نافذة بإطلالة على الجنة

82 22 3
                                    


في كل مصيبة و فاجعة هناك أمل... بصيص أمل يدفعنا للاستمرار على الرغم من كل الظروف، نعمة أو معجزة من الله يراها ويشعر بها المؤمنون... وفي حالتنا كانت هذه النعمة هي ارضنا الحبيبة مدينة القدس المحتلة.
تميزنا بإنتمائنا لها، وتشرفنا بخدمتها والحفاظ عليها والدفاع عنها ضد المحتلين الغاصبين.
هي أرض الأنبياء والمرسلين، مسرى نبينا وسيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام.
هي أرض المحبة والسلام... منبع الاديان وأم البدايات.

نفدي ارواحنا رخيصة في سبيل الدفاع عنها، كل صخرة وذرة تراب منها مقدس ويستحق التضحية من أجله.. كل الساحات والمصاطب والمآذن والبوابات والمساجد...كلها تحت مسمى مقدس ولا يمس، الجرائم وكل الأعمال التي يمارسها الاحتلال من انتهاك حرمة هذا القدسية هي جرائم بحق البشرية وبحق شعائر الله.
لا يحترمون حرمات الدين او الأخلاق او الانسانية!!.. أعمتهم السلطة والكراهية، إنتشوا بمخدر السيطرة والانتصار المؤقت على العرب وتفرعنوا على الشعب الفلسطيني، لكن كما قال أبو البقاء الرندي :
لكل شيء إذ ما تم نقصان.... فلا يغر بطيب العيش انسان.
وهذه الحال ليس دائمة، الأرض ستدور، وسينقلب حالنا وحالهم بإذن الله.

وانا أجهز مائدة الإفطار لأبنائي استنشقت حواسي وانتعشت بصوت الآذان القادم من مآذن المسجد الأقصى فالتفتُ لنافذة شباك مطبخي الصغير لمنظرٍ أجزم انه الأجمل في العالم!!

نافذة مطبخي مطلة على قبة الصخرة المشرفة، وعلى ساحات الأقصى.
وانا اغسل الصحون واجهز الطعام  أسترق بعض النظرات على الناس الخارجين والداخلين من الأقصى، منهم من يدخل للصلاة ومنهم من يجلس في الساحات ويتشارك الإفطار والدعاء والضحكات مع عائلته والاصدقاء، ومنهم من يجلس تحت الشجر يقرأ القرآن ويدعوا بقلب مقبلٍ غير مدبر.

صوت الأذان عندما يعلوا في الأقصى كل الأصوات الأخرى تخمد، فلا شيء يعلو على صوت الطمأنينة والاقبال على الله.

عندما يخرج المصلون من الأقصى اول ما يستقبلهم ليس بالعادة وجوه اهاليهم  الداعية لهم بأن يتقبل الله صلاتهم، بل بأغلب الأحيان تكون صرخات جنود الاحتلال واقتحاماتهم الأقصى ولخصوصية عباداتنا ،يعتقلون كل الشباب ويعتدون على النساء والأطفال وحتى كبار السن ينالهم نصيب من بطش الجنود الانذال القذرين.

لكن كيف لهم ان يخيفوا او يقهروا شعباً تتغذى روحه من قدسية هذا المكان، شعب قلبه معلق بواحدةٍ من أطهر البقاع، نحن لدينا الحب والانتماء وروح الفداء لهذا المكان ولله، في المقابل ماذا لديهم؟
القنابل، الجيوش، الصواريخ والاسلحة؟؟.. استعملوها ضدنا منذ اكثر من سبعين عاماً ولا يزالون يستعملونها مع ذلك ما زلنا نقاوم... اي شعبٍ هذا الذي بإمكانه ان يتحمل ما تحملناه؟.. هي معجزة من الله... معجزة ونعمة من نعمه علينا أودعها في نفوسنا، أعطانا البلاء وفي نفس الوقت أعطانا المعجزة التي ستدفع البلاء.
هي حرب وستنتهي لكن أبمعجزتنا ستنتهي أم بصواريخهم؟

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن