السابعه والثلاثون
"زيد"
عاد مرهق ومنهك إلي غرفته سابقا كانت مهرب له من كل العالم الخندق الصغير الذي يختفي به عن الانظار ويخلع عنه رداء التصنع ويبقي على حقيقته ضعيفا وهاشا ويحاوط نفسه بنفسه كي يستطيع أن يعيش الغد،لكن الآن الخندق أصبح أضيق الهواء الذي كان يتنفسه وحده تشاركه معه عدوته المرأة التى عشقها بشدة وجرحته بقوة بعد أن أرها نقطه ضعفه دعست عليها بمنتهى القسوة ،الصمت كان يعم المكان الا من صوت أنفاسهم وكأن هذا الفراغ الكبير من حولهم لم يبتلع هذا الصوت
كان جالس على الكرسي المقابل للفراش وينظر للأعلي متحاشيا النظر لها بينما هى تطالعه بترقب للحظه التى سيلتف وتقع عينه بعينها لكن طال الوقت وهو على نفس حالة الثبات التى إتخذه من فور دخوله فبادرت هى بقطع الصمت متسائله:
-جدو عامل إيه؟
صوتها جعل قلبه يعتصر،نبرتها الرقيقه أشعلت بصدره بركانا خامل .صوتا يريد أن يخنقه ويندثر بين أوتاره ،صوتا اشتاق له ونفر منه كالجحيم التناقض الذي يدور فى داخلة صعب التعبير عنه كمن يعشق الفاكهة الطازجة المحاطه بالمبيدات وفى كل مرة ينسي أنها تسبب له التسمم.
يأست من إجابته بعد طول صمته فعادت تحثه على الحديث قائله:
-عمو عماد كان راجع غضبان أووى ..
إنطلق منه زفيرا غاضب جعلها تطمئن أنها فى وجهتها الصحيحه لجذبه فى الحديث أسهل شي قد يدفع الإنسان الكلام هو الاستفزاز وهذا ما فعلته إستأنفت حديثها بهدوء ورتابه:
- ولما سألتوا عن جدو زعق ليا وقالى كلام مش كويس..اخيرا نظر اليها لكن نظرته كانت كالصاعقه اتسعت عيناه الضيقه بشكل مهول وطفي الجحيم على وجهه وكأنها فعلت ما لا يجوز فعله ابتلعت باقي كلامها واخيرا سأل هو بحده:
-قالك إيه؟رغم أن حالته ونظراته غامضه فهى لا تفهم هو غاضب منها أم خائف عليها اجابت بلسان متعثر :
-بي...ي..قالى امشي من وشي وقال انى عيله و..اخفت تماما انه كان يشككها بزيد هى تريد أن تسمع منه وتري بعينه كي تستطيع فعل شئ ربما ينفعهم معا.
أشاح بوجهه بعيدا عنها رغم ان يغلى من إهانتة لها لكن يظهر هذا لها لم يعد ساذجا ليريها مكانتها العاليه لديه فترديه قتيلا كما فعلت سابقا،لكن بالمقابل لن يمررها لعمه فهو لن يقبل بأن يدعس أحد على طرف ذيلها حتى دون قصد ،نهض من مكانه واتجه صوب الحمام فنهضت مسرعه لتقف امامه قائله بتلهف:
-انا عايزه اروح معاك لجدو
حاول تجازوها فأمسكت بكتفيه لترجوه :
- بالله عليك عايزه أطمن عليه ...
قاطعها بأن دفع يدها عنه وأطبق بقسوة على أصابعها ليضمهما معا أخفت تأوهها سريعا وتسابقت دموعها على وجنتيها من فرط الألم ولازالت عينها تنظر لها بحده وأضاف وهو يسحق الكلمات بين أسنانه:
-إوعك إيدك تمد عليا تانى ،إياكى تلمسينى فاهمه ولا لاء .أومات بسرعه ودون تفكير ارادت فقط التخلص من هذا الالم لاول مرة يقسوة عليها بهذا الشكل وترى منه هذا الجانب السيئ فهتفت بنبرة خالصة الحزن :
-حـ ..حاضر ،بس بالله عليك خدى لجدو عايزه أطمن عليه .
أنت تقرأ
عشقت إمرأة خطره
Romanceكانت تقدم قدم وتأخر قدم وهى تخطو نحو منفاها الاخير فى قصر بعيد تماما عن كل ما تحلم مقبرة لشبابها وخندق لكل أحلامها وطموحاتها الجامحه ،هناك حيث السلطه ولا مفر من تنفيذ الأحكام حتى ولو كان سيف العشق بتار فإن للسلطه مطرقه تقضى على كل المشاعر ولا تع...