البطل المجهول (عمر ابو ليلى)

85 22 0
                                    


2019

في مستوطنة رائيل يوم الأحد الساعة التاسعة صباحاً حانت ساعة الصفر للشاب الفلسطيني الحر عمر ابو ليلى، فأخرج سكينه وطعن جندي اسرائيلي ثم استولى على بندقيته وأطلق النار على باقي الجنود وبعض المستوطنين واصابهم بجروح متنوعة، بعدها استولى على سيارة قريبة وركب بها ليذهب للمستوطنة المجاورة، فمهمته لم تنتهي بعد!.

كلما تحرك اكثر كلما زادت مهمته تعقيداً وخطورة!.. بدلاً من الهروب والاختباء ذهب لمستوطنة ارائيل ،اطلق النار على بعض الجنود بعدها شغل المحرك من جديد ليكمل مهمته في المستوطنة التالية، في مستوطنة بركان القريبة سبب إصابات مشابهة للجنود والمستوطنين.

بالنسبة للذين يعرفون طبيعة منطقة سيلفيت ربنا يسهل عليهم تخيل الأمر، لكن الذي يصعب تخيله هو قدرته على الهرب والإفلات من أيدي قوات الاحتلال، مع العلم ان مقاطعة معروفة بنظام امني عالي الحماية كما انها مأهولة بعدد لا بأس به من المستوطنين.

في مقاطعة سيلفيت حوالي 18 قرية ومجمعات سكنية فلسطينية و 25 مستوطنة إسرائيلية.

صحفي خالد النعالي وصف العملية بأنها معقدة أمنياً وما جعلها اكثر تعقيداً هو قدرته على الهرب مع العلم ان الفلسطينين غير مسموح لهم بالدخول للمستوطنة!!... العمال يحصلون على تصاريح خاصة ويخرجون من مخرج خلفي بعيد عن المستوطنين.

*******************************

يقول صاحب المنزل الذي احتمي فيه عمر، عزام حمد إن قوات إسرائيلية خاصة حاصرت المكان مساء الثلاثاء، ونادت عبر مكبرات الصوت: "عمر أبو ليلى سلّم نفسك وإلا سنهدم البيت على رأسك". ثم بدأ الجنود إطلاق النار.

حسب حمد، قصف المنزل بعدة قذائف. وتظهر آثار الدمار في جدران البيت الحجري من الخارج والداخل. وبعد انسحاب الاحتلال، قال صاحبه إنه لم يجد أثرا لعملية قتل كبيرة بالنظر لحجم النيران التي أطلقها الاحتلال، وكل ما شوهد بقعة دم صغيرة قد لا تؤشر إلى إصابة خطيرة، حسب قوله، كما أن العائلة لم تشاهد إخراج أية جثة من المنزل بعد انتهاء العملية.

وكان جيش الاحتلال بالتعاون مع جهاز الشاباك (المخابرات) أعلن أن معلومات استخبارية وصلت عن مكان اختباء منفذ عملية سلفيت مساء الثلاثاء، وبعد ساعات من اعتقال متهمين بمساعدته.

واعترف الاحتلال أن عمر أبو ليلى رفض تسليم نفسه وأطلق النار باتجاه القوة الخاصة التي حاصرته من السلاح الذي غنمه في بداية تنفيذه عملية سلفيت.

واعتبرت عملية أبو ليلى اختراقا جديدا لمنظومة الأمن الإسرائيلية في أكثر بقعة فلسطينية تكتظ بالاستيطان في الضفة الغربية، وهي الأكثر خطورة منذ عملية الفلسطيني أشرف نعالوه التي أدت إلى مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة آخرين في مكان قريب جدا من موقع عملية سلفيت الأخيرة.

*******************************

تروي والدة الشهيد عمر ابو ليلى الذي كان سيبلغ التاسعة عشر بعد شهرين من العملية  انه بالعادة كان ياخذ وقتاً طويلاً للنهوض وانها كانت تضطر لإيقاظه بنفسها لكن في صباح العملية استيقظ وارتدى ملابسه بسرعة!!.. رأته عندما كان يرتدي حذائه عند الباب وسألته الى أين سيذهب؟

أجابها بأنه ذاهب إلى منزل جدته بتوتر ورحل بسرعة.
من وقتها و والدته غدير ذات ال37 من العمر شعرت بالقلق وأحست بأن شيئا غير معتاد على وشك الحدوث.

بعدها ببضع ساعات سمعت عن عملية سيلفيت، اتصلت به عدة مرات ولم يجب!.
عندها بدأت بربط الأحداث و راودتها الشكوك.

مفاجأة الجميع
تقول والدته "عمر فاجأنا.. كان مفاجأة للجميع"، وهو ما ردده الأب أمين أبو ليلى الذي جلس في استقبال المعزين في عزاء كبير نظم للشهيد وسط قريته.

قالت الأم عن نجلها -الأكثر حنانا بين أبنائها- "دمعته قريبة، يحزن على الغريب والقريب.. كنت أعطيه مصروفا ويعود ليخبرني أنه تبرع به في المسجد أو اشترى حلوى للأطفال".

كانت مجد شقيقته الصغرى تستمع لأمها. وقالوا إنها الأحب إلى قلبه وهي أكثر من يجالس من أشقائه ويلاعبها ويشاهد التلفاز معها يوميا. وتحدثت أمه عنه كطفل لا يبتعد عن البيت، ومرتبط بها جدا ويحزنه ضيقها.

رغم ذلك، قالت إن عمر كان شجاعا من صغره وحتى استشهاده"، ثم أضافت متأثرة بتفاعل كبير من أبناء قريتها ومن الفلسطينيين عموما الذين احتفوا بعمليته "نرفع رأسنا لبطولته، وإن شاء الله بيجي أمثاله آلاف ليكملوا مسيرة تحرير فلسطين".

حسب الأم، فقد انصب اهتمامه على إكمال تعليمه وامتهان تركيب وصناعة الألمنيوم. وتضيف "إنه شخص واع، ويقوم بالعمل الذي يريده عن قناعة، ويبدو أنه اختار الشهادة، وفتح الله له الطريق إليها".

تعتقد الأم أن ابنها الذي كان قليل الكلام "استشهد وسرّه معه"، ولم تستطع تحديد نقطة تحول جعلته يترك كل شيء ويتجه لتنفيذ عملية مصيرها استشهاده.

*******************************
مصدر هذا الجزء موقع الجزيرة. نت

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن