باسل الأعرج

144 27 0
                                    

مارس 2017

" تحية العروبة والوطن والتحرير، أما بعد..

إن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أنّي قد مت، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلبٍ سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء.

لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة.

وأنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهور طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم أما نحن أهل القبور لا نبحث إلا عن رحمة الله.

هذه كانت وصية الشهيد باسل الأعرج..

هو ابن قرية الولجة قرب بيت لحم المحتلة، ولد فيها بتاريخ 27-1-1984، عَمِل صيدليّاً ونشط في الحلقات التثقيفية وسرد تجارب المقاومة الفلسطينية من خلال جولات ميدانيّة، تعرّض للاعتداء من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للـسلطة الفلسطينية بالضفة المحتلة، خلال مشاركته في تظاهرات من أبرزها من كانت ضد زيارة موفاز وتم تهديده من طرف عدنان الضميري بأن تتم محاسبته من خلال لقاء تلفزيوني اجري معه على قناة الفلسطينية مع الاعلامي ماهر شلبي .

أسس وساهم باسل في العديد من المبادرات التطوعية الوطنية والمستقلة كان أهمها دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعمارية والتحرر المعرفي، كما كان من المؤسسين الأوائل لموقع باب الواد. كان قد كتب فيها العديد من المقالات.

كان شقي"، الكلمات الأولى لوالدته في حديثها عنه، تلك المرأة التي شهدَ لها كلُّ مبصرٍ ليوم زفاف "الباسل" بالقوة الصادمة ورباطة الجأش التي لا تعرف حدوداً.

الشقاء في بلادنا له مفهوم مختلف، مفهوم إيجابي غير معتاد في الدول الأخرى، فمن كان يتمتع بالحداقة والذكاء وكُثر الحركة والسؤال فهو شقي، أي اجتمعت فيه علامات الوعي والذكاء منذ طفولته.

والشقاء في حديثنا الجاري يرتبط بشكل وثيق بالمقاومة بمختلف مسمياتها وطرقها وحجم تطبيقها، فباسل منذ نعومة أظافره اعتاد التمرد على ما هو حوله وكل ما يحيط به.

قبل عامين وتزداد قليلاً في صبيحة السادس من آذار عام 2017، استيقظت وكُلّي أملٌ في يومٍ مميز؛ اليومَ يكتمل العشرين من عمري، ميلادي الأثير الذي لطالما كنت بانتظاره حتى أبدأ رحلتي مع العمر الموعود والمنتظر، النقطة التي تنطلق عندها المغامرات والمرحلة التي لطالما وصفها الكتّاب والشعراء وحتى النّاس بأنها أجمل مراحل الحياة، وبالفعل كان مميزاً بطريقة غير اعتيادية.

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن