𒌍𒁹𒁹𒁹

134 17 11
                                        

أثرا

"أثرا لا تحتاج حبيبا.."

تكررت تلك الكلمات في ذهني و أنا أتأمل ملامح النائم بجانبي. كان يبدو أفضل حال. عاد لون وجهه الجميل إلى سابق عهده، و عاد الاحمرار اللطيف يطلي شفتيه الفاتنتين. تحسست خده نزولا إلى ذقنه الذي جعلت منه لحيته الخفيفة خشن الملمس. غطيته بالملاءته التي غطاني بها ثم عدت لتوسّد ذراعي بجواره و أنا أفكر في كلمات أخرى سمعتها من نارام. كلمات أشغلت بالي ذلك الصباح.

"عندما نحب.. فإننا نحب من دون أي سبب محدد.."

أحببت إيلات. أحببته و من دون أي سبب واضح. أحببته وحسب، أو هكذا ظننت. لكنني لم أكن واثقة من أنه أحبني أيضا كما أحببته. ربما كنت بالنسبة له كما كان فخاري القبيلة بالنسبة لي. وجه و جسد يلهي بهما نفسه عن ما لا يطيقه، لكن على عكسي لا يعيش تخيلاته في ذهنه، و إنما يجعلها حقيقة. ربما كنت كذلك بالنسبة له. و ربما كانت أور كذلك أيضا بالنسبة له.

فتح عينيه ببطئ و نظر إلي من تحت أجفان مثقلة. همس لي متبسما بصوت صاحبته بحّة لطيفة بتحية الصباح، و طبع قبلة على جبيني. أحببتها. أحببت الشعور بشفتيه على جلدي. لكن لسبب ما تساءلت عن سبب ذلك. ما الذي أحببته بالضبط في قبلته؟ ربما لو حصلت على قبلة مثلها من نارام لأحببتها أيضا. توتر نبضي عندما فكرت في ذلك، فشوش ذلك كل ما ظننت يوما أنني أحبه. ربما كان إيلات أيضا كما كان فخاري القبيلة بالنسبة لي. ربما ما كنت أشعر به لم يكن حبا. ربما ما سعيت خلفه منذ البداية لم يكن حبه لأنني أحبه، و إنما لأنني كنت مرة أخرى، في حاجة إلى جسد جذاب يعجبني ليلهيني عن ما لا أتحمله و عن كوابيسي و ألمي. ربما ظننت الأمر حبا لأنني إستطعت الحصول على ذلك الخيال في الواقع. لم أكن متأكدة من أي شيء، و مع ذلك لم أكترث. لأنني كنت مقتنعة في تلك اللحظة بأنني ليست بحاجة إلى أي شيء من ذلك. لم أكن بحاجة لحبيب و أنا على تلك الحال، تماما كما كان يظنّ نارام.

قال و هو لا يزال مستلقيا عندما جلست: "شكرا لك يا أثرا."

"على.. ماذا؟"

"على مسامحتي. على بقائكي بقربي هنا طوال الليل رغم كل شيء. شكرا لك."

"أريد.. أن أخبرك شيئا يا إيلات." أذن لي بالحديث عن الأمر و هو يعتدل في جلسته فأردفت: "أحتاج قضاء.. بعض الوقت.. وحدي."

تلاشت إبتسامته حتى إختفت. "ما الذي.. تقصدينه؟"

تجرعت ريقي وكأنه شيء غليظ و مرّ. "أيا يكن ما بيننا يا إيلات.. أريد إستراحة.." أشرت إليه ثم إلي بسبابتي. "من هذا.."

"أعلم أنك غاضبة مني-"

"ليس بسبب ما فعلته. أنا فقط.. أحتاج وقتا لأفكر في بعض الأشياء." حاولت جاهدة أن أثبت عيناي على عينيه و أنا أشرح له لكنني فشلت. "لا أستطيع.. أن أعطيك ما تريده. و لا تستطيع أن تعطيني ما أريده و لا ما أحتاجه."

الساحر و الراويحيث تعيش القصص. اكتشف الآن