعله‍ يشفق علي ويتركني أعبث في المياه‍ علي راحتي ولكنه‍ لم يلقي لي بالاً حتي ، جبل من الجليد يحملني وسط مياه‍ البحر ، يالا السخرية التي أنا بها .
"هل فزتِ بمسابقة سباحة من قبل ؟" تساءل بمنطقية وهو يجعد حاجبيه‍ لأومي بـ لا ، لو تعلم بأن أبي يمنعني من الخروج من المنزل لما سألت هذا السؤال مطلقاً .
"إذاً أنتِ فاشلة" أستنتنج ببساطة وهو يرفع كتفيه‍ وينزلهما بحركة سريعة لأتنهد أنا بضيق وأضع رأسي علي كتفه‍ وقدمي تأخذ مكانها حول خصره‍ ، مللت من حياتي حد الجحيم .
"أبي لم يقبل أبداً أن أدخل في أي مسابقة تخص أحلامي ، دوماً ما كان يثبط عزيمتي ويخبرني أنني مهما فعلت لن تتحقق أحلامي وأنني سأعمل معه‍ في الشركة فورما أنتهي من جامعتي" تمتمت بيأس وتحررت دمعة من عيناي لتسقط علي كتفه‍ المبلل مسبقاً .
"ستحققين جميع أحلامك ، أنا أعدك" قال مطمئناً وهو يمسح علي شعري برفق ، كم أحببت هذا الشعور عندما يخبرني بأن أحلامي ستتحقق ، يجعلني أشعر بأن الأمل لم ينقطع بعد وأن لي الحق بأن أحلم ما دمت أتنفس في هذه‍ الحياة .
"لما تساعدني !" تساءلت فجأة وأنا أرفع رأسي من علي كتفه‍ ، هذا السؤال يدور في بالي بطريقة أرغمتني علي التفوه‍ به‍ من دون أن أعي ما أقول : "أعني أنت لا تعرفني سوي من ثلاثة أيام ، لما هذا الإصرار الذي بك ويجعلك تريد مساعدتي بهذا الشكل المفرط ؟" تابعت كلامي موضحة وجهي نظري لأجده‍ نظر لي لثواني قليلة قبل أن تتحرك شفتيه‍ ليجيب علي سؤالي الغير متوقع بالنسبة له‍ ، وخاصتاً الآن .
"ليس من ثلـاثة أيام فقط" همس شارداً في نقطة وهمية بالبحر وكأنه‍ بهذا الشكل يخبرني رسالة لكن بطريقة غير مباشرة ، أتشوق لمعرفة ما يدور بذهنه‍ أكثر من معرفة سر مثلث برمودا المخيف .
"ما الذي تقصده‍ !" تساءلت بتعجب وقلبي أصبح يعلو يهبط ، كأنني كنت في ماراثون قبل دقائق وليس في وسط بحرٍ هادئ لا يسبح فيه‍ حتي .
"لـ لا شئ . أنا أعني بأني أعرفك منذ ثلاثة أيام وبضع ساعات فقط" برر بتوتر مع أبتسامة بلهاء أرتسمت علي ثغره‍ ، هو رويداً رويداً يؤكد لي بأنه‍ يخفي عني الأمر الذي بإمكانه‍ تغيير حياتي ، ربما للأفضل أو للأسوء .
"أنا أشك بك" ضيقت عيني بريبة وأنا أقولها بصوت مخيف بينما أقترب منه‍ بهدوء كالأفلام المرعبة التي تعرض ليلاً علي التلفاز وتجعلك علي وشك أن تبلل سروالك من كثرة الخوف الذي يشتعل في خلاياك .
"إن أقتربتي إنشاً أخر سأقبلك" هتف بصوتٍ جاد لم ألتمس فيه‍ المزاح وهو ينظر لشفتاي ، فعدت للخلف سريعاً ، لا ينقصني أن أفقد قبلتي الأولي في عرض البحر .
"لما تخافين مني بهذه‍ الطريقة عندما أقول بأنني سأقبلك ! ألهذه‍ الدرجة شفتاي لا تعجبانكِ" تساءل مستنكراً وهو يرفع إحدي حاجبيه‍ بإزدراء ، أهو مستاء لأن شفتاه‍ لا تعجبانني أم أنني أتوهم .
"لأنني أريد أن أفقد قبلتي بطريقة مميزة ، ليس لأن شفتاك لا تعجبانني" بررت بإبتسامة هادئة وتمسكت به‍ جيداً بينما هو يتحرك في الماء شارعاً بالسباحة وهو يتمسك بي وكأنني طفلته‍ .
"هل هذه‍ من ضمن أحلامك أيضاً !" تساءل بتلهف وهو ينحني بجزئه‍ العلةي قليلاً ليبلل كتفيه‍ ، أظن بأنه‍ يشعر بقليل من البرد ولكنه‍ لا يظهر لي ذلك .
"أجل" نبست مبتسمة أبتسامة حالمة وأنا أريح رأسي علي كتفيه‍ : "ما هي أحلـامك !" تساءل مجدداً وأعتقد بأن معظم محادثاتي معه‍ هي عبارة عن أنني أتحدث عما يخصني أنا وعما أريد في حياتي ، لم أجده‍ في مرة تحدث عن شئ يحبه‍ أو شئ يود فعله‍ ، هو غامض بطريقة مخيفة .
"الكثير" همست بنبرة شاردة وتركت أفكاري جانباً ، سيرهقني التفكير فيه‍ ولن أصل إلي إجابة ترضي عقلي ، هو دائرة وأنا أدور بها ، لا أعلم متي سأنتهي منها وهي ليس لها نهاية تماماً مثله‍ ، هو اللا نهاية الخاصة بي .
"أنا أستمع" قال بإهتمام وكأنه‍ يحثني علي التحدث ، أؤيد أن أخبرك بأن الغرق في شخصيتك أصبح من ضمن أحلامي المستحيلة .
"أريد أن أفوز في مسابقة الرسم هذه‍ السنة حتي تكون الخامسة لي وأثبت لأبي أن الرسم ليس شيئاً تافهاً كما يزعم بل أنه‍ فن الروح وأتصال روحاني بين المرء وأحاسيسه‍ التي لا يستطيع البوح بها للجميع ، فوجد أن الورق والألوان هم خير جليس وأفضل مستمع .
أريد أن أفوز في مسابقة للسباحة وأصبح مشهورة بسبب إنجازي عالمياً وليس دولياً فقط ، أريد أن يعرفني العالم أجمع ويهتفوا بأسمي قائلين بأنني حققت شيئاً خيالياً يستحق الشهرة من أحله‍ ، وليس لأنني أبنة محمد بارون رجل الأعمال الشهير الذي لا ينافسه‍ شخص إلا وسقط في الهاوية دون رجعة إلي عالم رجال الأعمال المقزز .
أريد أن أسافر لبريطانيا وأدرس الطب في جامعة كامبريدج أو أسافر إلي الولايات المتحدة الأمريكية وأدرس في جامعة أوكسفورد العالمية .
أريد أن ألقي محاضرة أمام ألف طالب وأكثر حول موضوع هام لم أحدده‍ بعد ولكني أود ذلك وبشدة ، أود أن بأنني ذات الأهمية التي تجعل أكثر من شخص يستمع لي وينتظر مني أن أكشف حقائق أكثر عما يدور في ذهنه‍ .
أريد أن تكون رواياتي ورقية وليست إليكترونية كي تسنح الفرصة للجميع أن يروها ، أريد أن أؤي الجميع يريد توقيعي علي الرواية بعدما أنشر أول طبعة منها ، أحضر المؤتمرات هنا وأذهب لحضور ندوات هناك من أجل التشهير برواياتي .
أريد أن أقوم بتسجيل الأغاني في أهم بلاد العالم لأنني مهووسة بالأغاني ، تخيل أن يندرج أسمي تحت مسمي المغنيات التي لم تتخطي العقد الثاني وبلغت هذا النجاح الهائل .
أريد أن أدخل لعالم بوليوود من حيث الإنتاج أو التصوير أو أن أكون مخرجة بشرط أن يكون شاروخان هو البطل الرئيسي لأنه‍ هو من ألهمني لكل شئ .
أريد أن أمثل أغني أرقص في الأفلـام الهندية ويصبح لدي جمهور يهتف بأسمي كلما ظهرت علي الشاشة .
وأخيراً وليس أخراً أريد أن أعيش قصة حب لم يشهدها التاريخ من قبل قائلين بأن ها هما روميو وچوليت يعودان من جديد متجسدان بهيئة هذا الثنائي" أنهيت كلـامي مبتسمة بعمق لأجده‍ توقف عن السباحة وينظر لي مبتسماً ، إلهي لقد ثرثرت كثيراً وهو يبتسم لي .
"هل هذه‍ كل أحلـامك !" تساءل وهو يضيق عينيه‍ بشك ممزوج بإهتمامه‍ الذي غلف عيناه‍ معطياً أياي دفعة من الطاقة الإيجابية ، لم أجد من يستمع لي بنفس شغفي وأنا أتحدث عن أحلامي من قبل ، لم أجد من يهتم بكل تفصيلة صغيرة لي كما يفعل هو .
"في الحقيقة لا هناك الكثير ، لكن هذه‍ أهمها علي ما أعتقد" وضحت له‍ ليتصنع التفكير قليلـاً ، يبدو جميلاً عندما يوم شفتيه‍ بهذه‍ الطريقة .
"هل تحقق أي من أحلامك من قبل !" تساءل وهو يكمل سباحة : "أثنين فقط" قلت متذكرة بينما أتنهد بعمق  : "وما هما !" تساءل مرة أخري بنفس نبرته‍ التي لم تتغير عن الإهتمام :"عندما رقصت بي تحت المطر في ذلك اليوم والآن عندما قفزت بي إلي الماء" أجبت بهدوء ليصمت هو ، لقد نفذت أسئلته‍ علي ما أعتقد .
"شكراً لك" هتفت فجأة ليعقد حاجبيه‍ بإستغراب .
"علـام ؟" سأل بإستفهام متعجب .
"لأنك الوحيد الذي أستمعت لي والوحيد الذي حقق لي أثنين من أحلـامي" بررت بسكون لأجده‍ أبتسم بإتساع ، ثاني أفضل وقت في حياتي هو أحمد عندما يبتسم مظهراً أسنانه‍ المرصوصة بإنتظام .
"علي الرحب والحب في أي وقت وردتي" قال بلطف وهو يقرص وجنتي لأقهقه‍ بصخب ، يعاملني كطفلته‍ بحق الآلهة .
"جدتي تقول هذه‍ الكلمة دوماً" نبست بهدوء : "ما هي الكلمة التي تقوله‍ا جدتك دوماً !" تساءل بعدم فهم وهو يعيد صيغة سؤالي مرة أخري ، أظن بأن هذه‍ إحدي الملاحظات عليه‍ ، هو يعيد قول السؤال مرة أخري عندما لا يعرف إجابته‍ .
"وردتي" أجبت .

THE SINGLE GOLDEN DUOحيث تعيش القصص. اكتشف الآن