𒎙𒐋

114 17 0
                                        

نارام

لم أتمكن من النوم فخرجت من خيمتي و فرشت مكانا لي أمامها. جلست هناك و حاولت قراءة بضع صفحات من كتاب الحكيم لكنني لم أتمكن من التركيز فيه، فاستلقيت و أرحت الكتاب على صدري. شردت في نجمة تلمع في السماء، نجمة الصباح و المساء، ملكة الجنة الساطعة، و أنا أفكر في راحيل، تلك التي كانت ملكة جنتي في يوم من الأيام. إسترجعت ذكرى أول ليلة إستلقينا فيها معا تحت السماء فحدّثتها عن الآلهة التوأم لوكال يرا و ميسلامتيا، و لأرشد عينيها إلى موقعهما ضممتها إلى صدري، حملت يمناها في يمناي و أشرت إلى نجم تلو آخر بسبابتها و وصلتها بخطّ حتى بدى لي و لها شكلهما بين آلاف النجوم.

لم أعد أحبها و لم يعد قلبي يرقص لذكراها، لكنني كنت أنشغل بها بين الفينة و الأخرى، متسائلا عن سبب تركها لي، خائفا من أن يكون الجواب على تساؤلي، أنا.

قفزت من مكاني عندما سمعت صوتا مؤلوفا بعيدا يزعق: "أتركني و شأني."

صوت أثرا. كنت متأكدا من ذلك. قمت واقفا بحثا عنها لكن ما من أثر لها، فانطلقت سيرا ثم ركضا و أنا أتلفت يمينا و يسارا لعلي أعثر عليها. لمحتها من بعيد فتوقفت. كانت تضم جسدها و هي تسرع في خطواتها، و كان إيلات خلفها يلحق بها و يطلب منها أن تمنحه فرصة. تصنم كلاهما عندما لاحظا وجودي. ألقيت نظرة سريعة على كل منهما. كانت تبكي و ترتعش و كأنها كاهن هارب من بطش ملكه بعد أن شاهد خسوفا لم يتنبأ به مسبقا. أما إيلات فكان على حافة البكاء و كأنه على وشك أن يخسر أهم شيء في حياته. على وشك أن يخسر أثرا. ربما تشاجرا. و على ما بدى لي كان شجارا سيئا. أسوء من سيء. أيا كان ما فعله بها فلا بد و أنه كان أسوء مما فعلته عشتار بزوجها تموز. هكذا أنبأني التعبير النادم الذي سيطر على ملامحه.

سألتهما: "سمعت.. صياحا. هل كل شيء على ما يرام؟"

أطرقت أثرا و لم تقل شيئا، فاقترب منها إيلات متجاهلا سؤالي و طلب منها أن تمنحه فرصة ليشرح لها ما جرى، لكنها إبتعدت عنه قائلة: "لا أريد أن أسمع منك شيئا."
ثم إنصرفت.

حاول اللحاق بها لكنني منعته. "من الأفضل أن تكف الآن. يمكنك التحدث إليها في الصباح بعد أن تهدأ."

لم أرى دموعه تسيل لكنه أسرع في مسح خده بظهر يده و هو يعود أدراجه إلى مخدعه. تبعته و أنا أسأله إن كان بامكانه أن يخبرني بما جرى لكنه لم يجبني، و مع ذلك لم أتراجع. ما كنت لأخلد إلى النوم و كأن شيئا لم يكن بعد أن سمعت صرخة الفزع تلك. أردت منه جوابا فسبقته و إستقمت أمامه. توقف أخيرا ثم أشاح بوجهه متأففا.

"ما الذي فعلته لها يا إيلات؟" إستمرّ في تجاهلي فأردفت: "أعلم كم تحبها و أنك لم تقصد إيذاءها، لكن.. هل يمكنك أن تخبرني.. ما الذي جرى؟"

الساحر و الراويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن