عروس الخليل

137 43 6
                                    


2015

خرجت من الحرم الإبراهيمي على عجلة، فقد تأخرتُ عن حصة اللغة الانجليزي التي توسلتُ أمي بان تسمح لي بالتسجيل بها!.

السنة المقبلة هي سنةُ امتحانات التوجيهي، وعليَّ أن أُحضِرَ نفسي جيداً وأستعد؛ لأجتاز هذه الامتحانات؛ حتى أتخرج وأحصُل على شهادة التوجيهي وبعدها أحصل على شهادتي الجامعية.

تجاوزتُ حاجِزَ التفتيش الأول والثاني، لكن عند الحاجِز الثالث أوقفني المجند الإسرائيلي وقال :
"وقفي عندك وافتحي شننتك ولي"
لقد كنت قد تأخرت بالفعل على حصة المركز لذلك كنتُ في عجلةٍ من أمري ولم أرد افتعال المشاكل، المجند الاسرائيلي إتدعى انني أمتلك سكيناً للطعن!
خلعت حقيبة ظهري بحذر لأريه ما فيها، لكن قبل ان أقوم بفتحها....

*صوت إطلاق نار *

في منزلٍ في الخليل بعد الحادثة بدقائق :

رفعتُ صوت الاخبار في التلفاز، أخبرتني إبنتي انها دعت صديقاتها للغداء اليوم وسيصلون عند الساعة الثانية بعد الظهر.

قررت أن أحضر المقلوبة لأنها وجبتها المفضلة،
وايضا لأنني نسيت أن اسألها عما تحب صديقاتها؛ وبما ان المقلوبة هي الأكثر شعبية في فلسطين فهي الخيار الأنسب.

*خبر عاجل *

"قبل دقائق أطلق جندي اسرائيلي النار على فتاةٍ مراهقة عند حاجز التفتيش عند الحرم الإبراهيمي، ونحن الآن بإنتظار التطورات"

هذا ما قالته مذيعة الاخبار في التلفاز، رفعتُ ُالصوت اكثر لاستمع للخبر، يا الله لا أتصور شعور والدة الفتاة المسكينة، اللهم اربط على قلبها يا رب.

بعدها لاحظةُ شيئاً في زاوية الكاميرا جعل قلبي يخفق بشدة كأنه سينفجر!
لقد كانت حقيبة ابنتي!
اقتربتُ من التلفاز لأتاكد عن قرب ،نعم انها هي!
نفس الحقيبة التي اشتريتها وعليها الميدالية الصفراء المبتسمة!
في حياتي لم أعش موقفاً كهذا، بحثتُ عن هاتفي بهلع لأتصل بزوجي، على أمل أن يطمئنني انها بخير والأمر كله مجرد صدفة!

بضع ثواني مرت كأنها ساعات وانا احاول الاتصال به، بعدها عندما أجاب على الهاتف صرخت وقلت :

"بنتي منيحة صح؟
دخيلك احكيلي انه مش هي، ما ماتت مشان الله احكي! "

لم يجبني زوجي، بدلاً من ذلك سمعت صوت بكاءٍ تقشعر له الأبدان ،كل ما كنت امتلكه من قوة وتحمل انهار في تلك اللحظة، تجمدت في مكاني كأنني كنتُ فاقدةً للوعي، على نفس الوضعية لم تتحرك مني شعرة ولم انبس ببنت شفة.... بعدها بعشرة دقائق ايقظني زوجي من صدمتي وقال :

" هي عروس الخليل هسى، الله يهنيها بالشهادة، كانت رايحة عشان تحصل شهادتها، لكن الله ناولها الشهادة العليا"

*******************************

هذا الجزء مقتبس عن قصة الشهيدة دانية ارشيد رحمها الله واسكنها فسيح جناته.
اللهم تقبلها من الشهداء وارزق أهلها الصبر.

مذكرات فلسطين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن