ملائكة الرحمة

535 120 69
                                    

رمضان 2018

"بسرعة بدنا مطهر جروح هون حالا يلا"
صرخت وانا اركض بين سيارات الإسعاف لأحضر المستلزمات الطبية للجرحى جراء اصابتهم برصاص الاحتلال خلال تظاهرهم بمسيرات العودة.

كما ترون فأنا مسعفة وغزة خصوصا اكثر مكانٍ يحتاج للمسعفين بشكل دائم؛ لكثرة اشتباكنا مع الاحتلال.

" حد يساعد اخوي...اخوي انطخ برجله وينكم!!!"
صرخ رجل وهو يحمل أخاه المصاب، ساعدته لإدخاله لسيارة الإسعاف وقمت بمداواته.
بقينا على هذا الحال لساعات ما بين معالجة المصابين ومداواتهم حتى قمنا بمداواة الجميع في هذه المنطقة، بعدها حزمنا أغراضنا لننتقل لمنطقة أخرى بها متظاهرين لمساعدتهم.

حالما وصلنا لمنطقة المتظاهرين عند الأسلاك الشائكة، سمعت صوت صراخ ورأيت المتظاهرين يركضون!
الجنود الإسرائيلون كانوا هناك وكانوا يطلقون الرصاص الحقيقي على المتظاهرين!

لذالك بلا تفكير ركضت باتجاه مكان إطلاق النار ومعداتي الطبية بيدي؛ لأساعد من هم بحاجتي.
تحركت بأسرع ما يمكن باتجاه الرصاص، باتجاه الموت المحتم ونظرت للخطر في عينيه، انا من اخترت هذه الوظيفة، فهي واجبي تجاه وطني وديني، ركضت وركضت وفجأة كأن الزمن توقف!
عقارب الساعة توقفت، الأرض توقفت عن الدوران عالاقل بالنسبة لي.
فقدت السيطرة على جسدي وقدماي خلت قواهما وسقطت على الأرض.
انتبهت لي صديقتي وركضت بإتجاهي..
مع انني لم أستطع التحرك لكنني سمعتها تقول :

"يا حيوانات هاي مسعفة يا كلاب بتطخوا المسعفين يا كلاب"

طبعا سيقومون بإطلاق النار على المسعفين!
هاؤلاء الأوغاد، جنودهم المرتزقة لا يفرقون بين كبيرٍ وصغير، رصاصهم لا يفرق بين احد ولا يرحم أحد مسعفٍ كان او متظاهر.

يرعبهم منظر المتظاهرين وكثرتهم، يتجمدون من رؤية الشرار في أعينهم، لذلك عندما يصوبون رصاصهم لا يخيب؛ لأنهم يخافون إن اخطؤا الهدف سيرد لهم الرصاصة عشرة.

لطالما ترجتني إمي أن اترك هذا العمل الخطير واعمل كممرضة في احد المستشفيات الآمنة بعيدا عن الخطر.
لكنني كنت مصرة على هذا العمل حتى أتمكن من إنقاذ اكبر عدد ممكن من الناس.
الحمد لله الذي اعانني على تحقيق مهمتي ورسالتي في الحياة.
الحمد لله الذي رزقني هذه الشهادة.

فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

*******************************
هذا الجزء مقتبس من قصة الشهيدة رزان النجار رحمها الله واسكنها فسيح جناته.

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن