𒌍𒑄

99 13 2
                                        

أثرا

أزعج طرق عنيف في أعماق جمجمتي نومي، و أجبرني الالتهاب في معدتي و رائحة النبيذ و طعمه الذي صار كريها حامضا في فمي على الاستيقاظ، فكافحت لأفتح جفناي. و ما أن وقعت عيناي على النائم بجواري حتى ذهلت و نسيت ألم رأسي و بطني و جفاف فمي كليا.

كان يتوسد ذراعه و يحمل يدي المتعرقة في يده. في البداية لم أستطع تذكر أيا من ما جرى. لا كيف وصل إلى خيمة زالين و لا لماذا هو نائم بجانبي. لم أكترث و لم أحاول أن أتذكر حينها. تأملت ملامحه النائمة و كأنها صورة نادرة قد لا أنعم برؤيتها عن قرب مجددا. تفحصت كل شيء فيه. شعره الذي مزج بين خصلات كستنائية و أخرى بنية فاتحة مزيجا بديعا. عظام وجنتيه اللتان بداتا أكثر بروزا عن قرب. رموشه التي لم أنتبه لطولها الجميل من قبل، و أنفه المستقيم إستقامة مثالية. ألقيت نظرة على شفتيه المفترقتين قليلا. شفتان ورديتان ممتلأتان عكس ما كانتا تبدوان عليه عندما يتحدث أو يبتسم. شفتان تذكرت أنني سرقت منهما قبلة!

إنقبض صدري فجأة فانتفضت جالسة. عندها تذكرت بعض الأحداث. بكيت عندما تملكتني ذكرياتي الكئيبة ثم حضنته فأحسست بأمان لا يوصف، و لسبب ما.. قبّلته. إنطلق قلبي يخفق يجنون و لم أدرك سبب خفقانه بتلك الطريقة، هل بسبب خجلي مما فعلت، أم بسبب خوفي مما سيقوله نارام عن الأمر بعد إستيقاظه، أم لأنني.. أحببت تلك القبلة الخاطفة أكثر مما يجب.

إحتسيت بعض الماء من كوب وجدته عند موضع الوسادة، ثم قمت مسرعة و هربت من الخيمة قبل أن يستيقظ، و قصدت خيمة الطاهي و أنا أسترجع كل ما جرى في تلك الليلة.

كنت و إيتانا نرقص عندما تبادلت و نارام نظرة، فتركتني فجأة و هرعت إليه و أجبرته على الانضمام إليها و الرقص برفقتها. شعرت و كأنها كانت تحاول أن تقول لي شيئا بذلك. رمتني بنظرة غريبة. نظرة مستاءة نوعا ما. أو ربما منزعجة. و كأنها تحاول أن تخبرني بأنها لا تريدني أن أنظر إليه، و بأنه ملك لها، لها وحدها، لكنني رفضت تصديق ذلك خوفا من أن يكون مجرد تهيئات و قصص صنعتها في خيالي. تذكّرت أيضا أنني شاهدتهما لبعض الوقت. لمست شعره، رقبته و صدره، فبدى و كأنه هام بها. لم يرق لي ذلك أبدا فقررت الانصراف. ربما لذلك قبلته. لأنني أردته أن ينظر إلى كما نظر إليها، لكنه أبعدني عنه و قال أنني لم أكن أدرك ما كنت أفعله.

كانت خيمة الطاهي ممتلئة كالعادة يصدر منها صخب مرتاديها. من بين الواقفين حولها لمحت زالين و ليشار يتحدثان، و في تلك اللحظة خطر في بالي أن زالين لم تعد إلى الخيمة. ربما عادت و رأتنا نائمين جنبا إلى جنب فغادرت. أقبلت عليهما، إعتذرت على مقاطعتهما ثم طلبت من زالين قائلة: "أريد التحدث إليك. هل يمكننا ذلك؟"

لفت ذراعها حول ذراعي. "بالطبع يمكننا."

سرنا معا مبتعدتين عن الخيمة، و بعد أن قطعنا مسافة صاحبنا خلالها صمت شعرت به يربكني مع كل خطوة، سألتها: "أين.. بتّ ليلة أمس؟"

الساحر و الراويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن