دقوا الاجراس!

391 98 24
                                    

2004

طوال حياتي كنت معروفاً بشخصيتي الهادئة وبكوني شخصا واعٍ.
منذ أن تخرجت من المدرسة الثانوية قررت أن أكرس حياتي لخدمة كنيسة القيامة في القدس.

كل مافي الأمر انني لم أرى داعٍ لاكمال مسيرتي التعليمية، فلم أكن بارعا بالعلوم والرياضيات، والآداب لم أجد شغفي فيها، لذلك قررت أن أكرس حياتي في سبيل هدفٍ أسمى من العمل وجمع المال.

لا تفهموني خطأً؛ فأنا احترم وظيفة المعلم والطبيب والمحامِ الخ...
لكنني لم أشعر انها ستعطيني شعور الرضى عن نفسي، واحداث فارق في خدمة وطني.

لهذا السبب تطوعت في العمل والخدمة في كنيسة القيامة،أو عالاقل في البداية كان عملاً تطوعيا حتى قاموا بتعيني رسميا للعمل بها.
حاليا انا مرتاح جدا في هذا العمل، وكل يوم استيقظ واقطع وعدا على نفسي ان اعطي ١٠٠٪ من جهدي وطاقاتي في سبيله.

حتى جاء الجنود في يوم ما...

"انتَ موشى عزمي؟"
اسمي موسى وليس موشى كما قال الجندي النتن، لكنني بلعت غبطتي وأجبت :
"نعم، انا موسى عزمي، خير شو بدكم؟"

"تعال معنا انت رهن الاعتقال"
قالها الجندي وكأنه يطلب مني أن اتجهز للذهاب في نزهة!
استفزني اسلوبه كثيرا، عقدت حاجباي وقلت له بأكثر صوت هادئ استطيع التحدث به بموقفٍ كهذا :
"انا بالكاد اخرج من الكنيسة، انا اعمل هنا منذ كنت في التاسعةِ عشر من العمر، في بعض الأحيان لا أعود للمنزل إلا للنوم!"

حاولت تمالك اعصابي بينما الجندي اجابني بصوت عالٍ :
"لا تجادل وتعال معنا بكرامتك ولا منجرك بالقوة"
كانت الكنيسة مليئة بالسياح والمتعبدين لذلك لم ارد تعكير الجو وذهبت معه بصمت.

أبقوا علي في الحبس يومين لم انم او أكل اي شيء، كل ما فعلته هو الإجابة على أسئلتهم العشوائية.
بعدها تركوني أذهب وقالوا انه كان مجرد سوء تفاهم، وأنهم خلطوا بيني وبين شخصٍ آخر.
جعلوني أوقع على تعهد وطلبوا مني أن ابتعد عن المشاكل.
المضحك ان هذا تماما ما كنت أحاول فعله قبل أن يقوموا باعتقالي!
تابعت حياتي بعد هذه الحادثة، وكنت تقريبا قد نسيت الموضوع.

حتى قاموا باعتقالي مجددا بعد ٥ أشهر.
هذه المرة كان لديهم تهمةٌ لي؛ التورط في تفجير مجمع تجاري تابع لوزير الخارجية الاسرائيلي.

لا أدري حتى الآن لماذا اختاروني انا لاتهامي بهذه القضية، صدقوني لو الأمر بيدي لاحببت المشاركة بالأمر فعليا لكنني كنت مشغولا بعملي كثيرا، كما أن هذه الأعمال لا تتماشى مع مفهوم تكريس نفسي للكنيسة كما قررت مسبقا.

قامت عائلتي بتعيين محامي ذو سمعة طيبة للدفاع عني، مع ان الجميع كان يعلم أن لا فائدة من الأمر، لأنهم بالنهاية سيحكمون حسب مصلحتهم.

أنا عن نفسي لم أتفاجأ بحكم القاضي، جميع عائلتي تدمروا و والدتي بكت كثيرا لكنني لم أتفاجأ البتة من قرار القاضي الذي بدى كجلاد للمتهمين الفلسطينين.

عشرون سنة في سجون الاحتلال؟
إن الله ادرى بحالي... ويعلم انني لم أخطأ وإنني بريئ.
إنني أؤمن بالله واعلم انه عادل.. وحاليا إيماني به هو كل ما أملك وكل ما احتاج.

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن