محمد الدرة

127 31 7
                                    

سبتمبر /2000

"بسرعة بابا يلا "
قال ولدي الذي يبلغ 12 سنة وهو يرتدي حذائه عند الباب.
"يلا هيني اجيت"
قلت وانا قادمٌ نحوه ولحقتُ به بعدما انتهيت من ارتداء حذائي.
"ابي ما نوع السيارة التي سنشتريها؟"
قال ابني ونحن نسير على جانب الطريق بعدما ابتعدنا عن المنزل.
فأجبته وانا أضع يدي بجيبي وابتسم له :
"أي نوع شغال وعلى قد المصاري بكون منيح"
بدت عليه الخيبة من إجابتي المتوقعة، لكنه لم يقل شيئا وتابع السير أمامي ويلعب ويركل الحجارة بالطريق.
فجأة سمعنا صوت إطلاق نار قريبٍ جداً!!.
أمسكت بيد ابني بلا تفكير وبحثت عن أي مكان أو أي شيء نختبئ فيه لانه صوت اطلاق النار كان قريباً جداً!!.

عشرات الرصاصات اطلق مثل زخات المطر ببضع ثوانٍ صار الخطر يلاحقنا كما يلاحق السهم هدفه.
عثرتُ على برميل اسمنت واختبئتُ خلفه وخبئت ابني خلفي!.

كان الجنود الإسرائيليون على بعد امتارٍ منا يطلقون النار على الشرطة الفلسطينية.
حاولت أن ألفت انتباههم وأجعلهم يوقفون إطلاق النار!
لكن بلا فائدة وابل من الرصاص استمر لبضع دقائق مرت كأنها ساعات من الذعر التي سببته.
صرخت بأعلى صوتي بأن معي طفلاً!!.
لكنهم لم يسمعوا، على الأغلب هم لم يهتموا..
حوطت ابني بذراعاي، سيجته بجسدي ،صرخت ولعنتهم ألف مرة لعنت الاحتلال والحرب والجنود لوضع ابني في موقف كهذا...
رصاصهم كان يصيب الجدار والبرميل والأرض برتمٍ سريع ومستمر... بالنهاية إحدى الرصاصات أصابت يدي.
بعدها سمعت محمد يصرخ لان رصاصة أصابت قدمه!
رصاصة أخرى أصابت ظهره!
ورصاصة أخرى لحقتها كالصاروخ في قدمه، والاخيرة أصابت معدته وسقط شهيداً على حضني..

*****************************
محمد الدرة أيقونة فلسطينية هزت ضمير العالم عام 2000 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، وكشفت عن مدى جرم ووحشية الاحتلال الإسرائيلي الذي يطلق الرصاص بدم بارد على الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال.

البث الحي
الموسوعة شخصيات مقاومون
محمد الدرة.. الطفل الذي اهتز العالم لاستشهاده
WhatsApp

تاريخ و مكان الميلاد:
22 نوفمبر 1988 - مخيم البريج بغزة
الوفاة:
30 سبتمبر 2000
الدولة:
فلسطين
محمد الدرة أيقونة فلسطينية هزت ضمير العالم عام 2000 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى، وكشفت عن مدى جرم ووحشية الاحتلال الإسرائيلي الذي يطلق الرصاص بدم بارد على الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال.

المولد والنشأة
ولد محمد جمال الدرة يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1988 بمخيم البريج في قطاع غزة، وعاش في كنف أسرة تعود أصولها إلى مدينة الرملة التي احتُلت وطرد أهلها منها عام 1948.

والده جمال كان نجارا، ووالدته أمل ربة منزل عانت كثيرا في تربية أطفالها في ظل ظروف البلد العصيبة.
الدراسة والتكوين
درس محمد حتى الصف الخامس الابتدائي، وأغلقت مدرسته بسبب الاحتجاجات يوم استشهاده.

الاستشهاد
بينما كان الطفل محمد يسير مع والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، فوجئا بوقوعهما تحت نيران إسرائيلية، فحاولا الاختباء خلف برميل إسمنتي، وذلك أيام انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.

حاول الأب جمال يائسا أن يحمي ابنه بكل قواه، لكن الرصاص اخترق يد الوالد اليمنى، ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى وصرخ: "أصابوني"، ليفاجأ الأب بعد ذلك بخروج الرصاص من ظهر ابنه الصغير محمد، الذي ردد: "اطمئن يا أبي أنا بخير لا تخف منهم"، قبل أن يرقد الصبي شهيدا على ساق أبيه، في مشهد أبكى البشرية وهز ضمائر الإنسانية.

Play Video
لحظة استشهاد محمد الدرة يوم 30 سبتمبر/أيلول 2000 بين ذراعي والده، نقلتها لأكثر من دقيقة كاميرا الصحافي شارل أندرلان في قناة فرانس 2 التلفزيونية عام 2000، وأظهرت كيف أن الوالد كان يطلب من مطلقي النيران التوقف، لكن دون جدوى، إذ فوجئ بابنه يسقط شهيدا.

حاول الاحتلال وجهات يهودية متطرفة التنصل من الجريمة بإلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، والادعاء أن الطفل محمد قتله فلسطينيون لتشويه صورة الجيش الإسرائيلي لدى الرأي العام الدولي.

غير أن الصحفي أندرلان أورد في كتابه "موت طفل" اعتراف قائد العمليات في الجيش الإسرائيلي جيورا عيلاد، الذي صرح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2000، بأن "الطلقات جاءت على ما يبدو من الجنود الإسرائيليين".

شكلت حادثة استشهاد الطفل محمد صدمة كبيرة، ليس فقط لوالده الذي كان معه وإنما لوالدته وعائلته، لكن الله سبحانه وتعالى عوضهم عن الشهيد بطفل آخر أطلق عليه  اسم "محمد" تيمنا بأخيه.

كما أصبح الطفل محمد أيقونة الانتفاضة الفلسطينية ومُلهمها، وصورتها الإنسانية في مشهد لن ينساه العالم.

واندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية يوم 28 من سبتمبر/أيلول 2000، عقب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون المسجد الأقصى، ومعه قوات كبيرة من الجيش والشرطة.

مصدر هذا الجزء الجزيرة. نت

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن