|٥٠|

105 6 4
                                    

غادرت فريدة المبني و هي في كامل اناقتها و لحقت بملك التي كانت تتثرثر بحماس ثم وقعت عينيها علي يحيي الذي يقف بجوار أحمد خارج البوابة الحديدية و قد بدا عليه المفاجئة مثلها.. جذبت ملك من ذراعها و هي تهمس لها بغضب:انتي مقولتليش ليه انه يحيي جاي؟
رفعت ملك كتفيها و هي تجيب ببرود:انا زيي زيك مكنتش اعرف..تلاقيه أحمد جابه عشان اتحرج زيي.
في حين كان يحيي يرمق أحمد بنظرات غاضبة:يسطا ايه السخافة دي انت ازاي متقوليش!
رد احمد متسائلاً ببرود:و انت ايه اللي ضايقك!.. مش دي صاحبتك؟
اتسعت عينان يحيي بغضب و هو يرد بنبرة حادة:متستعبطش يا احمد.. انت مخليني استأذن من شغلي ساعة عشان خروجة تضايقني و تبسطك !
لاحظ أحمد الفتاتان و هما يتقدمان نحوهما فرد:ربنا ما يجيب ضيقه فك انت و انت هتنبسط.. و اهدي بقا عشان جم.

كانت فريدة تسير بجوار ملك في المول التجاري و هما يسخران من الملابس العارية المعروضة و يسير أحمد مع يحيي خلفهما.. أدار أحمد وجهه ليحيي و هو يقول:افرد ام وشك دا متبقاش غم.
رمقه يحيي بنظرة حادة قبل أن يدير وجهه للجهة الأخري..تقدم أحمد خطوات ليخطف ملك من فريدة و يسير معها بعيداً:اما في واحد بيعمل ايس كريم هنا حكاية.
وجدت فريدة نفسها عالقة مع يحيي الذي ضم يديه خلف ظهره و رفع رأسه بثبات و علي وجهه نظرة حادة غاضبة نحو أحمد الذي رحل بعيداً بملك.. ألتفتت فريدة و أخذت تسير بين المتاجر و المقاهي بلا هدف.. بدأت تشعر بالملل و الاختناق و خاصة بعدما وجدته يتبعها بصمت.. استدارت له و قالت بسخرية:هو انت هتفضل ماشي ورايا كدا اكني جايبه بادي جارد!
رد يحيي ببساطة:تقريباً احمد جابني عشان كدا..بس لو مضايقك ممكن امشي.
نظر لها ببرود بينما هي صمتت و هي تنظر في وجهه بغيظ..تفاجئت بقطة صغيرة تسير بجوار الحائط بخوف فأسرعت نحوها و أخذت تمسح عليها:يخلاسي..انتي دخلتي هنا ازاي؟
اخذت تداعب القطة قبل ان تحملها و تلتفت ليحيي و سرعان ما تراجع خطوات للخلف بفزع.. فهي تعلم جيداً بمدي خوفه من القطط و الفئران و الكلاب و كل حيوان يسير علي يديه..رفعت القطة بجوار وجهها و هي تقول لتستفزه:جميلة اوي مش كدا.
بدأ يفقد أعصابه فقال بأمر:فريدة نزليها.
ابتسمت ابتسامة بادرة و هي تقول بسخرية:معقولة بادي جارد مش عارف يحميني من قطة؟
اتسعت ابتسامتها ببرود بينما هو بدأ يتشايط غضباً..قاطعهما صوت أحمد ينادي عن بعد فأنتبها نحوه..كان يخبرهما بأنهما سيلعبان إحدي الألعاب المرحة فأسرعت فريدة:هلعب معاكم انا كمان.
نظروا نحو يحيي الذي سأله أحمد:و انت مش جاي؟
حرك يحيي يده بالنفي:لالا انا هستناكم هنا.
نظر له أحمد بلوم قبل أن تجذبه ملك:يلا الكراسي بتتملي.
وقف يحيي عن بعد يضم ذراعيه و مازال علي وجهه تلك النظرات الحادة العابسة و كأنه علي وشك أن يتعارك.. بدأت تلك المكينة بالتحرك و هي تدور حول نفسها و بدأ يري الزعر علي وجوه رفاقه و هم يصرخون تارة و يضحكون تارة فبدأ يهدأ تدريجياً و عقله يسترخي.. اخذ يضحك عليهم مثلما يضحكون تماماً.. و لكن تلك الفتاة التي كانت تقهقه بسعادة غامرة جعلته يتوقف عن الضحك و يناظرها بحب.. و كأنه يري ابتسامتها لأول مرة.. صوت ضحكتها المميز من بين الجميع جعل قلبه يخفق بشدة.. تميل برأسها و هي تغمض عينيها و تضحك بسعادة و كأن قلبها لم يبكي من قبل و تعود لتتشبث في مقعدها بهلع كطفلتك عندما تأخذها لمدينة الألعاب..شرد بها لدقائق معدودة فقد اشتاق لرؤيتها و قضاء الوقت معها.. سمع صوت أنثوي بجواره يقول:جميلة مش كدا؟
أدار وجهه نحو السيدة الأربعينة التي كانت ترتدي ملابس انيقة راقية.. نظر لها بدهشة فهو لا يدري من أين ظهرت فجأة بينما هي اردفت و هي شاردة في ابنتها العفوية:يوم ما حكتلي عنك كانت اول مرة اشوفها مبسوطة..كانت بتسرح و عنيها بتلمع أكنها امتلكت اجمل حاجة ف الدنيا.
ابتلع لعابه بصعوبة و هو يستمع لكلماتها قبل أن تدير وجهها نحوه و تردف:انا مستعدة اعمل اي حاجة عشان اشوفها مبسوطة بنفس الطريقة دي دايماً.. انت قدمتلها حاجات انا مقدرتش اقدمهالها.. وبشكرك من قلبي علي دا.
بادر يحيي بنبرة حزينة مكتومة:بس انا مبقتش موجود ف حياتها..و معدش ينفع أرجع.
ردت هي:متبقاش زي اللي طبخ اكلة حلوة و قام ف الاخر كب عليها الملح كله.
لم يفهم جملتها فأبتسمت ابتسامة هادئة و هي تربت علي كتفه:انت قطعت مسافة صعبة ف طريقك ليها..أنك أسلمت.
حملت كف يده بين يديها و هي تردف بنظرة أقرب للترجي:يبقي تديها فرصة تاخد بإيدك و تكمل معاك الطريق.

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن