1948

1.2K 177 80
                                    

1948

"عايشة بسرعة وينك!"
صرخت وانا ابحث عن اختي عائشة، اليهود دخلوا القرية وبدأوا إطلاق الصواريخ وكل من في القرية هربوا.

"عايشة، مها وينكم بسرعة يا بنات اذا ما طلعنا هسى راح..."

قبل أن تنهي امي جملتها قذيفة أخرى ضربت القرية.
ركضنا انا وامي واختي من المنزل هرباً من النيران والقنابل.
كان التنفس صعبا بسبب الدخان والرؤية اصعب!
بعض الرجال من كبار السن رفضوا الخروج من القرية قبل أن يتأكدوا من خروج جميع النساء والأطفال منها، لكن للاسف كانوا هم أول الشهداء.
عادت فتاة لأخذ أختها الرضيعة التي نسيتها في مهدها من هول الموقف، لكن حينما وصلت لمكان الكوخ وجدته يشتعل، لقد احترق بالكامل وتحول لركام!
عندما تاه صبي عن أمه وسط الضباب ولم تسمعه بسبب صراخ النساء والأطفال، وجده جندي وأطلق النار عليه النار بلا رحمة..

عندما عثر الجنود على بعض الهاربين ربطوهم بمؤخرة آلياتهم وجروهم ورائهم على طرق الجبال الوعرة حتى تشوهت وجوههم وتجرحت اجسادهم، وبعدما أرضوا غرائزهم الوحشية وسئموا منهم قتلوهم وألقوا جثثهم بالوادي..

آخر مرة نظرت للوراء كانت قريتنا تحترق.
آخر مرة احتضنت والدي كان قبل أن يذهب للجهاد مع المقاومين في الجبال.
آخر مرة ضحكت مع اسرتي قبل اسبوع  كنا نتناول عشائنا معا، متأملين مستقبل نظل فيه معا.
ماذا سيحدث لمستقبلنا الآن؟
ماذا سيحدث لوطني الان؟

بعد ساعات من الهرب والبكاء، إنهارت قدماي وإستلقيت على ظهري على العشب.
امي واختي جلستا بجانبي ليلتقطا أنفاسهن.
استطعنا برفقة بعض أهل القرية الهرب ونحن الآن في منطقة محايدة بين قريتنا وأقرب مدينة.

يا الله أنت خالق الكواكب والسماء والنجوم، انت خالق كل شيء ومليكه.
ربي إني مسني الضر وانت ارحم الراحمين.
إخلق لنا من رحمتك معجزة تنهي هذه المأساة وتعيد لنا أحبتنا وارضنا.

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن