بداخل إحدي قاعات الجامعة وقف الدكتور الجامعي امام مئات من الطلبة يشرح مادته العلمية أو بالكاد كان يردد المكتوب.. كان استاذ المادة في عمر الستينات و بالكاد يستطيع الصمود طوال فترة المحاضرة و يسعل بتعب بين الحين و الأخر.. و هناك من جلس ينظر له بملل و هناك من جلس يتناول فطوره و يتصفح هاتفه مختبئاً..مال يحيي علي فريدة و هو يقول هامساً:بت افوفا.. بيقولك مره..
ثم همس في أذنيها لثواني قبل أن تنفجر فريدة ضحكاً..أدارت سمر وجهها عنهما و هي تتمتم:جاتها نيله اللي عايزه خلف.
تحدث عبدالرحمن الذي جلس علي يسارها:هو جدو الحج دا هيشرح امتي انا مش فاهم حاجه.
ردت سمر:لا دا مفيش امل منه.. كدا الماده اتشالت.
بادرت عائشة التي تجلس في المدرج الذي يليهما:تفي من بوقك.. انتي لسه مدخلكيش دكتور محمد علي كدا.
تسائلت سمر بفضول:دكتور محمد مين!
بينما عبدالرحمن أدار وجهه لها و قال:قصدك اللي حضرناله ف سكشن السبت؟
حركت عائشة رأسها بالإيجاب:ايوا..حته معيد شاطر جدا و من دخلته علينا اول سكشن كلنا حبيناه و فهمنا منه..لا و عليه جوز عنين خضر..
قاطعها عبدالرحمن:هو عمار مش مسيطر ولا ايه ما تتلمي نفسك يابت.
نظرت له بإشمئزاز ثم ردت:انا غلطانه عايزه البت تشق طريقها صح..
قاطعها مجدداً بإنفعال:انشقت بطنك يا بعيده بتفتحي عين البت علي الشباب!
غمزت له عائشة و هي تضحك بخبث:دا هي اللي فتحتلي عنيا.
نظر عبدالرحمن نحو سمر التي أدارت وجهها للتو و تظاهرت و كأنها لم تسمع شئ..قاطعتهم فريدة التي قالت:بقولكم ايه تيجوا نخرج انهارده ف اي حته؟
أسرع عمار بالرد:انا موافج بس تأكلوني.
دفعه عبدالرحمن:انت همك علي كرشك كدا علي طول.
تحدثت سمر بعقلانية:لا اسمعوا بقا.. احنا مش هنضرب ميزانيه البيت من اول الشهر كفاية عزومه سيف الي من يومين.. انا هعملكم حله شربه عدس تاكلوا صوابعكم وراها و نبقي نحلي بأي عصير لما نخرج.
أدار عمار وجهها و تمتم:عدس!
سخرت منه سمر مقلده نبره صوته:اه عدس.. و بعدين هو في احلي منه ف الشتا!أمسكت فريدة بفرشاة رفيعة ترسم بها فوق عين سلمي:الون دا هيبقي تحفه عليكي.. لسه متعلمه رسمه العين دي من بلوجر.
أمسكت سمر بعقد رقيق تملكه فريدة و لم تتردد في سؤالها:فوفا هاخد سلسله الفراشه البسها ماشي؟
ردت فريدة و هي منهمكة في وضع مساحيق التجميل لسلمي:خديها يا سموره طبعا.
بادرت عائشة التي وقفت في مقابلتهما تُعدل حجابها:شهلي يا فوفا لسه هترسميلي ايلينر.
صفقت سمر بيدها لينتبهون لها و تسائلت بقلق:جماعه شعري كدا حلو بجد و لا ألمه؟ ولا اقولكم هغير الطقم بالمره.
هدأتها عائشة:سمر اهدي.. شعرك شكله حلو و الطقم جميل عليكي.. ومتخافيش ياستي هتعجبي عبده.
ضربتها سمر في ذراعها بخجل لتضحك عائشة و هي تغمز بمزاح..
بينما بداخل الغرفة الأخري كان عمار يحاول جاهداً غلق السترة التي استعارها من يحيي:يابووي..الجاكيته كيف اكديه.. دا مجاس حريمي اكيد.
اتسعت عيناي يحيي الذي كان يضع عطره و هو يتأمل نفسه بنرجسية أمام المرآه فألتفت له غاضباً و اقترب ليصفعه و لكن تدخل عبدالرحمن ليفصل بينهما و هو يقف عارياً من الأعلي و يحمل سترته:مقاس حريمي ف عينك دا انت اللي قد البغل.
رد عمار منفعلاً:بغل يا مسلوع.. دا انت كيف القلم الرصاص.. انت معتعرفشي تعمل فورمتي.
دفع يحيي عبدالرحمن و لكنه وقف صامداً بينهما.. ضرب يحيي كفيه و لوح بهما:فورمه ايه يا ابو فورمه دا انت بكرش.
اتسعت عيناي عمار مصدوماً:انا بكرش يا عبدالرحمن.
انفعل عبدالرحمن هو الأخر:ما تكبروا دماغكم بقا هو انتو عيال هاخد برد بسبب هيافتكم والله.
ابتعد يحيي و عمار و هو يتبادلان النظرات بإشمئزاز ثم خلع عمار السترة و ألقاها ليحيي بتعالي.. نظر للبنطال الذي يرتديه و قال:و البنطلون دا مش داخل نفوخي.
طرق احدهم الباب فذهب يحيي ليفتحه بينما عبدالرحمن سأل عمار بنفاذ صبر:ماله البنطلون كمان؟ ما مقاسك اهو.
كانت عائشة التي كانت في قمة اناقتها:انتو لسه مخلصتوش ولا ايه؟
نظر عمار للبنطال و هو يتحسسه و أجاب سؤال عبدالرحمن:هو مجاسي مجولناش حاچه بس حاسس نفسي خو..
أسرع عبدالرحمن ليكتم فم عمار الذي لم يلاحظ وجود عائشة معهم في الغرفة.. رفع يحيي حاجبيه بعدم اهتمام ثم أدار وجهه لعائشة:لا خلصنا حتي عمار عامل نيو لوك اهو.
اومأت برأسها و غادرت بينما عبدالرحمن ضرب عمار:ماله البنطلون ياغبي؟
رد عمار متذمراً:مخابرش حاسس نفسي فرفور.. لمؤخذه يعني يا عبده هو عليك انت حلو بس عليا مش قد كدا.
طمئنه عبدالرحمن بنفاذ صبر و هو يقف امام المرأه ليصفف شعره القصير:لا يا عمار شكله حلو انت بس اللي مش متعود علي شكلك بيه..و يلا خليتوا شكلنا زفت البنات خلصت قبلنا هو مين فينا اللي بيتمكيچ!
نهض يحيي و فتح الباب قائلاً بسخرية:يعم هتستعبط ما فريدة بتمحر ف وشهم من 2العصر.
ألتفت نحو الخارج و هو يغادر الغرفة ليجد في مقابلته الفتيات الأربعة في قمة أناقتهن.. ترتدي كلاً منهن ملابس جديدة و قد تغيرت ملامحهن للأجمل بعدما وضعت لهن فريدة مساحيق التجميل.. كانـوا بمظهر مختلف و لكن بطريقة جميلة.. حتي شعرهم صُفف بطريقة جديدة عدا عائشة التي احتفظت بحجابها البسيط.. اتسعت ابتسامة يحيي و هو يوزع بصره بين كلاً منهن بإعجاب شديد.. انفتح فمه قليلاً و حرك رأسه نحو الباب منادياً الرفاق:ألحق يالااا.
خرج عمار بهلفة و هو يجيبه قبل ان يقع بصره علي الفتيات و أردف يحيي:الfour cats عندنا.
تحدثت سلمي بنبرة حادة:ايه يروحمك مش كانت فريدة بتمحر ف وشنا من دقيقة؟
اقترب منها يحيي قائلاً:وربنا انتي كنتي زي القمر لحد ما فتحتي ام بوقك دا.
خرج عبدالرحمن من الغرفة و هو يرتدي سترته:بمناسبة الفور كاتس.. تعرفوا ان يحيي عنده فوبيا..
اسرع يحيي بالتدخل:ششش يعم الفضيحه انت.
ضحك عبدالرحمن و هو يسرع:ليه بس دا البنات مننا و علينا..يحيي يا جماعه عنده فوبيا من القطط و الكلاب و كل حاجه بتمشي علي ايديها.
بادرت فريدة:اتاريه مبيعرفش يقعد ع الكورنيش دقيقتين من القطط الي رايحه يمين وشمال.. دا انا كنت بدأت اشك انك ملبوس و عليك جن بيخاف من البحر.
أدار يحيي وجهه نحو عبدالرحمن و قال بلوم:مبسوط كدا؟.. اتفضلوا قدامي بقا خلونا...فاااااار...
و في اللحظة التي فتح فيها يحيي الباب المنزل دخل فأر ضئيل و لكن ذيله طويل للغايه.. ركض بكل سرعته للداخل و كأنه كان في أنتظار تلك اللحظة.. لم يدري أين يختبئ الفأر فكلما أقترب من مكان يجد من يهاجمه.. و لكن الفأر لم يدري بأنه هو من كان يهاجمهم.. سبعة أفراد يقفون بشكل شبه دائري و الفأر يتنقل بينهم و كأنه يهاجم كلاً منهم وسط نوبة صراخ هيسترية.. كان الجميع في حالة ذعر بما فيهم الفأر الذي كاد ييأس من أن يجد مكان يختبئ أسفله.. يركضون في كل مكان و منهم من صعد فوق الأثاث وسط صراخ استمر لثواني عديدة.. سمع العم سيد صراخهم و هلع للأعلي ليري ما الأمر.. أقتحم المنزل الذي كان بابه مفتوحاً و أول ما وقع بصره عليه كان يحيي الذي جلس فوق كتفي عمار و خطر في ذهن العم سيد اسئلة عديدة في تلك اللحظة..يتشبث عمار بساقي يحيي و يركض بهلع من الفأر بينما يحيي يصرخ صرخة رقيقة تشبه صوت الفتيات..لاحظ العم سيد فأستنجد به:عم سيد الحقنا بسرعه فااار فاررر..خرجوني من هنااااا.
صرخت عائشة التي وقفت فوق الأريكة تنكمش من الرعب:عمار.. شيلني ياعمار و طلعني برا الشقة.
لوح يحيي بيده و هو في لحظة هيسترية:يشيلك فين يا ست انتي..طلعني برا العماره يعم بسرعه.
ركض به عمار نحو الباب و هو يقول:سامحيني يا عايشة.
سبته عائشة بصوت مسموع ثم تشبثت في يد العم سيد لتنزل من فوق الأريكة و تركض نحو الباب مثلما فعلت صديقاتها.. ركضت بكل سرعتها علي الدرج حتي غادرت المبني..رأت عمار يخفض جسده لينزل يحيي من فوق كتفيه:انت طلعت امتي و كيف فوق كتفاي اكديه!
رد يحيي الذي كانت عينيه متسعه من الفزع و يلتقط انفاسه:مش عارف انا لمحت ديله من هنا مدرتش بنفسي غير وانا متشعلق فوقك.
ضحكت فريدة ضحكة صاخبة.. اخذت تضحك لدرجة أن معدتها ألمتها بينما هو قال بغضب شديد:انتي بتضحكي علي ايه يازفته انتي.. اقسم بالله لو الفار دا ملقهوش لهنام ع الرصيف ولا اني انام ف الشقة دي.
سخرت منه سمر:لا وانت قطط و فيران و كلاب الشارع هتسيبك ف حالك.. اقعد يا اخويا ما نشوف اخرتها ايه.
جلست سمر علي رصيف الشارع فأنضمت لها الفتيات بينما عمار بادر:طيب انا هطلع اساعد عبده و عم سيد.
امسك يحيي بيده و نظر لعينيه بترجي:احب علي يدك يا شيخ عمار تطلعوا ابوه الليله.
نظر له عمار بثقة:دا اني هطلع ابوه و ابو ابوه..اصل وانا صغير كنت بحب اصطادهم من چنينه عمتي سن..
قاطعه يحيي:خلاص من غير تفاصيلي جتتي لبشت..اطلع.
اومأ عمار برأسه و أسرع ليصعد الدرج بينما يحيي انضم للفتيات و جلس بقلة حيلة.. قاطع صمتهم صوت فريدة:يا خسارة الميك اللي حطيتهولكم.. دا كان اوريجينال.
ربتت سلمي علي يدها بمواساه:خلاص يا فريدة ياختي متزعليش دلوقتي يلاقوه ان شاء الله و الخروجه مش هتروح ع الارض.
رفع يحيي يده للسماء و هو يدعو قبل ان يقطع دعائه بخشوع شيئاً يداعبه من ظهره.. خفق قلبه و التفت ببطء ليجدها قطة سوداء صغيرة تعبث في سترته بأظافرها الحادة.. انتفض جسده و هو يصرخ تلك الصرخة الأنوثية الرقيقة.. ركض بتلقائية نحو المبني ثم تذكر الفأر و عاد راكضاً مجدداً و القطة تركض خلفه بين كل ذلك في اعتقاداً منها أنه يلاعبها و يجذبها لمعة سترته.. بينما الفتيات جلسن يقهقهن بصوت عالي و هن يراقبن ذلك الموقف الكوميدي.. نهضت فريدة لتنهي الأمر بركله في الهواء افزعت القطه و جعلتها تبتعد.. سمعوا صوت يأتي من الأعلي فرفعوا رؤسهم نحو الشرفة ليجدوا عمار و العم سيد يرقصان رقصات صعيدية يملئها البهجة و الانتصار قبل أن يرفع عمار يده و هو يحمل المصيدة التي يصارع بداخلها الفأر ليهرب.. وقفوا يصفقون له بسعادة عارمة و يلهللون بإنتصار و خاصة يحيي:يلا اتصرفوا فيه و انزلوا.. اغسل ايدك يالااا انت و هو.
لوح له عمار بعدم اهتمام و عاد للداخل بينما يحيي عاد ليحتفل في حين قالت سلمي:مش قولتلك دلوقتي يموتوه و نخرج.
نزل العم سيد الدرج و هو يحمل المصيدة فأسرع يحيي:روح بقا موته و لا ارميه ف خرابه ولا شوف هتعمل ايه.
رد العم سيد بإبتسامة عريضة:لا انا هسيبه يسليني شويه.
اشمئز وجه يحيي و نظر له بإستغراب:عمتاً براحتك حلال عليك يعم بس لو خرج من المصيدة انتو حريين بقا.
بادر عمار:متخافش انا قافل المصيدة كويس.. قطع نفسي ابن الهرمه.
قامت سمر بسؤال عبدالرحمن:اوعي تكون لمسته ولا قربت منه؟
حرك رأسه بالنفي و هو يضحك:لالا انا كنت واقف بتفرج و بضحك بس..بس يا يحيي تصدق اول مره اشوف الحركات الأولمبيه دي..تنفع راقص باليه هتبقي ايه حكايه.
ضحكت الفتيات بسخرية بينما يحيي رمقه بنظرة اشمئزاز و استدار ليمشي بينما فريدة لحقت به و تشبثت في ذراعه و هي تلقي عليه نكاتها الساخره..
أنت تقرأ
أحمق في بيتي
Humorمجموعة من الفتيات و الشباب يجمعهم القدر ليعيشوا تحت سقف واحد رغماً عنهم.. يذهبون للجامعة معاً و يتناولون الطعام علي نفس المائدة كعائلة واحدة.. و لكن كيف سيتأقلمون علي هذا الوضع وسط تحديات تلك الحياة الجديدة مع أناس و بلدة جديدة!.. سيندمجون رغم اختل...