|٣٦|

125 8 0
                                    

تجلس في مقابلته علي المائدة يتناولان العشاء سوياً بعدما ظلت لا تفارق غرفتها منذ عودته صباحاً.. ظلت تتفادي النظر لوجهه حتي و هي تتناول طعامها بصمت و تنظر لشاشة التلفاز.. وجدته يغلقه فجأة فأدارت وجهها لها:من أمتي و انتي بتتفرجي علي تليفزيون يا فريدة؟
أدارت وجهها نحو الصحن لتجده يعتدل في جلسته و يميل نحوها:هو انا عملت حاجه ضايقتك؟
حركت رأسها بالنفي ليتسائل:طب في ايه بقا؟
رفعت رأسها و نظرت له قائلة:مفيش..بفكر ف موضوع عايشة دا.
و رغم أنه لم يقتنع بما قالته و لكنه رد:متقلقيش انا وصلت لحل كويس خلصي أكلك و هقوم اناديله نتكلم معاه.
عادت لصمتها و هي تتناول طعامها بينما هو كان ينظر لها بضيق عينه.. بادر:ساندرا بتسلم عليكي كتير.
لاحظ أنها رفعت رأسها بإنتباه بمجرد أن ذكر أسم ساندرا ثم ردت بعدم اهتمام:الله يسلمها.
تقلب صحنها يميناً و يساراً بشرود ثم نطقت:عملتوا ايه انهارده بقا؟
رفع كتفيه و أجاب ببساطة:مفيش.. صلينا و قعد ما قسيس اعترافي و اتكلمت مع ابونا شوية..و بعدين هي حد كلمها ف البيت ف روحت علي طو..
نطقت فريدة بتلقائية:احسن.
عقد حاجبيه متعجباً و كاد يتسائل فوجدها مرتبكة للغاية و نهضت علي الفور:انا هروح انده لعمار.
ظل متعجباً من ردة فعلها و هو يذم شفتيه و شارداً لعدة دقائق.. إذاً ساندرا هي سبب تقلب مزاج فريدة هكذا؟ لربما شعرت بالغيرة لأنني أتخذت ساندرا صديقة ليا منذ فترة و أصبحت امضي معها ساعات ليست بقليلة في يومي.. و لكن ذلك بظرف وجودي في الكنيسة و لأنها الوحيدة التي أعرفها هناك.. كما أنها كثيرة التساؤلات مثلي و تبحث عن الإجابات فلذلك أصبحنا نمضي سوياً في نفس الطريق.. ألم لدي فريدة أسباباً أخري!
قاطع تفكيره عمار الذي أقترب ليجلس بجواره علي المائدة:خير يا أستاذ يحيي يا ابو الافكار الجهنمية.
رد يحيي بتعالي:شوف هتقل أدبك انت الخسران.
تدخلت فريدة و جلست في مقابلتهما قائلة:خلونا نتكلم بجد.. يحيي فعلاً جايب فكرة جهنمية..اتكلم يا يحيي.
أزاح يحيي صحنه بعيداً و بادر:أسمع..مش انتو ف بلدكم في راجل كبره أسمه عبد السميع؟
اومأ عمار برأسه مستدركاً:ايوا الحج عبدالسميع الأفيوني..ماله؟
صاح يحيي بنفاذ صبر:ماله ايه يا راجل يعني راجل كبره و كلمته مسموعة ف البلد كلها و سبحان الله يطلع قريب أهل عايشة و مخطرش ف دماغك خالص لحد دلوقتي ازاي نحل الموقف؟
هدأته فريدة قائلة:براحة عليه يا يحيي احنا بنفكر سوا.
سأله عمار:ثواني بس انت عرفت الراجل دا منين وعرفت منين انه قريب عايشة؟
أرجع ظهره للخلف و بدأ يتحدث بتعالي:دا عشان فطنتي الشديدة و دهائي في حل الألغاز قدرت اعر..
ضرب عمار ذراعه و هو منهمكاً في الكلام و من شدة قوتها أطاحت بيحيي و سقط من فوق الكرسي الخشبي.. أسرعت فريدة لتساعده علي النهوض:اسم الله عليك.. ما براحة يا عمار هو قدك يا بغل انت.
نهض يحيي و هو يهمس لها:متقلقيش دا انا قولت اعمل حركة كدا اخفف من توتركم.
اشار عمار بأصبعه نحو فريدة و تحدث بتحذير:اللدعة الجاية هلوطك انتي.
تراجعت فريدة لتجلس بهلع و هي متفاجئة من الحدة و الغضب الذي لم يصل عمار لهما بهذا القدر يوماً..فيبدو أن الأمر يعنيه حقاً و جاداً نحوه..تحدث يحيي قبل أن يزداد تشايط عمار:انا هفهمك.. فاكر لما كنا عندكم ف البلد؟.. سمعت عايشة بتحكي للمؤخذه الست امك بتقولها ان الحج عبدالسميع يبقي خال ام عايشة و هي ردت عليها و قالتلها انه جه يقعد ف بلد جمبيكم عشان يبقي وسط احفاده و ساب أرضه لاخواته و عيالهم يرعوها.
تفاجئت فريدة و رفعت حاجبيها بذهول:بسم الله ماشاءالله و انت فاكر كل دا؟
نظر لها يحيي بثقة تامة:مش انتي لوحدك اللي عندك قوة ملاحظة يا ماما.
حك عمار ذقنه و هو يفكر:مش جديد عليا الكلام دا بس انت مش فاهم..انا امي متعرفش لحد انهارده اني عايش معاكم ف شقة واحدة و مفكره عايشة زميلتي ف الكليه و بس..لما اعرفها اني كدبت عليها معرفش هتسامحني ولا لا.
ردت فريدة:اكيد هتسامحك يا عمار دي امك و احن حد عليك.
نظر نحوها عمار و أردف:حتي لو وافقت.. مش هترضي تقصر رقبتها و تروح تترجي الحج عبدالسميع عشان يتوسطلها عند ام عايشة.. ولو دا حصل ف هيبقي بمثابة اننا فضحناها قدام اهلها و ممكن دا يقوي ام عايشة علي موقفها اكتر.
انفعلت فريدة قائلة:فضيحه ايه ربنا ما يجيب فضايح.. هي قفشاها يعني بتعمل حاجه حرام!
تنهد عمار و زفر بغضب:هو كدا يا فريدة انتي معشتيش مع صعايدة عشان تعرفي دماغهم..و لسوء الحظ يطلع اهل عايشة كلهم صعايدة!
بادر يحيي:بس مهما كانت دماغ الصعايدة هم بيحترموا الكبير دايماً.. مش الحج عبدالسميع الايفوني دا جامد كدا شبه عمك عبدالقادر اللي كان بينفضني؟
نظر له عمار بنفاذ صبر و رد:اسمه عبدالسميع الافيوني.. و بعدين عمي عبد القادر ايه! دا ف مره مسك عمي دا لطشه قلمين ايام ما كان شغال ف ارضه.
شهق يحيي مذهولاً و تبادل النظرات مع فريدة:و مستني ايه..قوم بسرعة كلم الحجة و عرفها كل حاجة.
صمت عمار متردداً حائراً و لكنه رد:طيب بس مش دلوقتي عشان زمانها نامت الصباح رباح بقا.
نظرت فريدة بخبث نحو يحيي قائلة:شكلك هتعملها يواد ي يحيي ولا ايه.
قاطعهم صوت المفتاح الذي يدور في الباب ثم يدخل عبدالرحمن و تليه سمر.. ألتفت لهم يحيي و وضع ساق فوق الأخري:لسه بدري يا اساتذة.
نظر له عبدالرحمن بسخرية و هو يخلع حذائه:انت لسه مقموص ولا ايه؟
رد يحيي:ايوا طبعاً ابقي بترجاك تخليني اسوقها تقوم تاخدها هي بدالي و تفسحها بيها.. اااه علي الغدر.. افتكر يا صحبي محدش هيشيل نعشك غيري.
صرخت سمر فيه:شالوك و استحطوا عليك يا بعيد.. وبعدين انت هتعمل راسك براسي يالا؟ فوق كدا.
أدار وجهه و هو يتصنع الضيق فأقترب منه عبدالرحمن مازحاً:خلاص متتقمصشي بقا انا كنت واعدها اول واحده تركبها هي..وبعدين ياسيدي هديهالك بكرا تتنطط بيها براحتك بس اوعي تجيبلي مخالفات.
لوح يحيي بعدم الاهتمام:يعم ولو.. ما عندنا سيف باشا ربنا يخليه لينا.. ايدك بقا علي المفاتيح.
نظر له عبدالرحمن بنفاذ صبر ثم أعطاه مفاتيح السيارة لينهض يحيي و يتراقص بإنتصار..

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن