GUARD 17

208 32 18
                                    




" شغف الفتاة الفاتنة مكثت على عنقكَ كفراشة، أتبعك بنظراتي ورنيناً عذبًا يتجاوب صداه في روحي ! تتموج عاليًا فيغرد الروح حبًا ! أضحك على شغف الفتاة الفاتنة يغمرها الحب كما يغمر الماء الترابَ ! ولكن أظل اترقب البوابة يا زلاديولوس فكن كريمًا واعطف على فراشتك "

كتبتُ له مَرة أخرى، التمس الورقة وأشاهدها كيف الهواء تأرجحها، ما اقبح كلماتي وما أجملك أنت ! طويتها لأضعها في الظرف، مددت جسدي على السرير فالتفتت لجه النافذة، ضوء القمر دافئ يا زلاديولوس، اهٍ لهذا الحزن يشبه  فقد الأحباء ! ارخيت عيناي مفكرة فربما يريدني او لا يريدني ؟

فجاة سمعت صوت ضوضاء في الحديقة فتحت عيناي على مصرعهم وهرعت إلى الخارج لابد انه السارق في المرة السابقة، وصلت إلى الحديقة فاستقبلني نسيم عليل، تقدمت خطوات فإذا بأعيني تشاهد ما يعجز اللسان عن قوله ! ازهاري جميعها مقطوفة بطريقة وحشية !

كيف سأنام هذه الليلة وانا شاهدت هذا المنظر، أمتلئ عيناي بمائها فشعرت بالحرارة تتصاعد في جسدي وأحلامي فتلاشى تلك الصورة في خيالي، فبات عالمي يتساقط عليها الثلوج

أيها المنظر إلا المبالي لأحدهم حَلقي بعيدًا عن حديقتي الحلوة، تأوهت الماً فخرج من ثغري شهقة مدوية فحلق عيناي نحو السماء وأعيدها على الأرض فأرى ابن السماء، هو الخطوة التي ترافق السماء كما ترافق السماء البحر

مددت يدي إليه مناجاة ان يساعد جسدي لعدم قدرتها على الوقوف لكن كان يتمسك هو باحدهم غيري انا ! ممسكًا بأحكام يد الماثل معيدًا إياه خلف ظهره، فيتخبط الماثل من اجل النجاة، النجاة أم الهروب ؟

تقدمت من كليهما فنظرت للمقيد يديه بأحكام، جسد نحيف،قصير القامة في حوالي الثانية عشرة، وجهه نحيل، ذو رأس صغير، كان وجهه شاحبًا جدًا وكان عيناه تتضرعان، يرتدي سروالًا يصل إلى ركبتيه مهترئ الأكمام والأطراف، رجلاه حافيتان لا يختلف لونهما عن لون التراب !

" أيها الحارس ؟ " ندهت عليه بإن يشرح الآمر فأجاب يشرح " إنه السارق من المرة السابقة، بماذا تامريني ؟ " هل هذا الطفل هو السارق ؟ وما إن أبصرته حتى دبت في نفسي مشاعر الشفقة ووجدتني احنو عليه وأمسح على شعره مسحة الحناء

" سوف افك قيدك ان اخبرتني عن سبب فعلتك " قلت له بهدوء امر الحارس بإن يفك يديه الصغيرتين وحالما فعل انهار جسده على الأرض يرتعش خوفًا فتقدمت بسرعة إليه أمسك بيده فصرخت على الحارس أن يجلب لحافنا بعدما شعرت ببرودة يديه، غطيته بسرعة لأخذ به إلى كوخ الحارس أجلسه بقرب المدفئة

" لا بأس أنت بأمان معي " رأيت دموعة يتساقط ثم انخرط في بكاء مرير، أستجمع قواه وقال " كنتُ مجبرًا " مسحت على رأسه بلطف فأخبره بإنه لا بأس " أين هو والدك يا صغير ؟ " سألت فمن يجعل أولاده يفتعل أفعالًا كهذه فاجاب بصوتٍ خافت " متوفي " رده الجمني لأتوقف أنظر اليه للحظات بعدها سألته مرة ثانية " ماذا عن والدتك ؟ " فأجاب جوابًا صعقني " مريضة جدًا ... لا تقوى على الحركة ولا نملك المال الكافي لعلاجها " نهضت بسرعة خارجةً من الكوخ التقط أنفاسي فبدات بالبكاء حتى جلست القرفصاء مطأطأ الرأس إمام باب الكوخ فبعد حين رأيت أقدام أحدهم أمامي فرفعت رأسي لأرى ابن السماء

السماء تتوهج بنجومها فماذا تفعل أنت يا ابن السماء ؟ سماء الرب يملك هذا السماء فماذا يملك ذلك الصغير ؟
تلك الألوان الزاهية التي يمتلكها الربيع فماذا يملك ذاك الصغير سوى لون الموت ؟ عندما يختار الجسد الموت والمرض فماذا يملك ذاك الصغير غير برد الشتاء وتراب الصيف ؟

" جون .... " طفر الدموع من عيناي مناديًا إياه فجلس بدوره القرفصاء إمامي فطال الانتظار وهو يحدق نحو عيناي، زفر الهواء مقتربًا أنامله يمسح الدموع الملطخة وجنتاي " باب روحكِ هي تلك العينين النعمتين " أرتجف روحي قبل شفتاي لكلماته فأكمل حديثه " فكيف نبصر الروح بإغلاق بابها ؟ " هل لابد انك تنحت الفراغ في كياني لتجد سمائك يا زلاديولوس ؟


نهضت فدخلت الكوخ أجلس بجانب الفتى الصغير أساله " هل ازهاري يجلب مبلغًا كبيرا لعلاج والدتك ؟ " صمت قليلًا ينظر الي بشيئاً غريب " هناك زهرة واحدة " تنهد ينظر إلى يديه مكملًا " يبتعها الأشخاص ذو النفوذ، لكنها لا تمنوا بشكلٍ جيد كما في حديقتكِ " هزيت رأسي برضى فقلت له " سوف أتكفل بعلاج والدتك لكن بشرط واحد " كان دموع الفرح والبهجة تنهمر على خديه بعدما قلت له فحاول إن يتحدث لكنه تأتأة في كلامه فصرت أبتسم على لطافته " الشرط هو ان لا تلجأ للسرقة بدًا من اليوم سوف أساعدك في ما تحتاج " انبسط أساير وجهه وشع من عينيه بريق الارتياح، وكلت الحارس بإن يعيده لمنزله


انتظرته داخل الكوخ حتى يعود وعندما عاد قد نزع معطفه معلقًا إياه خلف الباب فنهضت من مكاني أقف أمامه " هل عاد بأمان ؟ " هز رأسه وعيناه غارقتين داخل عيناي كأنه تأه يبحث عن منزله ! هل أبيت هنا معك فنسامر نجوم السماء يا ابن السماء فـ احتمي بك واهاجر أرض بلادي واسكن السماء، متى يا جميل المحيا أرى رضاك ؟

GUARD|LKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن