|١٠|

133 7 0
                                    

لا تدري كم ساعة مرت ولكنها لم تمل بعد.. تجلس علي أحدي الأرصفة بجوار مبني منزلهم في أنتظار عودته كالأم التي تجلس مشتاقة لعودة أبنها.. و لكن علاقتهما كانت مختلفة.. إنها ليست صديقة عرفها عبر مواقع التواصل الاجتماعي قط.. ولكن بينهما العديد من المشاعر الأخوية و ذكريات ماضية سعيدة كانت أم سيئة فقد مرا بكل شيء معاً..و سيمران مجدداً من تلك الضغينة التي تؤلم قلبه.. بدأ النعاس يغلبها و هي تحاول المقاومة.. أغلقت عينيها و هي تسند رأسها إلي ركبتيها حتي سمعت صوت خطوات بالقرب منها.. رفعت رأسها بلهفة نحوه فلم تجد سوي وجه شاب يكتم دموعه في عينيه و ينظر لها بإنكسار.. ساعدها علي النهوض فلمست وجهه بكفيها و نظرت له بشفقة قبل أن تجده يرتمي في احضانها.. شعرت بالإحراج لأنهما في الشارع و لكنها حمدت الله ان الوقت متأخر و الشارع لا يقتظ بالناس.. مسحت علي ظهره و هي تواسيه و تسمع صوت شهقاته المكتومة أثر بكائه.. ابتعد و مسح دموعه و هو يقول:شكراً انك استنتيني.
حاولت أن تلطف من ضغط الموقف:دا انا كنت هستناك ع القمة هناك.
ضحك بخفة لتنادي بدون مقدمات:امشررررووع.
دفعها بلطف و هو يضحك كثيراً:خلاص هتصحي الجيران.
جذبته من يده و هي تقول:طب يلا بقا نطلع نناملنا ساعتين قبل الأمتحان.

حاول تحريكه و هو غارقاً في نومه عدة مرات مردداً:عبدالرحمن.. ي عبده اصحي الامتحان هيفوتك.
صاح عبد الرحمن و هو يدفن رأسه في الوسادة:قولتلكم مش رايح ف حته سبوني و امشوا بقا.
خرج عمار من الغرفة و أغلق بابها و نظر لفريدة التي وقفت امام الباب:مش راضي يقوم.
بادرت سمر و هي ترتدي حذائها:خلاص ي جماعه سبوه علي راحته و انا هعرف اتصرفله ف ورقته زي ما عملنا قبل كدا.

عاد الرفاق الخمسة و هم يسيرون بجوار بعضهم البعض في الشارع الواسع و يتثرثرون معاً.. ألقوا السلام علي صبي المقهي و أدار وجهه سريعاً سرعان ما لمح الفتيات ثم ألقوا السلام علي العم سيد.. سرعان ما سمع عبدالرحمن صوت خطواتهم علي الدرج مسح دموعه سريعاً و عاد ليدفن رأسه في الوسادة..دخل عمار و يحيي ليطمئنا عليه و لكنهما وجداه في تلك الحالة.. بدلا ملابسهما ثم خرجا للفتيات:معقول لسه نايم كل دا؟
ردت عائشة:تلاقيه ي حبه عيني منمش طول الليل من خنقته.
لوح يحيي بيده:ما خلاص مكنتش اول و لا اخر بنت ف الدنيا يعني.
لتقول فريدة:دي حاجه اسمها المشاعر ي عديم المشاعر.
جذبها من ملابسها قائلاً:طب انجري قدامي عشان نعمل الغدا.
نظرت له بتعالي و هي تقول:الاه! مش المكرونة بتاعتي معجنة؟
رد يحيي وهو يسير خلفها نحو المطبخ:اهي احسن من مكرونة سمر.. تقريباً بتنسي تسلوقها.
نادته سمر:وبعدين معاك ي بن جرجس هقوملك.

السكون يعم المنزل و الجميع في نوم عميق عدا سمر التي تغير و وضعيتها كل دقيقة و هي لا تشعر بالارتياح أو النعاس رغم تثاوبها المستمر.. ربما يوجد ما يؤرق عقلها و يشغل قلبها.. فتحت باب غرفتها لتجد في امامها من يؤرق عقلها.. ذلك الشاب الذي يجلس في الشرفة يستند إلى سورها و شارداً في السماء.. خطت نحو الشرفة بخطوات خافتة كي لا تقلق رفاقها.. انتبه لها عبدالرحمن ثم نهض و أدار ظهره عنها.. اقتربت منه و هي تقول برفق:انت زمانك مكلتش حاجه طول اليوم.
لم يرد لتردف:انا هخش اسخنلك تاك..
قاطعها قائلاً دون أن يستدير:ادخلي نامي ي سمر مش عايز اكل.
ردت سمر:مينفعش ي عبدالرحمن انت مكلتش حاجه من امبارح و تقريباً نايم اليوم كله.
ألتفت لها و قال منفعلاً:قولتلك خشي نامي ي سمر!
انهي جملته ليكبر مأذن صلاة الفجر عبر مكبر الصوت ليستغفر الله بصوت خافت بينما هي بادرت:هخش انام.. بس تعالي نصلي الاول.
نظر لوجهها الذي تبسم بأمل و هي لم تيأس من أسلوبه معها بعد..
وضعت سجادة الصلاة خاصتها خلفه ثم وضعت حجاب رأسها.. بدأ الصلاة كإمام بها و كان يتلو أيات قرأنية ثقيلة في نطقها و حفظها و لكنها قريبة من قلبه.. تعجبت بداخلها فكانت تظن أنه أبن الطبقة الراقية خريج المدارس الخاصة التي لا تهتم سوي باللغات الاجنبية.. ولكنه يحفظ تلك الأيات أيضاً.. كان صوته يرتجف و هو يتلو و كأنه يكتم بكائه و لكنها كانت تشعر بقلبه و تتمني لو أن يسمح لها أن تواسيه و تشاركه حزنه و لكن قرر أن ينعزل حتي عن جامعته.. انهي الصلاة ثم تنفس بعمق.. شعر بالارتياح و الطمأنينة يملئان قلبه.. أدار وجهه نحوها فكانت تجلس فوق سجادتها تنظر له بترقب و علي وجهها ابتسامة حنونة.. تبسم هو الأخر قائلاً:شكراً.
نهض و حمل السجادة ليطويها ببنما هي خلعت حجابها قائلة بحماس:هخش بقا اعملك تاكل.
رد و هو يعود للشرفة مجدداً:تصبحي علي خير ي سمر.
فهمت قصده و انطفي حماسها لتعود لغرفتها مجدداً و محاولاتها للنوم..

أحمق في بيتيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن