ما رح نسكت

608 139 52
                                    

1987

"احنا زهقنا"
"زهقنا وتعبنا من هالعيشة!! "

"الصهاينة اخدوا ارضنا بس ما رح يوخدوا حياتنا.... طالما احنا عايشين راح نضل نقاوم وما رح نهنيهم ابدا فيها!!"

سائق شاحنة اسرائيلي قام بدهس عمال فلسطينين على الحدود بين غزة والاراضي المحتلة.
فأدى ذلك الى غضب الفلسطينين وسخطهم وسلسلة من المظاهرات والاعتصامات قامت على خلفية الحادث.

" انا اسمي كريم عمري ١٤ سنة "
" حاليا ما عندي اشي اخاف منه، أو عليه! "

أبي كان عالما، كان عبقري الكيمياء الابرز في فلسطين بل والوطن العربي، لكن طبعا إسرائيل لم يعجبها ذلك.
في يوم قاموا بإرسال جنودهم في منتصف الليل، حطموا الباب واقتحموا المنزل وقاموا بإطلاق النار عليه أمام أولاده وزوجته!

بعدها جعلونا نُخلي المنزل وحرقوه ليخفوا كل الادلة.
وكأنهم كانوا سيحاسبوا حتى لو عثر على  الادلة!

أمي واخوتي يعيشون في منزل جدي وجدتي الآن، امي تريدني ان اركز في المدرسة وابذل جهدي حتى اصير عالما ً وأنفع بلدي مثل والدي.

لكنني مللت من هذه الحياة ولم اعد اطيق مشاهدت عائلتي تعاني تحت وطأة الاحتلال.
لهذا السبب عندما سمعت أصدقائي بالمدرسة يتحدثون عن الهرب والإلتحاق بالمتظاهرين كنت اول الموافقين على الفكرة.

كل ما كنا نملكه هو الحجارة والعصي وبعض العجلات المحترقة، لكنها كانت كل ما نحتاج للتعبير عن غضبنا وسخطنا عليهم.

عندما وقفت أمام الدبابة لم أكن خائفاً!
لديهم الدبابات والصواريخ والطيارات لكن ليس باستطاعتهم إخافنا.
ليس بعد اليوم...لن نهرب من المواجهة بل سنرابط في مكاننا ونحاربهم بكل قوتنا.

تلك الليلة لم أعد إلى المنزل... لم أذهب للمدرسة في اليوم التالي؛ لأنني لم أعد بحاجة للتعليم.
فقد تعلمت كل ما احتاج أن اعرفه عن هذا العالم.
في تلك اللحظة شعرت بغضبي يختفي اخيرا.

عندما إخترقت الرصاصة قلبي لم أكن خائفا او غاضبا بعد الآن.

وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ.

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن