2015
بابا لا يعود للمنزل وبالكاد نراه مرة او مرتين بالسنة! ليس لانه لديه عمل هام، أو لأنه سافر لمكان ما.
بابا لا يعود للبيت لانه مطارد من الاحتلال.سنوات عدت والاحتلال يطارده، كبرنا وترعرعنا على هذه الحال، على أن ننتظر خبر منه كل شهر، على القلق والخوف عليه إذا تأخر في إرسال خبر لنا، أو ان نسمع عن شهيد مجهول الهوية ونتجمد خوفاً من ان يكون هو، أو عند رعبتنا في كل مرة يقتحم الاحتلال البيت للتفتيش عنه.
كبرنا وتعودنا على هذه الحال نعم تعودنا.
الأسبوع القادم هو عيد ميلادي، سأبلغ العاشرة من عمري ولمرة واحدة أريد أبي أن يكون حاضرا معي.
ليس لأنني أريد هدية او ما شابه، فأكبر هدية قد أتمناها هي أن أراه واحتضنه بشدة."يلا يا ولاد بسرعة تعالوا احكوا مع ابوكم"
قالت امي وهي تنادينا للتحدث مع أبي الذي ليس من عادته ان يتصل بالهاتف؛ لانه من الممكن أن يعرف الاحتلال مكانه عن طريقه، لكن أبي رجل ذكي وحذر لذلك اعتقد ان الامور ستكون بخير.
وقفت مع اخوتي انتظر دوري للحديث معه، وعندما جاء دوري آخيرا، سألني أبي عن حالي وعن المدرسة، وقال لي انه يعرف ان عيد ميلادي قد اقترب، و وعدني انه سيكون في المنزل في الصباح في يوم ميلادي!فرحت كثيرا وأخبرت إمي وأخوتي بهذا الخبر السعيد، طوال الاسبوع لم افكر بشيءٍ آخر سوى عودة أبي، جهزنا المنزل ونظفناه جيدا، جهزنا ملابس جديدة وجميلة كأنه يوم عيد!
بل هو أجمل عيد، اليوم الذي يعود أبي فيه.ذلك الصباح جاء لكنه لم يكن عيداً.
لم احتضن والدي، لم نتجمع حوله ونتسابق على من يحتضنه اولاً، ولم نملأ وجهُ بقبلاتنا ولم نشعر بيده تربت على رؤوسنا.لأن في ذلك الصباح الاحتلال قتل أبي..
ابي هذه المرة رحل للأبد!
وهذه المرة أخذ أمي معه.
أنت تقرأ
مذكرات فلسطين
Non-Fictionاستمعوا لفلسطين وهي تروي حكاياتها، حكايات الأسرى والشهداء والمعتقلين والمقاومين، حكايات الجهاد والبطولة. حكايات الخيانة والظلم والكبت والقهر. اغلب هذه الحكايات حقيقية ارجوا ان تستمتعوا بها وتشاركوها لنشر الوعي عن القضية الفلسطينية. هذه داري" "الله...