|٤٨|

116 7 2
                                    

توقفت سيارة حمراء داكنة فخمة أمام مقهي بسيط مطل علي ساحل البحر و ترجلت منها فريدة و هي تقول:هو دا.. قوليلي بس هتعملي ايه؟
نظرت لها والدتها بهدوء:مفيش عايزه اتعرف عليه.
تنهدت فريدة بنفاذ صبر و هي لا تدري عما تنوي والدتها فعله.. لحقت بوالدتها التي دخلت المقهي بخطوات واثقة و صوت حذائها ذو الكعب يطرق علي الأرضية.. لاحظ عبدالرحمن تلك المرأة الأربعينية التي لا يبدو عليها سن من شدة جمالها و أناقتها و قد عرفها من الوهلة الأولي و لكنها علي الأرجح لن تتذكره.. لاحظ فريدة التي لحقتها بعد ثواني و جلست معها علي نفس الطاولة.. أقترب عبدالرحمن بعد ثواني و هو يلقي السلام علي فريدة.. رفعت السيدة رأسها له و ضيقت عينيها بتركيز:عبدالرحمن مش كدا؟
تفاجأ عبدالرحمن عندما وجدها مازالت تتذكره لأنها كانت لا تتذكر أبنتها حتي في معظم الأوقات.. طلبت السيدة فنجانين قهوة لكلاً منهما فأنصرف عبدالرحمن بأدب في حين لاحظ نظرات فريدة له بقلق..احتست السيدة من قهوتها و هي تتحدث لفريدة:المفروض انه اسافر بعد يومين عشان شغلي.
أدارت فريدة وجهها بضيق و صمتت لعدة ثواني و لكنها نطقت:اول مره ابقي مش عايزاكي تسافري.
و رغم أنها شعرت بثقل هذه الكلمات و لكنها نطقت بها لتجعل والدتها تبتسم ابتسامة عريضة.. لمست يد ابنتها و ربتت عليها بحنان بدون أي رد.. ألتفتت و أشارت بيدها نحو عبدالرحمن..
دخل عبدالرحمن المطبخ و نادي يحيي..ظن يحيي أنه سيخبره بإخفاقه مجدداً و لكنه وجده يهمس له:فريدة بره و معاها مامتها و عايزاك.
تسائل يحيي:مقالتش عايزاني ليه؟
رفع عبدالرحمن كتفيه و هو يجيب:قالت عايزه تشكر الشاب اللي عملها القهوة!
رفعت فريدة رأسها نحو يحيي و بمجرد ان نظرت له تزايدت نبضات قلبها و ألتمعت عينيها.. كان يرتدي الزي الرسمي الذي زاده وسامة و يضم يديه خلف ظهره..وقف بتعابير وجه حادة أمام طاولتهما:حضرتك طلبتيني.
تفحصته السيدة سريعاً و لاحظت أنه لا ينظر لوجه أحداً منهما و يخفض عينيه بأدب..تحدثت له بهدوء و لباقة:ايوا.. حبيت اشكرك علي القهوة الجميلة دي.. بصراحة انا من ساعة من نزلت مصر و انا مشربتش قهوة بالجمال دا..و اتمني متبقاش اخر مره اني اشربها من ايدك.
رفع بصره نحوها و هو يرد بأدب:تحت امرك يا فندم.
أردفت السيدة بنبرتها الهادئة:بس مش دا السبب بس اللي ندهتلك عشانه.. انا كنت عايزة اشكرك علي اهتمامك بفريدة طول الفترة اللي فاتت.
أدار بصره نحو فريدة التي ارتبكت كثيراً و هي متفاجئة بكلمات والدتها:و كنت ناوية اوصيك عليها الفترة الجاية كمان..بس قررت اني هبقي اسبوعين كمان.
شهقت فريدة بخفة و اتسعت ابتسامتها بفرحة:بتكلمي بجد يا ماما!
في حين أنزل يحيي يديه الذي وضعها خلف ظهره و هو يقف برسمية و ابتسم هو الأخر:بجد! دي حاجة كويسة جدا عشان تلحقوا تقضوا وقت سوا.
ابتسمت السيدة و هي تومئ برأسها:عندك حق انا ملحقتش اشبع منها.. و انت كمان عايزه اتعرف عليك.
تمسكت فريدة بيد والدتها و هي تبتسم بسمة تكاد تفتك وجنتيها من توسعها في حين رد يحيي بإبتسامة لطيفة و أسلوب مهذب:يشرفني طبعاً.
بادلته السيدة الابتسام و هي ترمقه بنظرات الرضا قبل ان يستأذن:عن اذنكم.
نظر لفريدة بضيق عينيه فقد اشتاق كثيراً لوجهها و تبادل معها النظرات لثواني معدوده قبل ان ينصرف..

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن