|٤٧|

111 5 0
                                    

عاد أحمد و يحيي من طريقهما و هما يحملان أكياس تحتوي علي فطورهم..لاحظوا المياه الغزيرة التي انتشرت امام العمارة و ملئت الرصيف..
دخل يحيي و هو يسير بحذاءه علي اطراف أصابعه:هي مسوره المجاري طفحت ولا ايه!
وجد امامه سمر تحمل "خرطوم مياه" و تلوح في كل مكان حولها و تفرقت الفتيات حولها ينظفن السجاجيد و ينطفن الدرج..لم يستطيع يحيي أن يمنع ضحكاته و هو يضرب كفاً فوق الأخر.. في حين وقف بجواره أحمد و هو يراقب ملك ذات العباءة الملونة الضيقة و هي منخفضة علي ركبتيها تجفف المياه:بطل.. عليا النعمة بطل.
أنتبهت سمر نحوهما فصاحت:انت هتقف تتفرج علينا يا اخويا انت و هو..انجروا علي فوق متعطلوناش.
تحدث أحمد ليحيي مشيراً نحو سمر:اقدملك مسورة المجاري.
كتم يحيي ضحكاته و اقترب نحو سمر و هو يمزح:هو انتي بقا الشغالة الجديدة؟
وضعت يدها في خصرها و هي تقول:غور من وشي يا يحيي بدل ما احميك بخرطوم المايه دا.
ضحك ساخراً و كاد ان يصعد السلم لتصرخ فيه فريدة:استنييي.
قفز في مكانه بفزع لتردف:اقلع الكوتشي انا لسه ماسحه.
خلع حذائه و هو ينظر لها بإبتسامة ساخرة:ما نشوف اخرتها.
في حين أقترب أحمد من ملك و هو يتحدث لها بأسلوب رقيق:ينفع الايدين القمر دول يبوشوا ف المايه و الكلور بردو؟
رفعت رأسها له و هي تبعد خصلات شعرها عن وجهها:حكم القوي دا انا ضهري اتقطم.
همس لها بإبتسامة خبيثة:طب سيبك منهم و تعالي معايا افطرك فول و فلافل انما ايه يستاهلوا بوقك.
قاطعته سمر التي كانت تراقب حوارهما عن بعد:سبقناك يا اخويا اتكل انت بقا متعطلناش.
رمقها أحمد بنظرات اشمئزاز قبل ان يقول:جتك نيلة وانتي شبه عبلة كامل ف ريا و سكينة.
وجهت "خرطوم المياه" نحوه و هي تقول:طب غور بقا.
ركض مسرعاً نحو الدرج و هو يقفز فأخذت الفتيات و العم سيد يضحكون عليه.. انخلع قلبه عندما قابل في طريقه سجادة ضخمة متحركة تنزل الدرج:سلاماً قولاً من رب رحيم..حتي الجماد بقي بينفذ كلام سمر!
أتي صوت سلمي من أسفل السجادة:جماد ايه! انا سلمي.
تفحص السجادة و هو يقول:سلمي!..انتي اتسخطي سجادة ولا ايه؟
أخرجت رأسها من اسفل السجادة و هي تقول بإنفعال:يا اخي وسع دا بدل ما تشيل عني.
نزلت الدرج و هي تتمتم ببعض السباب والشتائم فحملت عنها سمر السجادة قائلة:جدعة يا بت ياسلمي جبتي ازازة الكلور بقا؟
ردت سلمي و هي تلتقط انفاسها بصعوبة:حرام عليكم هو انا هشيل ايه و لا اييي..
قاطعتها فريدة و هي تمسح علي ظهرها:خلاص خلاص هطلع انا اجيبها.
صعدت فريدة الدرج مسرعة و دخلت شقتهن.. بحثت عن المنظف حتي وجدته و ألتفتت لتغادر المرحاض و لكنها شهقت بفزع عندما وجدت يحيي يقف علي باب المرحاض:خضتني يا يحيي! انت طلعت امتي!
رد يحيي بإبتسامته الهادئة:حالاً..بس ايه الجلاليب الحلوة دي.
اقتربت لتغادر المرحاض و هي تقول:يحيي انا مش فيقالك دلوقتي.
منعها يحيي من الخروج و هو ينظر لها تلك النظرات التي عرفتها جيداً و عرفت مراده:يحيي مش هينفع دلوقتي لحد من البنات يطلع.
لم يستمع لكلمة مما قالتها و مال نحوها و هو يقبل شفتيها..لم تبادله فريدة و حاولت ان تبعده و لكنه أمسك بخصرها الممشوق و قربها نحوه أكثر.. ابتعدت و هي تقول:يحيي خلاص.
لم يهتم يحيي و ضغطت يديه علي خصرها و بدأ يترك شفتيها و يقبل رقبتها.. بدأت انفاسها تخفت و شعرت بالدوار قليلاً..استجمعت قواها و دفعته بقوة و هي تصرخ:يحيي قولتلك خلاص!
تراجع يحيي و هو ينظر لها بدهشة لا يدري ما الخطأ الذي ارتكبه:انا عملت حاجة ضايقتك؟
نظرت له بوجهه غاضب و صاحت في وجهه:انا مبقتش عايزه اضعف تاني قدامك و قولتلك اللي بنعمله دا غلط.
حاول أن يهدأها بعدما وجدها وصلت لتلك المرحلة من الغضب فبادر بنبرته الهادئة:طيب خلاص اخر مرة.
انفعلت أكثر و هي تقول:تاني!..و اخرة الحدوتة دي ايه يا يحيي؟
صمت يحيي و هو لا يجد أجابة لسؤالها فأردفت:و لا حاجة.
غادرت المرحاض بغضب و اصتدمت في كتفه بقوة فألتفت لها و هو يقول:ي فريدة انا مكنتش اقصد اضايقك!..انا بجد معملتش حاجة!
رمقته بنظراتها الغاضبة قبل ان ترد:مانت فعلا مبتعملش حاجة.
غادرت فريدة و تركته واقفاً في مكانه مصدوماً بكلماتها.. كأن أحدهم سكب فوقه دلو ثلج فتجمد مكانه بعدما صدمته بحقيقة علاقتهما التي لا يتخذ فيها أي خطوة للأمام.. كان لابد أن يأتي يوم و تمل من تلك القبلات الساذجة فهي ليست كافية لتخبرها بحبه الذي لم يتلفظ به حتي..

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن