𒐏𒑆

94 11 0
                                    

أثرا

ألحّت لارسا على بقاءنا لتناول طعام العشاء معهم، إلا أن زالين كانت في عجلة من أمرها. قمت إستعدادا لمرافقتها، لكن إقتراح نارام جعلني أعيد التفكير في الأمر. طلب مني البقاء معهم و مشاركتهم وجبة العشاء و وعدني بأنه سيوصلني بنفسه إلى الميتم بعد ذلك، فوافقت لأجله. وافقت لأجلي أيضا. لأنني أردت قضاء بعض الوقت معه لعلي أشبع منه، ظنا مني أنه لن تتسنى لي الفرصة لأراه كثيرا بعد وصولنا.

بعد إنصراف زالين، حاول نارام إقناعي بأخذ قسط من الراحة في إحدى الغرف، لكنني أصررت على مساعدتهم بدلا من ذلك و رافقته إلى المطبخ. دخلت متفحصة الأرضية المبلطة، مبهورة بلمعانها البديع و أنا أدوس عليها في حذر و كأنني أخشى تشويهها. دهشت من سعة المطبخ و فخامته. كانت تتوسطه مائدة طويلة تقف عندها لارسا و تقطع حبات الجزر على شكل دوائر صغيرة، و زوجها بجانبها يغسل سمكة كبيرة ملأت المكان برائحتها الطازجة. على يسارهما باب مفتوح على الحديقة الخلفية يرحب بالهواء المنعش، و خلفهما خزانة خشبية تحجب الجدار من أعلاه إلى أسفله، نظّمت على رفوفها الأواني بمختلف أنواعها، الزجاجية المزخرفة و الخشبية المنقوشة و الخزفية الملونة، و سلال من قش مملوءة بمختلف أنواع الخضار و الفواكه و الأعشاب المنسّمة و التوابل. على يمينهما في ركن المطبخ فرن مشتعل، و في الركن المقابل له بضع أكياس حبوب و بقول من أحجام متفاوتة.

أخرج نارام طبقا خزفيا كبيرا و وضعه على الطاولة، في حين كنت لاأزال غارقة في دهشتي. عاد نارام بسلة الفواكه و وضعها على الطاولة قبالة والديه ثم شرع يقتني الطازجة منها.

إنضممت إليه، ثم أشرت إلى المنديل في يده مقترحة: "دعني أساعدك." ناولني إياه ثم شرعت أنظف ما يقتنيه من ثمار.

سألني أيار و هو يتبّل السمكة بعد أن شرّحها: "هل أعجبتكي بابل يا أثرا؟"

أومأت له. "أعجبتني كثيرا."

قال نارام و هو يضغط على إجاصة بابهامه: "لم تري سوى جزء صغير منها. يجب أن نخرج في جولة لتري كل شيء فيها. المعابد و الأبراج و البوابات.."

أضاف أيار على كلام إبنه: "و البوابة الجديد التي شرعنا في بنائها منذ بضعة أسابيع."

إتسعت عينا نارام في إهتمام و هو ينقلهما بين والديه. "بوابة جديدة؟"

"بوابة عشتار. بدأنا العمل تحت إشراف الملك قبل مدة قصيرة، و لا يزال أمامنا عمل كثير لنقوم به. لكن يمكنكما زيارة مقر العمل لو شئتما."

تبادلت و إياه إبتسامة قبل أن يرد على أبيه: "بالطبع سنفعل." ثم نظف يديه و أخذ يرتب الفواكه التي أنظّفتها في الطبق بوضع بعها فوق بعض.

الساحر و الراويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن