𒎙𒁹𒁹𒁹

130 18 1
                                        

أثرا

جلست و زالين برفقة إيلات و العازفان و الراقصتان حول النار مساءا، حيث تناولنا بعضا من حساء الحبوب المختلطة بالحليب على العشاء. كنا نتحدث عن القرية و سكانها اللذين أبدى الجميع إعجابهم بطيبتهم و حسن ضيافتهم و كرمهم، و نحن نأكل من رغائف خبز قدمتها إمرأة عجوز لسام و ليشار بعد أن شاهدت عرضهما صباح ذلك اليوم. و على ذكر ذلك، أفصحت أور عن إرتياحها و هي تؤدي عرضها أمام أهل القبيلة مفسرة لي أنها و إيتانا عادة ما تعاملان بسوء. ثم قصّت علي ما جرى معها في إحدى المدن التي توقفوا فيها. قالت أن رجلا حاول الاعتداء عليها. إنتظرها ليلا عند خيمتها، و عندما دخلت، تبعها و تهجم عليها، بل و كاد يمزق ثيابها لو لا تدخّل إيلات في الوقت المناسب.

تبادلت و إيلات إبتسامة صغيرة و نظرة لم أراه يتبادلها مع أي شخص آخر من قبل. نظرة لطيفة حنونة و كأنهما مقربين جدا من بعضهما البعض. ربما كانا كذلك حقا. لماذا يذهب لزيارتها في خيمتها في تلك الليلة إن لم يكونا مقربين؟ تقلّص شيء ما في صدري و أنا أفكر في الأمر، متسائلة عن سبب عدم إفصاحه لي عن صداقتهما أو علاقتهما أيا كانت. و عندما أدركت أنني ربما كنت أختلق كل تلك القصص في ذهني منعت نفسي من المتابعة في ذلك أكثر من اللازم، فأتحسر و قد أغضب بسبب كذبة إفتريتها على نفسي و صدقتها. فلو كان بينهما أي شيء لأخبرني. ما من سبب ليخفي الأمر عني. هكذا ظننت.

قال ليشار مرحبا: "أهلا، أهلا، بالسيد نارام."

إستدرت خلفي فوجدته مقبلا علينا بخطوت متأنية، و إبتسامة شبه خجولة أو ربما منحرجة على وجهه و هو يمرر أصابعه بين خصلات شعره.

سألته زالين: "دعني أحزر. أجبرك الحكيم على الجلوس معنا الليلة؟"

أنكر الأمر بهزّة من رأسه و هو يدعك رقبته، ثم ألقى نظرة سريعة علي و هو يردّ على زالين: "لا، لا أبدا. لم أراكم اليوم بطوله ففكرت في المرور عليكم و إلقاء التحية قبل أن أعود إلى خيمتي. هذا كل ما في الأمر."

أشار له سام بالاقتراب.  "لما لا تجلس معنا؟ "

"لا بأس. أنا متعب قليلا اليوم و أفضل أن-"

قاطعته زالين بلفّ ذراعها حول ذراعه قائلة: "هيا تعال. لن نسهر طويلا." أجلسته بجانب أور. "كما أنك لم تجلس بصحبتنا منذ مدة طويلة. ألم تشتق إلى أحاديثنا التافهة؟"

إمتزجت ضحكات الجميع و ضحكتي الخافتة، و نحن نراقب نارام يتربع على الأرض مجبرا. أشارت له أور إلى القدر. "هل أسكب لك بعض من الحساء؟"

هزّ يده معتذرا. "تناولت و الحكيم عشاءنا قبل قليل. شكرا لك."

"ماذا عن كوب من الماء؟"

الساحر و الراويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن