الفصل الأخير

392 18 15
                                        

أثرا

كنت مع لارسا في غرفتها أساعدها على إرتداء الفستان البنفسجي الداكن الذي صنعته لأجلها. تراجعت لأتفحص شكله عليها بينما كانت تتفقد بأصابعها الأحجار المتلألئة الصفراء و البنفسجية المنثورة على صدر ثوبها و على القماش الأصفر الذي صنعت منه ما يشبه أزهارا و زينت به الياقة. وصفت لارسا الفستان بالباهر رغم أنه كان بسيطا في نظري. كان طويلا بدون أكمام، و الشيء الوحيد المختلف فيه هو اللمسة التي أضفتها حول الياقة و على الصدر.

قالت و هي تمرر أناملها على القماش الذي يشبه أوراق وردة صفراء متدلية حول رقبتها: "أحببت ما فعلته بالياقة كثيرا. فكرة رائعة!"

تبسمت لاطرائها الذي أنساني بأنني كنت لاأزال مبتدئة تتعلم و أشعرني بأنني الأفضل في ما أقوم به، ثم ساعدتها على إرتداء حزامها الذهبي. دقّ نارام على باب الغرفة المفتوح و دخل فتسمرت مندهشة من حلّته الأنيقة. شعره ممشّط و مرتّب و ذقنه محلوق نظيف، و على جسده الممشوق قميص أسود مطرز بنفس لون الحزام حول خصره. لون فضي لامع كلون النجوم.

رفع حاجبيه عندما وقع بصره على فستان أمه التي سألته عن رأيه، فحمل يديها و تفحص الثوب من الأسفل إلى الأعلى ثم قال بنبرة أوحت لي بمدى إعجابه بعملي: "جميل جدا! و الألوان أخاذة أيضا."

سألني عن الألوان و فكرة الأزهار و كيف خطرت في بالي، فتركتنا لارسا و جلست لتصفف شعرها و تزين خصلاته بحليّها الذهبية و وجهها بالأصباغ، في حين كنت أجيبه على تساؤلاته.

"كنت أخيط قميصا في حديقة الميتم عندما لاحظت وجود مجموعة من أزهار بنفسجية و أخرى صفراء بينها. أحببت تناسق ألوانها فاخترتها لأجل الفستان." أشرت إلى أمه قصد الاشارة إلى الفستان مردفة: "كنت سأطرز الياقة بمساعدة إبنة الخياط، لكن و نحن نشتري الأقمشة خطرت في بالي فكرة الأزهار فسألتها إن كان من الممكن صناعتها بالقماش ،ثم قررنا تجربة الفكرة. و أظن أن التجربة نجحت.."

قال و هو ينظر إلي بتلك النظرة التي أعشقها، و كأنني كل شيء."أقر بأنها نجحت."

قاطعنا أيار بدخوله ثم إعتذر. طلب من زوجته أن تسرع في النزول قائلا: "والدك هنا." ثم أشار إلى نارام. "و أنت أيضا تعال لتلقي التحية على جدك." ثم سبقهما وغادر أولا.

رتبت لارسا خصلاتها المسدولة ثم خرجت مسرعة، فلحقت بها و نارام لكن على مهل و نحن نكمل حديثنا عن الفستان.

"إذا فقد إستلهمتي الألوان من الطبيعة؟"

كنت متشوقة لأخبره عن الكثير من الأشياء التي تعلمتها و إكتشفتها مؤخرا، لكنني حاولت تمالك ذلك الحماس و أنا أجيبه: "صحيح. في البداية صعب علي المزج بين الألوان، لكن عندما إنتبهت إلى كل شيء من حولي، وجدت التناسق في كل مكان. في الأزهار و الأشجار.. في زرقة السماء، و خضرة الأرض-"

الساحر و الراويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن