نيسان 2018
حرية التعبير في القرن العشرين هي أكبر كذبة..
وظيفتنا كمراسلين صحفيّن في فلسطين المحتلة، أن نتابع الاخبار والأحداث عن قرب، وعلى مدار اربع وعشرين ساعة باليوم وسبعةَ أيامٍ بالأسبوع.وظيفتي ليس سهلة أو آمنة، خصوصا مع وجود التعتيم الاعلامي الهائل على كل ما يخص القضية الفلسطينية.
حتى الآن سلاح إسرائيل الأكبر والأكثر فاعلية بلا مبالغة هو الإعلام.
إعلامهم المضلل والكاذب ،قاموا بتشويه التاريخ وتشويه الحقائق وتحريفها، اقنعوا العالم انها أرضهم، واقنعوا العرب بالتنازل عنها بل وغسلوا ادمغتهم وجعلوا بعضهم يتعاون معهم في سرقتها.
إحتفلوا بالمعارك وبعدها صنعوا افلام عن معاناة الشعب اليهودي ليكسبوا التعاطف.
اجابونا بأنهم شعب الله المختار، وأنها الأرض المعطاة لهم من الرب.ارتكبوا الجرائم واستباحوا الحرمات، بعدها أظهروا الفلسطينين للعالم على أنهم هم المجرمين لأنهم يدافعون عن أنفسهم.
أطلقوا على المقاومين والشهداء ألقاباً مثل إرهابي وانتحاري وهمجي الخ....
فأجبناهم بأننا نعشق الإرهاب اذا كان يعني الدفاع عن ارضنا ومقدساتنا.
العالم كله أدار ظهره لنا منذ اكثر من 70 عام ولم يهتم ولم يزعجه صوتُ صراخنا ومناجاتنا.
فهل نهتم لرأيه بنا الآن؟حتى في القرن الحادي والعشرين قرن التكنولوجية والتطور والانترنت.
في خرائط جوجل صار إسمها إسرائيل، وفي منشورات الفيس بوك أي منشور عن الشهداء هو منشور خادش لمعايير الإنسانية الرقيقة.
وفي اليوتيوب اناشيد المقاومة هي محتوى يدعوا للكراهية والإرهاب!القائمة تطول وتطول لذلك دعونا نبدأ بقصتي..
انا اعمل كمراسلة صحفية لتلفزيونٍ محلي في فلسطين المحتلة.
جائنا خبر عن اشتباكات ومظاهرات بين الفلسطينين وقوات الاحتلال، فذهبنا لتغطية الحدث.عندما وصلنا الجنود كانوا قد بدئوا بإطلاق الرصاص الحقيقي على المتظاهرين ،أشرت للمصور ان يجهز الكاميرا لنبدأ التغطية.
أعطاني المصور الإشارة وبدأت التغطية
"نحن الآن مباشرةً في موقع الاعتصامات"
"الجنود لم يستطيعوا السيطرة على المتظاهرين واستبدلوا الرصاص المطاطي وغاز مسيل الدموع بالرصاص الحي....... جائتنا أنباء عاجلة عن استشهاد رجلين من المتظاهرين و..."بعد أن انتهيت من نقل الخبر سمعت صوت احد المتظاهرين يصرخ "مالك اتصاوب! "
اخي اسمه مالك!
واخبرني هذا الصباح انه سيذهب للتظاهر عند الأسلاك مع مجموعة من أصدقائه!دعوت ربي ان تكون مجرد مصادفة، الشهيد كان خلفي على بعد بضع أمتار لكن كنت خائفة، قدماي تجمدتا في مكانهما، لم أستطع التحرك، شعرت بالعالم يدور من حولي...
لا أعرف كيف! لكنني وجدت نفسي عنده إنه هو أخي مالك!
كان ينزف بشدة من معدته ولم يكن هناك أي سيارة إسعاف قريبة لأخذه..
نظرت اليه بعينين تسبح بالدموع، على الرغم من ذلك رأيت وجهُ مشرق بابتسامة مشرقة مثل نور الشمس بشهر نيسان ..قرأت أفكاره وعرفت بما كان يفكر فإنحنيت لأطبع قبلةً على جبينه وهمستُ له :
"الف مبروك يا عريس، الف مبروك الشهادة يا بطل"ابتسم اكثر وأشرق وجهُ اكثر ، بعدها بلحظات غابت شمس نيسان بين الغيوم وهطلت دموعي على ارضها.
أنت تقرأ
مذكرات فلسطين
Non-Fictionاستمعوا لفلسطين وهي تروي حكاياتها، حكايات الأسرى والشهداء والمعتقلين والمقاومين، حكايات الجهاد والبطولة. حكايات الخيانة والظلم والكبت والقهر. اغلب هذه الحكايات حقيقية ارجوا ان تستمتعوا بها وتشاركوها لنشر الوعي عن القضية الفلسطينية. هذه داري" "الله...