صعدت الدرج و هي تعانق حقيبتها و أغراضها و ترتجف ارتجافه خفيفة من برودة الطقس..وقفت أمام الباب ثم طرقت الباب عدة مرات..طرقته مرات عديدة أخري ولا يوجد أجابة..أخرجت هاتفها ثم أتصلت بسلمي ليأتي صوتها هامسة:يخربيت ابوكي انا ف امتحان عملي عايزه ايه؟
أسرعت سمر:انا فكرتك ف البيت و واقفه بخبط محدش جوا.
لم تجيب سلمي و أتي صوت أنثوي حاد يصيح:الدكتورة اللي بتتكلم ف الموبيل ف الامتحان.. هاتي الموبيل دا.
شهقت سمر و أغلقت المكالمة مسرعة و هي تضحك.. ستنال سلمي منها اليوم..كادت تتصل بعمار و لكنها تعرف أنه في المحاضرة التي تلي خاصتها الأن.. و لا يوجد مفر من أن تهاتف عبدالرحمن.. ترددت قبل ان تضغط علي زر الاتصال.. ثواني مرت و هي بالكاد تستمع لنبضات قلبها المتسارعة.. أتي صوته الخشن الذي طالما كان يذيب قلبها فبادرت هي:ايوا ياعبده.. انا هنا واقفه قدام الباب و معييش مفتاح و عايشة خدته معاها لما سافرت بالغلط.
سألها عبدالرحمن:وانتي مخدتيش مفتاح عمار ليه؟
ردت سمر مبرره:عشان شوفته داخل السكشن بعدي وانت مش معاه ف قولت انت ف البيت.
أتي صوت عبدالرحمن يقول مستدركاً:ااه صح..لا انا ف الشغل شيلت شفت واحد زميلي..بس انا معايا المفتاح لو عوزتي تيجي تخديه.
ردت سمر بتعالي:اجي انا ازاي انا اصلا معرفش مكان شغلك.
رد عبدالرحمن بهدوء:عادي يا سمر هوصفهولك..يلا عشان ورايا شغل مش فاضي.
تنهدت سمر بنفاذ صبر و هي تنزل الدرج:طيب اوصفلي المكان.
دفعت باب المقهي و دخلت ثم وقفت مكانها تتفحص الجالسين و تصميمات المقهي.. بحثت عنه بين طاقم العمل فلم تجده فظنت انها أخطأت في العنوان.. سمعت صوته الخشن يقول من خلفها:بتدوري عليا؟
ألتفتت له و حاولت اخفاء ابتسامتها عندما رأته بالزي الذي أضاف له وسامة فوق وسامته.. كان يضم يديه خلف ظهره و يتحدث بأدب و علي وجهه ابتسامة لطيفة:تشربي ايه يافندم.
تحدثت سمر بجدية:لا انا جايه اخد المفتاح و امشي.
رد عبدالرحمن بأدب:ميصحش انتي اول مره تزوريني هنا.
نظرت له سمر بترجي:يا عبده انا عايزه انام فع..
قاطعها عبدالرحمن عندما وضع اصبعاً فوق فمه بحزم:شش ترابيزة فضت اهي تعالي.
حمل صحون الزبون الذي غادر ثم مسح الطاولة بمنشفة صغيرة يعلقها في الجيب الأمامي للزي ثم قال بنبرة فيها أمر:دقيقة و راجعلك متمشيش.
رحل ثم عاد بعد ثواني معدودة و هو يحمل دفتر بحجم كف اليد و قلم ليدون طلباتها:يلا قوليلي.. تاكلي و لا تشربي؟ ولا اقولك هجيبلك الاتنين.
اوقفته سمر قائلة:لا بص لو انت مصمم يعني.. فنجان قهوه كفاية.
دون في دفتره ثم أومأ برأسه بأدب و أنصرف.. جلست تتفحص الجالسين و طاقم العمل و لاحظت أن المقهي يزوره العديد من الفتيات ربما أكثر من الرجال..تذكرت أمر سلمي فقررت ان تهاتفها لتطمئن عليها بشأن هذا الاختبار.. انتظرت عدة ثواني حتي أجابت سلمي فأسرعت سمر:بت طمنيني الدكتورة شيلتك الامتحان و لا خدت الموبيل ولا ايه؟
أتي صوت سلمي عبر الهاتف و هي تقول بهدوء غير مبشر:تصدقي بالله يا سمر؟
ارتجف صوت سمر و هي تجيب:لا إله الا الله.
ردت سلمي:ملعون ابو المسافة اللي مخلياني مش عارفه اتف ف وشك..لما اروحلك بس.
حاولت سمر أن تهدئها و لكنها قاطعتها عندما أنهت المكالمة.. نظرت سمر للهاتف بدهشة و أخفت ضحكتها الساخرة..اقترب عبدالرحمن و وضع الفنجان علي الطاولة أمامها و بجواره كوب ماء فشكرته سمر:شكراً..هو الكافيه دا شغال فيه بنات؟
فهم عبدالرحمن مقصدها من اللحظة الأولي فرد ساخراً:بتدوري علي شغل ولا ايه؟
ارتبكت سمر و ردت:لا.. بس دا كمان في بنات كتير بتيجي هنا.
وجدته ينظر لها بإبتسامة خبيثة فأدركت أنه كشف غيرتها التي لم تستطع يوماً اخفائها:اشربي القهوة عشان متبردش.
تركها و رحل بينما هي توردت وجنتيها خجلاً و هي تشرب القهوة و مازالت تراقبه بعينيها و هو يتجول بين الطاولات ليأخذ طلباتهم.. نظر نحوها فوجدها تراقبه بضيق عينها ثم أدارت وجهها مسرعة.. ضحك عبدالرحمن لأنها بدت له كالطفلة عند مخاصمة والدها.. عاد لها بعدما أنتهت من قهوتها ليسألها:عجبتك؟
اومأت برأسها فأخرج المفتاح من جيبه لتتناوله من يده و هي تقول:شكراً تعبتك معايا..هخلع انا بقا عشان سلمي زمانها بتسن السكينة ف البيت.
لم يفهم مقصدها ولكنه ضحك علي طريقتها..وقف يشاهدها تغادر المقهي و كأنها خطفت قلبه وقت رحيلها للتو.. لم يقطع شروده سوى صوت الفتاة التي نادته..
أنت تقرأ
أحمق في بيتي
Humorمجموعة من الفتيات و الشباب يجمعهم القدر ليعيشوا تحت سقف واحد رغماً عنهم.. يذهبون للجامعة معاً و يتناولون الطعام علي نفس المائدة كعائلة واحدة.. و لكن كيف سيتأقلمون علي هذا الوضع وسط تحديات تلك الحياة الجديدة مع أناس و بلدة جديدة!.. سيندمجون رغم اختل...